مـروان ارزيـقـاتغادر الحياة...فودَّعته الحياة...
يقفُ الرّجلُ على مشارفِ الحياة مودِّعاً ، يحملُ في يده بقايا الأملِ الذي رغب في تحقيقه ، تفيضُ عيناه بالدّموعِ المتساقطةِ على وجهه ، ينظرُ بانكسارٍ إلى تفاصيلِ جسدِ الحياة ، يحدِّقُ إلى جمال الثَّوبِ الذي ترتديه ، يدقّقُ النّظرَ في عيْنيها الجميلتينِ الساحرتيْن ، هزَّةٌ عنيفةٌ تجتاحُ روحَه ، يودِّعُ الحياةَ قائلاً : أيّتها الحياة التي عشتُها ولم أعرف ملامحَها ، إليكِ يا من ملأتِ القلبَ حزناً وألماً ، أعلنُ استقالتي من الحياة ...
يديرُ الرّجلُ المثقلُ بالأوجاعِ ظهرَه ؛ ليبدأ الرّحيلَ في طريقِ اللاعودة ، يسمعُ صوتَ الحياة يستوقفُه : انتظرْ يا سيّدي... ما بالكَ سريع الانفعال ، وهل تعتقدُ أنّني أقبلُ استقالتَك بهذه السّهولة ؟؟ لقد عهدتّكَ يا نبضي وفيّاً صادقاً ، فلا أستطيعُ الاستمْرار والبقاءَ دونكَ سيّدي ...
غريبةٌ أنتِ أيّتُها الحياة !! إنْ أقبلَ إليكِ الإنسانُ الوفيُّ أعرضّتِ عنه ، وإنْ أعطاكِ قلْبَه متأمّلاً رددّته متألّماً ، يأتيكِ بيديْ المملوءتيْن حبّاً تأخذينَ كلَّ شيء ويعودُ صفراً...
تنهَّدَ الرّجلُ وفي همٍّ كبير ، كيفَ لي البقاءُ وأنت من أغلقَ الأبوابَ في وجهي ، وسكبْتِ الخيْبةَ في قلبي ، وأحرقْتِ كلماتي ، وصادرتِ لغتي...؟؟
إنّها الحياةُ تريده ولا يريدُها ، تعترفُ به في آخر لحظة ، تمدُّ يدَها لهذا الرّجلِ على استحياء ، تعطيه الذّكريات ، لتكونَ له زاداً في عالمٍ آخر ، ولكنْ ما نفْعُ الذّكرياتِ والحقيقةُ تطمسُ حلاوتََها لمْ يعدْ هناكَ جدوى من هذا الحوار ، يلملمُ الرّجلُ بقاياه وأنفاسَه ، يسلّمُ على الحياةِ يهديها قلبَه نابضاً بكلِّ معاني الحبِّ والوفاء ، يرتفعُ ببصرِه إلى الفضاء ، وبدأ يمشي الهُويْنى...
وهكذا غادرَ الرَّجلُ الحياةَ معتذراً فغادرَتْه الحياة...