|
في حانة العصر لا في حانة البارِ |
آتي إليك ذليلا بين أطماري |
يا ساقي الخمرِ لا تبخل علي بها |
فإنها اليوم تشفي كل أوضاري |
صبرت عنها سنينا كلّ مصطبَرٍ |
وحدت عنها مسيراً كلَّ أسفاري |
وما وردتُ لها باراً ولا شفتي |
ذاقت لماها ولا ترياقها الساري |
كم صمت عنها وندماني أخو ثقة |
وكم زهدت بها والصحب سماري |
أو غادة منحتني سحر نظرتها |
وما درتْ أن قلبي قلب جبارِ |
وكم تلاهيت عنها وهي مقبلة |
تُدنى إلي دنوّ الوحي للغارِ |
واليوم أبحث عنها وهي نائيةٌ |
وأنت تحجب عني نبعها الجاري |
يا ساقي الخمر هب لي كاسة رقصت |
في القلب منها نجوم النور والنارِ |
إذا احتسيت رضابا من مراشفها |
تفرقت كخطوط الكفّ أكداري |
لعلني حين أهوي في غيابتها |
ألوي عن العصر أسماعي وأبصاري |
وأستريح من الدنيا وعامرها |
من العباد ومن أهلي ومن جاري |
فلا أعانق أحضانا تمزقني |
منها العيون بأنياب وأظفار |
ولا أصافح كفا غير طاهرة |
مُدّتْ ملطخةً بالزيت والقار |
ولا أبالي أأصحابي ضمائرهم |
قدت من الصخر أم من شوك صبّارِ |
أو أصبحوا مثل أشجار ممردة |
من الزجاج بلا ظل وأثمارِ |
يا ساقي الخمر ساقي غير واهنة |
ولن تمل وقوفي عتبة الدارِ |
اسكب عليّ من الكرْم التي شرقت |
بها دنانك واقتل صحو أفكاري |
كي تشرق الشمس في همي ويمطرني |
غيم النجوم بوبل منه هدارِ |
أو فاسقني شربة إمّا أحس بها |
جوفي تجفّل واستغمى عن الطاري |
فلا أحس بظلم من ذوي رحمٍ |
ولا أحس بإيذاء من الجارِ |
وأرتمي بين مصباح ومئذنة |
ونخلة وكتاب تحت أنظاري |