و
ومرت الأيام مسـرعة حثيثة الخطى تتجه به منحدرة نحو الهـاويه , لا يردها عقل عاقل ولا ضمير حكيم , حاول خجـلا في بداياته ان يوقف تهورهـا وسـرعة انحدارها ولكنها أصبحت ككرة الثلج كلما مضى عليه وقت اطول كلما ازداد تسارعها وسرعة انحدارها , حتى بدا له أنه ما من أحد يسـتطيع مقاومتها وكبح جماح تهورها .
فقد سـيطرته على نفسـه وفقد قدرته على التحكم في مسـيرة يومه , حاول جاهدا التحكم في الجزء الأبيض المتبقي من نفسه عله يستطيع مقاومة سواد تفكيره , ولكنه لم يستطع , لقد فقد السيطرة على كل شيء , كره نفسه تمنى لو يستطيع العودة الى الوراء , اتجه بكل حواسـه وتفكيره الى كل مـا من شـأنه ان يوصله الى النهايه ، الى الهاويه ، ولكنه كلما ازداد قسـوة على نفسـه ازداد بعداً عن النهاية وكلما ازداد ظلماً لنفسـه ازداد قرباً من للشيطان
اصبح شغله الشاغل مزيدا من الغرق في الظلمات والمحرمات وحرق آخر المراكب التي تخرجه من انحداره الآثم وعودته الى جلدة الصواب
جرب كل الآفات والمحرمات ، اصطدم اثناء انهياره بكلمة كبيرة وجدها في أحد بيوت الله قادته اليها قدماه بالصدفة والحياء . لم يكن قد التفت اليها طوال حياته ، ارتطم بها بقوة عاتية , اعادت اليه تلك الكلمه جزءا من وعيه المفقود ، واوقفت سرعة انحداره .
حاول قراءتها ، تذكر انه نسـي القراءه ، تمنى لو لم يقـف ولكن لا سـبيل من محاولة التذكر ومحاولة القراءه .استجمع كل ما بقي لديه من تفكير، وبعد جهد وجهاد كبيرين حللها , أعاد تهجأتها تلك الكلمة الكبيرة ، كانت (( الله ))
تسـاءل من هو الله ؟ ماذا يسـتطيع ان يفعل ؟ بحث في زوايا ذاكرته وفي الجزء المهمل منها وجد ان لها أثرا منزرعـا في قرارة نفسـه ، بحث عن مكوناتها ، وجد هذه الكلمة في مواقع كثيرة ولكنها مهملة منذ زمن بعيـد (( الله احد)) و (( لا اله الا الله )) وغيره كثير .
تيقن أن " الله " في كل مكان وفي كل شيء ، وقبل كل شيء ، وبعد كل شـيء ، وامام كل شـيء ، وخلف كل شيء , وفوق كل شيء ، وتحت كل شيء ، وجدها تملؤ ذاكـرته ، استرجع كل جملة ورد فيها ذكر (( الله )) وصـار مع كل تذكـر يرتقي ، وشيئا فشـيئا وصل القمة ، ومع " لا اله الا الله " تجاوز القمة ... الى ما فوق القمة... " لا اله الا الله .