على أبواب القدس
على أبواب بلدتنا
أمام مصانع الموت
تُحرِّق وجهنا الشمسُ
وخنزيرٌ يعربد في حقائبنا
ويزرعنا طوابيرا طوابيرا
أمام غروره نُصلب
يبعثر في كرامتنا
ويصفع كل من يرغب
هنا بربوع مقدسنا
تواريخٌ لنا تُشطب
هنا وأمام صعلوكٍ
دموع العين نازفةٌ
وجرح القلب لا ينضب
على أبواب بلدتنا
هنا بنعال موتورٍ
تُداس عمائم العُربِ
ويُقتل حلمنا جهراً
ويشكو نكسة الحربِ
هنا وأمام أغرابٍ
نعيش حقارة الكلبِ
تغور جراحنا فينا
ولا نحكي
تنوح الطير حانيةً على صلبي
تهب الريح عاتيةً من الغضبِ
ويصرخ صوت مئذنتي
ويشكو قسوة القيدِ
ويلعن كل من عبدوا
عبيد القد والنهدِ
هنا وأمام (محسوم ٍ)
وقفت كسائلٍ تعسِ
ذبلت كعود ريحانٍ
بلا ماءٍ ولا شمسِ
كطيرٍ لم يجد عشاً
بناه بأدمع البؤسِ
كظمآنٍ بصحراءٍ
يظلله غمام الهم والنحسِ
على أبواب بلدتنا
هناك ومن على بعدٍ
بطرف العين ألمحها
كتبر الشمس صخرتنا
هناك بيوت أجدادي
تذوب بجوف ثعبانِ
ويرتع في روابينا
ويجني خير بستاني
على أكتاف بلدتنا
هناك تلوح أبنيةٌ
كأنياب لشيطانِ
هناك تغوص أحلامي
بطين الذل والوحلِ
هناك يموت خلاَّني
على مهلٍ على مهلِ
هناك أرى بيادرنا
تكلِّل هامة التلِّ
يدق القلب مشتاقاًً
يكاد يطير خفاقاً
على عَجلٍ على عجلِ
يعانق ثغر مسجدنا
فأذبح بعد ثانيةٍ
على أصوات (محسومٍ)
يصيح بنا وفي غضبٍ
لبيتك عد ولا تجلِ
يقول لنا بغطرسةٍ
مساجدكم
كنائسكم
كرامتكم
بأيدينا
فأنتم لا يحق لكم
عبور الحاجز الأحمر
هنا في الشمس نصلبكم
هنا في الثلج نجلدكم
فإنا نملك المفتاحَ
والتصريح والمعبرْ
على أبواب بلدتنا
تهبُّ رياح ماضينا
وتحرق كل حاضرنا
وتحكي قصة المجدِ
أكاسرةٌ
أباطرةٌ
لسيف رسولنا سجدوا
وذلت عزة الرومِ
ودانت هامة الأسدِ
بيرموكٍ وحطينٍ وجالوتٍ
شموس النصر قد سطعت
من الشرقِ
من الغربِ
أبادت زمرة الجندِ
أعادت عرس مسجدنا
أذابت شعلة الوجدِ
على أبواب بلدتنا
هنا غنت سواقينا
ومن زيتون زيتوني
ترعرع جدنا الأكبر
هنا مرت جحافلنا
هنا جَرَّاحُ قد عسكر
على أبواب بلدتنا
تكردس جيشنا يوماً
وساق جيوش جنكيزٍ
وحول القدس قد كبَّر
هنا بدروب بلدتنا
أسود العاص قد عبرت
مقابرهم
تضيء روابي القدسِ
مآذنهم
بأعلى التل قد شمخت
مزارعهم
بعطر الروض في الربوات
قد عبقت
هنا أسياف خطابٍ
بهام القدس قد لمعت
هنا زأرت خيول صلاح
رأس الذئب قد حصدت
على أبواب بلدتنا
وخلف مصانع الموتِ
أشم روائح الريحان والعنبر
هنا أهلي
هنا بظلال كرمتنا
هنا بجوار صخرتنا
هنا زرعوا
هنا حصدوا
هنا رتعوا
هنا سجدوا
هنا حزنوا
هنا سعدوا
هنا عاشوا
هنا ماتوا
هنا فرشوا تلال القدس
بالزيتون والزعتر
هنا سالت مدامعهم
هنا كدت سواعدهم
هنا مزجت دماء جراحهم
بالعشب والطينِ
هنا صلى بمسجدنا
نبي الله
وزان كواكب الدينِ
على أبواب بلدتنا
سمعت الرب من أعلى
يناديني
يصب النور في قلبي
يواسيني
ويشفيني
سمعت المسجد الأقصى
يبشرني
بأن القدس مسلمةٌ
وفي يومٍ
سنحصد كل سنبلةٍ
بسيف الحق والدينِ
على أبواب بلدتنا
هنا وأمام (محسومٍ)
وقفت أمام سجاني
بلا خوفٍ ولا وجلِ
وصحت بصوت إيماني
يقول كتابنا أمراً
بأن القدس في يومٍ
ستصحو بين أحضاني
فلا تعجب
لأجل القدسِ
لا أشكو ولا أتعبْ
ولن أعتبْ
إذا احترقت روابينا
إذا ضاعت أمانينا
على أعتاب مسجدنا
إذا أدمت
دروب الشوك أرجلنا
وشاخت من سيول الدمعِ
أعيننا
فلن أعتبْ
إذا الإعصار مزقني
وصبَّ البوم بركاناً
على جسدي
فلن أرهبْ
لأجل القدسِ
هان الصعب والمطلبْ
أنا من فر من قهرٍ إلى قهرِ
كما الجاني
أفتش عن بقايا العمرِ
بين موائد العُربِ
أنا من عاش
كل حقارة الحربِ
فقدت بذور أحلامي
على أعتاب سكرانٍ
يبيع الأرض بالكرسي والحبِ
ويرمي بالملايين
على أذيال ساقطةٍٍ من الغربِِ
وقدسي في دجى السجنِ
تلوك مرارة العشبِ
لأجل القدسِ
أسكنت الأسى قلبي
كبرت بصحبة الآهاتِ
في وادٍ من الشوكِ
بلا أهلٍ ولا صحبِ
هجرت مقاعد الدرسِ
حرقت ملابس العيدِ
وأنغام الأناشيدِ
وعشت براءة الأطفالِ
بين مخالب الذئبِ
هتاف المدفع الرشاشِ
يطربني
ويحملني
ويوقفني أمام صواعق الموتِ
بلا خوفٍ ولا رهبِ
فأمطرهم
مساميري
جنازيري وأحجاري
أطاردهم بلا كللٍ ولا تعبِ
لأجل القدسِ
في سفرٍ
سلكت الدرب في حب وإيمانِ
وسلمت الردى نفسي
وصرت أتون بركانٍ
يُحرِّق قلب سجانٍ
جنى أرضي
سبى عرضي
وأحرق فرحتي دوماً
وهشَّم حلم سيقاني
لأجل القدسِ
يا قدسي أنا آتٍ
كزلزالٍ كبركانِ
أنا آت إلى خديكِ
أسقي حقل ريحاني
أنا آتٍ
أكحِّل من عبير القدسِ
أجفاني
أنا آتٍ
لزيتوني ورماني
أنا آتٍ
أعيد الشمس مشرقةً
بغيطاني
أنا آتٍ
وطفلي سوف يعمرها
وينشق ورد بستاني
شعر/عبد الكريم العسولي
محسوم/ كلمة عبرية تعني الحاجز