في زمن تعتم فيه العقل, وأصبح الجهل نور والعلم عار , دخلت من السور , إنه فعل أخلاقي وجدت فيه راحتي,بعده دخلت القسم فوجدت الأستاذ نائم يحدث الشخير ,التلاميذ منتبهون, الكتب تقرأ نفسها بنفسها ,تتوقف ,كلما وجدت خطأ, ودخل المدير , رمق الجدار بنظرة حنين, كتب في الصبورة _ ما الأدب؟ _ , بسرعة أجاب التلاميذ _فيلسوف _ , رد المدبر _شاعر _ والأستاذ يتلو قصائده على نغمة الشخير , دخل السفير من النافدة , أعني النائب وصفع المدير ورمق التلاميذ بنظرة تلوح في الأفق , إنه فيلسوف يا أحبائي , وجلس المدير يصنع زفرات من شدة البكاء...
إنه لمنظر فظيع , التلاميذ حفاة أقدامهم ويضحكون ثارة فيما بينهم , ويسخرون من بعضهم من شدة الجروح والألام والأنين القصير , متأتية من الأرجل الحافية , ويشعرون بالعطش , بعدها الجوع , ورحل المدير ورحل السفير, أعني النائب... واستفاق الأستاذ , وانتهى الدرس ... هل من سؤال ؟ ... ودق الجرس ورحل الجميع .. كنا في عطلة ,دامت من أواخر الخريف حتى أواخر الربيع , وفجأة حل الصيف, وكنا في حجرة الدرس والشمس قرب الباب وياله من حريق, الأستاذ والمعطف والمظلة , إنه المطر يا أولادي ...والطاولات تحدث الضجيج بأظافر التلاميذ , لقد نام الأستاذ مرة ثانية , أو يكون قد مات يا ترى ؟ سؤال حير التلاميذ , لأنه لايحدث شعر الشخير , تحدث تلميذ _ إنه حي فقط درس اليوم شخير النثر وهو نوع صامت , فالشعر رقص والنثر مشي ...وتشققت الصبورة , وسربت ملحا كثيفا , كان السبب طبشورة الحجارة وسؤال المدير وغضب السفير وأظافر التلاميذ.
نبس الجدار وتساءل _هل أنا في المغرب أم مدريد ؟_ وإحتقر الجدار وحدث التلاميذ الصمت , صمت ثقيل وكئيب وسكبت أصابع أرجل التلاميذ دموعا من دم ونار , إنه لمنظر فظيع ومذقع ومرير وغريب, وهرولت مسرعا نحو أربعة أبواب , باب القسم , باب الاستراحة , باب ما قبل الخروج , وباب الخروج , لقد كنت في سجن ولعمري جربت الأبواب ولعمري أحسست بهذاالشعور المريب, والتفت قصد معرفة المزيد , بعدما تشرفت بمعرفة الأبواب, فوجدت معنى قريب بل اسما على مسمى لمؤسستي منقوشا في رخام , ألا وهو _مؤسسة حمام المعرفة_ وشجنت أشعارا بأسلوب ركيك , ونزلت على ركبتي وفتحت حاسوبي المحمول , وشرعت أبحث عن شعار مؤسستي , فوجدت شيئا غني ومعقد ومركب ألا وهو _ مرحبا إذا أردت أن تكون كائنا أخر _ , وشعرت بدغدغة قميصي لي فنزعته ووجدت وشما في صدري مفاده _كائن قيد الانجاز_
تمت