أدب الحُب :
الفصل الثاني ,
همسة :
الماء والندى قطراتٌ من سلسبيل .
وبعضٌ من الأغصان الجافة ارتوت من شجر الصبار .
(1)
الوهم دائماً يحظى بمكان لكنهُ غالباً يحظى بالمكان الخاطئ , فتسقط أوراق الشك على جنبات الحقيقة دوماً !
حين يتسلل الحُب خفية إلى الآماد البعيدة والقريبة يحاصرنا بوجه من نُحب , لكن الأوجهُ تكتسحنا في وضح
النهار ...
في شوارع قلبي حينها تحطمت كل مصابيح الليل لتُشرق هي المكان لتظل هي المكان ,,
ففي كل يومٍ أرنوا إلى مشارف عينيها لأراني ما زلتُ في مركب خلودي ,فمن غيري يطوي قلبهُ كل يوم
من تلك المشارف خشية السقوط الذي هو أصلاً مستحيل ,,
ترجمة وفلسفة اللحظة تكون كبراءة الورقة البيضاء ,, الملطخة بنصوصنا ,, دون إحالة منها لمعرفة ما كتب
فيها , ويا لنا من أوراقٍ بيضاء .
كيف يعصفُ الحُب بها .
(2)
إنها آخر اللحظات حينما تكون في طريقكَ لمقابلة من تحب حين تجتاحُكَ أعاصير اللهفة ستدرك وقتها أنهُ لم يعد
للحظة مكان , أنَاكَ الرحيلُ إليها هو كل ما تبقى لك ,, وما لم يرحل منكَ بعد .
من على شرفة الوقت تطلُ مستعجلاً بأوج قواك التي نزفتها للزمن .. حينما تصل إليها ستعرف مجدداً ما معنى
الحب .
كل القنابل تفجرها أمامك إلا قنبلة الحب تنفجرُ بك ..؟؟
(3)
• ليت الحُب في هذا العالم ينتصر*
هكذا قال عماد رامي في روايتهِ البحث عن إمرأة مفقودة .. ليؤجج ناراً اخرى ويوقد حسرة, لينتشلنا إلى أفقٍ
آخر من بين مرايا الليل ,, نكتسحُ الفجر بأمسية من آلام الذكريات حيثُ لا شيء تُذكيهِ رياح الصبح إلا الحُب
فيظل ليومٍ آخر .. وهكذا ؟؟
ومع هذا عقاربُ الساعة ودقات القلب يرقصان بنا معاً ..
(4)
همسُ الغروب حين نحبو على مشارف لحظاتهِ نستبقُ أنفاسهُ ونستنشق آخر حشرجات اليوم المتصلبة في رئة
النهار .. فيغلق الليل على صندوق الشمس الذهبي ويظل الحُب مشرق في قلوبنا رغم الولوج ..
لليلُ بداياتهُ التي تعصفُ ومخاوفهُ التي ترعب .. وآهاتهُ التي تزلزلُ بالعالم ليهجع إلى النوم .. فينام العالم ؟؟
ونأتي نحن !! بشمس الحُب ونبدأ أرق جديد ,, نغدو خفافيشً من بشر ,, ونعمرُ ممالكً من السهر
حتى آخر ساعة في الليل غيهب أرواحنا الوسن , لنلتقي على سحابة من حنين تمطرُ بنا أشواقاً
فيأتي الفلق ويطوي كل هذا لنهجع إلى النوم .. بطمأنينة .
(5)
نحو ذاك المنحدر ذهبتُ لألحق بها وأنا أحمل آخر ما تبقى مني , وعجلات السيارة كالعادة تدور بنا شمالاً
إلى أعلى الجبل وهناك شيءٌ ما يقودني كالبوصلة من جانبي الأيسر وأهمهم :
حنانيك إني على المنحدر
أذود القدر..
لتحيا الأماني ويبقى الهوى
أجوب الزمان الحزين
وأتلو العبر..
فراشة عمري الحزين
لقد طال ليل الكدر
فأين الوميض..
وأين المطر..؟
أحس بأن الحياة اللهيب
وأني أذوب..
ولا عيش للروح بين البشر..
احس بحزن الحياة
وبرد الشتاء..
صقيعا على كاهلي ينهمر
فأحمل صخرة هذا الزمان
إلى قمة المستحيل.
ولكنها تنحدر!!
فما السر ..
سر الحياة؟!
سؤال على طول هذا السفر..
وسر البداية..سر العبور..
وسر انقطاع المطر؟!
سؤال يؤرق عمري الحزين
لماذا المسير؟ّ!!
وما المستقر؟!!
يا لقول محمد حين يأخذني في رحاب منحدري ويا للمنحدر كيف لا يغدر بي وهو ملتوي كأفعى
لكن ما ضر عاشقٌ لذعهُ وهو ذاهبٌ إلى كنف الروح
إلى سدرة الحُب حيثُ تنتظر محبوبته ..
أوا عجبي
وكيف لا أعجبُ لحالي .
(6)
الطريق الترابي مملوءٌ بالحفر يذكرني دوماً بدربي في الحُب تنزلق عجلة السيارة على جَنَبْ فأذكر أني كدتُ
أنزلق ذات مرة .. لكن السائق كان يقيل راكبً آخر ..!
وصلتُ بعد طول إنتظار إلى ينبوع آهاتي أرتشفُ فرحة اللقاء , ولا أظنني سألقاها كالصورة القديمة
فالصورة القديمة يتأملها صاحبها .. فتأمليني ببطء لعلي أكون أنا ..
وصلتُ لألوذ بالصمت حتى لا يتمادى قلبي مرةً أخرى رغم شحوب الحاضرين
ذوو الأوجه القروية تأملتها في مخيلتي طويلاً بجمال الريف فلم أعد أدري أيهما يحتوي الآخر ؟؟
فقد كانت تتمايل بنا عجلات السيارة وسط الأودية كمشط يتمايل في خصال شعرها ..
أفقتُ من كل هذياني حين توقفت السيارة جوار منزلنا القديم
فأغفلتني خطواتي لأجد نفسي أمامها ,, مغلفٌ بالوحشة,, ها قد جئتُ لننزف معاً ..
(7)
أخيراً وصلتُ للمجهول لأخفف آهاتي ,, حضنتُ الباب أحمل آخر نفحات يومي
سأشدو من عنفوان ما قد مضى ,, كم هو العمر بسيط ليأخذ منا أجمل ما وارتهُ قلوبنا بفراقٍ أليم
ألملم توازني وأطرق الباب ,, أخطر مني وادخل خفية أفتش من في الدار
أعود إلي مجدداً وأطرق الباب ., لتوقفني اللحظة باباً آخر أمام الباب الخشبي القديم
الذي هو نقلة نوعية .. دخلتُ وكلي أسى من ما مضى لأزداد ألماً حينما لا تكون في إنتظاري
لقد كانت في البستان المجاور ..!!
يتبع ,,