شَبْرَا.. أَمَرَا.. شمس.. نجوم.."
ساحة واسعة، أرضيتها مربعة الشكل، بالطباشير رُسمت على أرضيتها الصلبة أشكال طفولية، طفلة دائرية الوجه، تحمل في يديها سلة، السلة بها حلوى وزهور، .. ثمة أصوات طفولية تنطلق، وأياد صغيرة كثيرة، تشير إلى الرسوم ببراءة.. جميلة.. جميلة.. رائعة...
إنها "ليلى"، ذاهبة إلى جدتها...
هيا ارسمي الذئب يا "حنان"، ولا تنسي الشال الذي ترتديه "ليلى"..، إنه أحمر، تتصايح الصغيرات بأعلى ما لديهن...
******
إنها المعلمة "عليَّة "، سوف تشكونا للمديرة، ولن تسامحنا هذه المرة. تصايحت الصغيرات بفوضى عالية، مزعجة، وهن يندفعن بعضهن خلف بعض. كانت المعلمة غاضبة، وهي تصرخ في عصبية مشيرة بيديها إلى الأشكال، مَن رسم هذه؟
وجه طفلة بريء، يتجاوز جسدها، يقف أمامها، مطأطئاً للأرض، عيناها خائفتان، كقطة صغيرة أخافها سقوط المطر، فوقفت حائرة، وفي عينيها آلاف الأسئلة التائهة.
ـ أنا آسفة.. آسف.. ة معلمتي.. سامحيني
ـ للمرة المليون تكررين نفس المشكلة يا "حنان".
ـ سوف تُعاقبين على فعلتك أيتها الشيطانة الصغيرة.
******
غرفة باردة.. بلا أثاث.. تمتد بلا نهاية.. برودة غريبة تجتاح أعماقها.. تحتضن دميتها بقوة.. تنفلت الدمية من بين يديها.. تسقط الدمية على الأرض.. تلتقطها مرعوبة.. وأنفاسها تتسارع بنبضات خائفة.. قدم تدوس الدمية، تتحطم تحت وطأتها. بعينين خائفتين تختطف يداها بقايا الدمية، .. تحتضن رأسها المحطم إلى صدرها الصغير..
ـ لم أكن أقصد، سامحيني يا عمتي، لن أكررها أبدا...
ينطلق نحيبها عاليا.. تلتصق بالجدار أكثر.. تدفن رأسها بين ركبتيها.. تصرخ..
******
شبرا ..
أَمَرَا ...
شمس ..
نجوم ..
تتقافز الصغيرات في مرح ونشاط ..
أين "ليلى" يا "حنان"؟ أنقذيها من الذئب سوف يأكلها؟ ..لا أعرف، أين هي؟
أين "ليلى" يا أمي؟ لم لا تلعب معنا؟..
أمس كانت تلعب معنا، نجري، نتقافز، نضحك، نأكل..
تخبرنا عن جدتها، عن حكاياتها، وعن شالها الأحمر، وسلتها المملوءة بالخبز والكعك، أين رحلت يا أماه؟
******
شبرا.. أَمَرَا.. شمس.. نجوم.. تتصايح الصغيرات بأصواتهن المزعجة في ساحة المدرسة، وهن يلعبن في مرح طفولي.
أين "حنان" يا بنات؟
رحلت إلى "ليلى" حيث جدتها، لا.. ربما إلى أمها، ولكن في النهاية سوف يأكلها الذئب؟ أخبروها ألا تذهب حتى لا يلتهمها الذئب؟
صوت صارم، يجعل التلميذات يتوقفن عن اللعب، إنها المديرة، وجه عابس، ونظارة طبية، تحملق في الطالبات بنظرة قاسية، تصوّب نظرة تلو الأخرى، والصغيرات ينكمشن في أماكنهن.
"حنان" غادرت المدرسة دون رجعة، عليكن التزام الهدوء، وإلا...
وقع كلامها عليهن كالصاعقة، فظللن يرمقنها بشرود فاضح...
******
وفي الفسحة، يعود الصوت بنفس الرتابة، يتصاعد، يعلو ثم ينخفض، وبإيقاع واحد:
شبرا ...
أَمَرَا ...
شمس ..
نجوم ..
الصغيرات يتصايحن، يرسمن على أرضية المدرسة شكلا جميلا، فتاة مرتدية فستانا جميلا، وبجوارها ساحرة، الساحرة في يدها عصا، تحركها، وهي تبتسم ..، بينما تقف خلفها عربة من اليقطين..
تلتف الطالبات حولها بفضول..
ـ مَن هذه؟
يتسابقن في ذلك..
والأصوات الصغيرة ترتفع، لتتمازج مع أصوات المعلمات العالية، الغاضبة..
ـــــــــــ
* شبرا.. أَمَرَا (قمرا) .. شمس.. نجوم.. كواكب.. مراكب: لعبة شعبية معروفة لدى الأطفال في دولة الإمارات، وبخاصة الفتيات الصغيرات، اللواتي يرددنها في أثناء اللعب (في لعبة نط الحبل).