في الأونة الأخيرة شهدت الدراما السورية تطوراً من الناحية التقنية.
شمل وسائل الأنتاج وأدوات الأخراج وأشكال الممثلين الهوليودية.
أستورد القائمون عليها أحدث التقنيات الأوربية والأمريكية.
واضعون نصب أعينهم أنتشار وأستفحال الدراما التجارية.
التي لا هدف لها سوى نفخ الجيوب المثقوبة.
وإثارة المشاهدين بدغدغة غرائزهم المكبوتة.
عندما أستوردوا كل مستلزمات الدراما,من أسلاك الكاميرات إلى هواء الأستديوهات.
أستعاروا معها أيضاً الأفكار والنصوص والسيناريوهات.
عملاً بالمثل القائل(عصفور وخيطه).
ثم عصروها وهصروها وأنزلوها غصباً في العباءة العربية.
لتأتي نسخاً مشوهة تثير الأشمئزاز كراقصة أربعينية.
فهذا ممثل خمسيني يتقمص دور الروميو المحبوب.
تترامى تحت قدميه النساء وتستعصي عليه شقراء لعوب.
وممثل أخر ينجو في نهاية المسلسل من عقاب جريمته.
بعد أن أغوى النساء ودس الحشيش للرجال وقتل عشيق زوجته.
وسفاح ثالث يفلت من يد العدلة لأنه بطل في لعبة التايكوندو.
مذكراً إيانا بأفلام الثمانينات ل جان بول بلمندو.
ويبدوا أن عدوى الروميو أستفحلت في أوساط الممثلين.
فراحوا يثبتوا _لأنفسهم أولاً_بأنهم مازالوا شباناً وسيمين.
يبحثون بين أفلام_البورنو_الفرنسية التي طواها الزمان.
عن نصوص ترضي نزواتهم وتجدد شبابهم وتخرجهم من دائرة النسيان.
بعد كل ما يقدم من هلوسات وتفاهات.
يصرح القائمون على الدراما في اللقائات والندوات.
إن الدراما هي المرأة التي تعكس واقع المجتمع.
ولا أحد يدري عن أي مجتمع يتحدثون.
ولا إلى أية مرأة ينظرون.
قد يكونوا صادقين,فهم في أوساطهم المخملية منعزلين.
يعانون من طق البراغي ودق الأسافين,فبلوغ القمة لا يكون إلا على أكتاف الأخرين.
لكن هذا لا يبرر لهم إسقاط بيئتهم الخاصة,على المجتمع عامة.
إن الدراما السورية لا علاقة لها من بعيد أو من قريب بواقعها.
فقد طلقها الواقع منذ أن بدأت تحسب ألف حساب لأرباحها.
أختلقت الدراما السورية مجتمعاً خيالياً خاصاً بها.
ليرضي شططها ويفسح لخيالها ويتسع لأبداعها.
فمواهب الممثلين وعبقرية المخرجين وبراعة المنتجين.
أكبر من أن يتحملها مجتمع صغير كالمجتمع السوري.
فليس فيه جرائم كاملة ولا عصابات عاملة ولا فضائح شاملة ولا حتى روميو أسطوري.
فأضطروا لهذا الأجراء حباً بالإطراء وطريقاً للأثراء.
فما دام القائمون على الدراما السورية يتخيلون أن مجتمعهم كذلك.
فهو إن شاء الله_بفضل جهودهم_سيكون ذلك.
وسيحقق فن الدراما هدفه النبيل.
في نفخ جيوب العاملين عليها وأبناء السبيل.