إليه تمرُ نخيليَ الرُطَبُ ..
أحب أن ألقاك دوماً بفستاني الأبيض، والذي زخرفته لي ذات يومٍ بقصائدك المعتقّة بنبيذ روحي، وشفاهي، أحب أن أرتجل قصائداً تغازل فيك الشوق وأن بعيدٌ عنّي..أريد أن أركب بحر حبنا الذي طالما غرفنا منه الوجد وأمنياتنا الصغيرة والتي علقناها على سُحبٍ أمطرت ليالي عشقٍ دافئة، وأنجبت منّا أمطاراً غطّت كل قلوب العشاق.
أريد حين ألقاك أن أتمدد على عرش قلبك قبل أن تحتضنني وتضمنّي بين طيّات أناملك الملائكية، يارجلاً ما أحببتُ في الكونِ سواه، وما زرعتُ ورود حبي إلا على أرضه المبللة بأمطاره الدافئة الغزيرة.. أنت يا ابن روحي، ويا طفلا لم يلده رحِمي، حين أراك أريد أن أعيدكَ الى داخل أحشائي من جديد، وألدُك برحلةِ مخاضٍ كلّ آهةٍ فيها تمطرُ مني حنيناً للقائك، أهرب، ألهث، وأواري صدري المتقطع بأنفاسي المتعبة من أصوات أنينك، أنت أيها المتعملق فوق أسوار قلبي، تتربّع دوماً بين أفياء ذاكرتي، ومهما تجاهلتُ صوتك الدافئ، تعمّقت صرختكَ داخل أعشاش روحي، تنادي بيت حبنا الذي ماعادت تدوي فيها اليوم الا بيوت عناكبٍ، طالما انتظرت رحيلنا، لترقص على أوتار أوجاعنا وتصفق لبعدنا أكثر وأكثر..
أنت أيها الحاكم دوماً أنني المذنبة وأنني الطاعنة، وتعلم بنفسك علم اليقين أنني المذبوحة على مدار السنين.. أنني تلك الأنثى التي عشقتك كما الأسماك تتنفس في بحركَ الهواءَ، تتمركز دوماً بين مسامات جرحي، وترشّ دمي بملحٍ باردٍ تطعن به وفائي لكَ، ومعاناتي دوماً ببعدك وبعدي عنك..
أنت أيها المغرور بحبي لك، أَ ماعدت تكتب اليّ الا لأن تجرحني؟. وما عدت تقرأ لي إلا لتبتسم شامتاً، بأنك استطعت نسياني، وأنني ما زلتُ أبحث عن عطرك الموشوم بين شرايين أمسي وحاضري..!
لا ياحبيبي المغرور، لن تسكت اليوم لكَ سفنِ وفائي، ولن أتركَ خنجرك المسمومِ يدخل أحشائي، فما عاد فيه متسّع للطعنات، إليك اليوم روحي بين يديكَ، فافعل بها ما شأت، وهات سكينكَ المجنون، واقتل به حاضري إن استطعت، فمهما فعلتَ، لن أقول لك كم أحببتك، وكم ما زلتُ أحبك، ساصمتُ ومدّ أنتَ عشَرَكَ على صدري، واستمع إلى أنغامِ نبضي وهو يحشرج باسمك دون لحظةِ سكونٍ.
إنني الآن أسقط من عليائي، لأقع بين حدائق جنّتك، تنتظرك عناقيد شوقي، لتلتقطها وتعتصر منها الشوق كله، وتشرب منها هنيئاً مريئا، يا تمرَ نخيلي، أنا مااستخرجتك من روحي، الا لتحميني من غدر هذا الزمان، ولنهناً أنا وأنت برطبٍ مذاقه سكّر حبنا وعصيره شراب الوفاء، فتعال كما خلقك الله لي دوماً، سحابةً بيضاء، تحمي رُطبي وتقيني رياح الخريف !
منى الخالدي
19_04_2010