باب تأويل كلامٍ من كلامِ الناس مُستعملٍ
1- يقولون : ( حَلَبَ فُلاَنٌ الدَّهْرَ أشْطُرَه ) أي : مَرَّت عليه صُرُوفُهُ من خيره وشره ، وأصله من أخْلاَفِ الناقة ، ولها شَطْرَان : قَادِمَان وآخِرَان . فكل خِلْفَين شَطْر
2- ويقولون : ( ما بفلان طِرْق ) أي : ما به قُوّة . وأصل الطِّرْق الشحم ، فاستعير لمكان القوة ؛ لأن القوة أكثر ما تكون عنده.
3- ويقولون : ( ادْفَعُهُ إليهِ بِرُمَّته ) . وأصله أن رجلا دفع إلى رجل بعيراً بحَبْلٍ في عنقه . والرُّمَّة : الحبل البالي ، فقيل ذلك لكل مَنْ دفع شيئاً بجملته لم يحتبس منه شيئاً . يقول : ( ادْفَعه إليه برُمَّته ) أي : كُلَّهُ . وهذا المعنى أراد الأعشى في قوله للخَمَّار : فَقُلْتُ لَهُ هذِهِ هاتِهَا ... بِأَدْمَاءَ فِي حَبْلِ مُقْتَادِهَا
أي : بِعْنِي هذه الخمر بناقة برُمّتها.
4- ويقولون : ( ما به قَلَبَة ) . قال الفَرّاء : أصله من القُلاَب ، وهو داء يصيب الإبل . وزاد الأصمعي : يشتكي البعيرُ منه قَلْبَه ، فيموت من يومه . فقيل ذلك لكل سالم ليست به علة يُقَلّبُ لها ، فَيُنْظَر إليه . قال الراجز :
وَلَمْ يُقَلّبْ أرْضَهَا الْبَيْطَارُ ... وَلاَ لحبْلَيْهِ بِهَا حَبَارُ
الْحَبَارُ : الأثَرُ أي : لم يقلِّب قوائمها من علة بها
وقد كان بعضهم يقول في قولهم : ( ما به قَلَبة ) أي : ما به حَوَل ، قال أبو محمد عبد الله : هذا هو الأصل ، ثم استعير لكل سالم ليست به آفة.