(يا خيمةً عربيةً)
يا خيمةً عربيَّةً
تَشْدُو بِصَوتِ الرُّوحِ في أَرْجَائِها
تَشْتَمُّ رَائِحَةً لأَجْدَادٍ مَضَوا بِسِيَاجِهَا
والرِّيحُ تَرْقُصُ مِنْ حَوَالَيهَا وَفِي جَنَبَاتِهَا
خَافَ الوَليدُ مِنَ الرِّيَاحْ
ضَمَّتْهُ أُمٌّ في فُؤَادٍ يَشْتَكِي فَقْدَ الحَبِيبِ
لقدْ أَتَى حَرْبَ البَسُوسِ فَمَاتَ في أَوصَابِهَا
لا عِيرَ يَطْلُبُهُ،، وَلَا جَمَلٌ لَهُ فيهَا و لا حِمْلٌ عَلَى أَقْتَابِهَا
وَمَلِيْحَةٌ بَدَوِيَّةٌ بِضَفِيرَتِيهَا تَحْتَمِي فِيهَا إِذَا
اشْتَدَّ الزَّمَانُ بِبَيْنِهَا وَشَقَائِهَا
والفَارِسُ العَرَبِيُّ مُرْتَبِكُ الهَوَى
حَارَتْ بهِ الخَيْلُ المُغِيرَةُ في دُرُوبِ رَجَائِهَا
أَيَكُونُ (قَيْسًا) يَكْتَوِي بِالعِشْقِ في صَحْرَائِهَا
يَمْشِي بِلَا خُفَّينِ أَشْعَثَ غَاضِبًا مُتَحَفِّزَا
فَغَدَا بِحَسْرَتِهِ ،، صَرِيع َحَيَاتِهَا
أَمْ أَنَّهُ لِلْغَرْبِ مُنْعَرِجُ الفُؤَادِ مُلَبِيَّا لِنَدَائِهَا:
يَا أَيُّهَا الشَّرْقِيُّ : كّنْ في العَاشِقِينَ كـ (رُمْيُو)
فلقد أَتَى ( جُولـِيتَ ) مِنْ خَلْفِ الجِدَارِ
بِوَرْدَةٍ حَمْرَاءَ حَتَّى يَسْتَمِيلَ فُؤَادَهَا
خَانَتْهُ أَلْفَاظُ الهَوَى
كَلَّا وَلَمْ يَأْتِ البَيَانُ بِحُبِّهَا
فَغَدَا بِحِكْمَتِهِ،، رَمِيمَ جِدَارِهَا
لَكِنَّهَا حُكْمُ المَعَاجِمِ إِذْ أَبَتْ إِلَّا بَأَنْ
تُضْفي عَلِيهَا حَرْفَ رَاءٍ مِثْلَ مَقْصَلَةٍ
تَجُزُّ النَفْسَ مِنْ أَودَاجِهَا
والفَارِسُ العَرَبِيُّ مَشْدُوهَ الخيالْ
والطّفْلُ مَلَّ مِنَ الحَيَاةِ وَشَابَ في لَأْوَائِهِا
وَ الأُمُّ غَابَتْ تَعْقِدُ الأَوثَاقَ في أَوتَادِهَا
وَالغَرْبُ يُسْعِفُهَا بِمَعْسُولِ الكَلَامِ
وَيَنْصِبُ الأَشْوَاكَ غَصْبًا
في فِنَاءِ بَقَائِهَا
يَا خَيْمَةً عَرَبِيَّةً
أَنْتِ الَملَاذُ لَنَا
إِ ذَا جَارَ الزَّمَانُ بِنَا
فَالقَومُ مُطْلٌ يَنْقِصُونَ بِأَرْضِنَا
وَمَحَابِرُ التَّارِيخِ تَكْتُبُ مَا رَأَتْهُ العَينُ ظَنًّا
وَاليَقِينُ بِصَفْحَةِ الشَّمْسِ التي هَامَتْ بِقَصَّةِ شَرْقِنَا
قَرَعَ الطُّبُولَ بِنَهْرِ دِجْلَةَ قَارِعَ النَّغَمَاتِ مَشْدَودَ الجَبِينْ
صَرَخَ النَّذِيرُ بِهِمْ: أَيَا أَهْلَ السَّوَادْ
هذَا أَمِيرُ المُؤْمِنِينْ
آتٍ إِليكُمْ بِالحَيَاةِ وَبِالحَنِينْ
هذَا هُوَ (المَنْصُورُ)
ابْنُ الأَكْرَمِينْ
نَصَبَ الخِيَامَ بِأَرْضِهَا
وَاسْتَنْبَتَ الإِيمَانَ فِيهَا لِلسِّنينْ
إذ قَالَ يَا قَومِي : هُنَا دَارُ السَّلَامِ
وَمَأْرِزُالنَّصْرِ المُبِينْ
بَغْدَادُ أَرْضُ الله نَبْنِيهَا لِأَهْلِ الله مَنْ يَمْرُرْ بِهَا
يَجِدِ الهَوَى فِيهَا كَأَجْمَلِ مَشْهَدٍ :
( عَيْنَانِ هَائِمَتَانِ في أَرْضِ الرَّصَافَةِ كَالنَّدَى
قَلْبٌ بِبَابِ الكَرْخِ مَسْلُوبُ الرؤَى
وَالجِسْرُ بَينَهُمَا مَتِينٌ لِلتَدَانِي وَالمُنَى )
بَغْدَادُ صَنْدُوقُ الهَوَى في الغَابِرِينْ
وَهِيَ الهَوَى لِلْعَابِرِين ْ
هِيِ قِصَّةُ العِشْقِ الوَحِيدَةْ
وَالشَّمْسُ تَرْوِيهَا بِصَوتِ الرِّيحِ مَرَّاتٍ عَدِيدَةْ
بَغْدَادُ رُغْمَ مَخَاوِفِ الأَيّــَّامِ تُشْرِقُ بِالهَوَى قِصَصَا جَدِيدَةْ
وَتَلُوذُ بِالحُبِّ العَمِيقِ بِخَيمَةٍ وَتَعُودُ تَصْرُخُ في الرِّيَاحْ :
يَا أَيـُّهَا العَرَبِيُّ:
إَنْ جَارَ الزَّمَانُ بكُم
وَالقَومُ مُطْلٌ يَنقِصُونَ بِأَرْضِكُم
فَهَنَاكَ خَيْمَتكُم تَشُمُّ عَبِيرَكُم
وَتَحِنُّ لِلصَّوتِ الذي تَشْدُو بِهِ أَرْوَاحَكُم
وَتَضُمّكم بِفُؤَادِهَا وَتَرَى رَبِيعَ خَيَالِكُم
فَالخَيْمَةُ العَرَبِيَّةُ البَيضَاءُ أَوفَى مِنْ سَلَامِ عَدُّوِكُم
.
.
.