....
...
..
.
عيونكِ خنجرٌ في الصدرِ
يطعنني وأحضنهُ
لعل الجرح يرميهِ إلى الأغرابْ
وأقبضهُ بتاريخي وأنزعهُ وراء البابْ
أخبئهُ بوسط النخلِ
أحميهِ بلا أسبابْ
سوى أني إذا ما جئتُ أرقبُ لوحةَ الأيامْ
سأذكر أنني قد كنتُ طول الأرض أعشقها
وأستر جرحيَ المزروعَ في صدري
وأنسى لحظة الإيمانِ حين تقابُلِ القلبينْ
بأنا قد تقاتلْنا صغارا في سفوح الغابْ
لأني كنتُ أعشقها
كطعم العيد حلوى في فم الأطفال
وأكبرُ دمعةً في العين ترميني إلى الأطلالْ
* *
عيونكِ من مساءِ الليل أرسمها
ألونها بلا ألوان
وكنتُ أحاولُ الإمتاعْ
ولكنّ الدموعَ لها سياجٌ يمنع الإبداع
عيونك ،، مخلبٌ للنسرِ،، يجرحني
ويشربُ من دمائي
ثم يهربُ في فضاءِ الله يهربُ نحو أعدائي
فلا أدري له عنوان
سأرسم حين أرسم لوحتي وطنا بلا أبوابْ :
ولكني نسيتُ الشكل في لغتي
نسيتُ الوجه والأحزانْ
* *
أهيم الآن في ركني
وأحشدُ كلَّ ذاكرتي لتسألني :
غريبٌ أنت في الميناءِ أم وعدٌ بلا ميعاد؟!
كريشتك التي حارتْ
فغاب المشهد الفضيًّ والذهبيُّ والأشجارْ
وغاب الحلم في عينيك والآمال والأقمارْ
ويأكل أخضر الأيام في رئتيك أفئدةً من الأوغاد
وذاكرتي ستصرخ من وراء البابْ:
أعيدي يا بلاد الله أمنيتي
أعيدي الآن أوردتي وشرْيَاني
أعيدي كلَّ ذاكرتي
فلا موتٌ سيبقى في تصاويري ولا ميلاد
أعيديني فإني قد أضيع بدربيَ المأفونِ
يرميني إلى خطرٍ ويتركني وحيدا لا
أرى أفْقَا يعيد العشق في دربي ولا أحبابْ
* *
سأرسم أي شيءٍ في مهبِ الريحْ
فيا عين الهوى مهلا ،،، أعيديني
فهذا الطفل في خَلَدِيْ يُعذبُني
ويشقى بي
لديه اليتم في جنبيه
ونَظْرَاتٌ تصارعُ شهوةَ الأوهام في عينيه
لديه الجرح يحمله على كتفَيْه
يناجيني
لأرسم دمعةً صفراء من زمنٍ تثور
وارسم أمه الحسناء صامتة تبور
تعاشر غيمة مرت وتندب حظها في بيتها المهجور
ويجلدها الهجير المر مذ عادتْ وتجلس في زوايا العشقِ
تنتظر البساط لرحلة الأحلام في زمن العبور
ووالدهُ يغرد في بلاد الغدر يعشق ألف حسناء
ولكن من يكون لبيته المغمور
* *
دواتي الآن ترمقني
أعيديني
فعينيك التي لا زلت أرقبها تصارعني
وألواني يصارع بعضها بعضا
ولا زالت مواكبنا
تخبئ نفسها زمنا مع الأعراب
تسير بألف صحراء قوافلنا
بها ظمأٌ وأناتٌ ورملٌ يملأ الأنفاسَ والأوداجْ
بها غدرُ الدليلِ ،، وأنةُ المحتاجْ
بها تلك العجوزُ تراقب الريح التي لا تحفظ الأسرار :
وترجوني
لأرسم قصة الأنفال والأرض اليباب
وارسم في غياباتِ الزمانِ المرِّ قارونا
لديهِ المال محمولا على الأكتافْ
وأرسمها مع الفقراء تجمع من رصيف الموتِ
أمواجا من الماء السرابْ
فقارون الذي في كفه الجنات يمنعهم رغيف العيشِ
يمنعهم كساءً منذ آلافٍ من الآلامْ
يحاصرهم
ويرميهم بسهم الغدر والأحلافْ .
* *
سأرسم أيَّ شيءٍ يجمع الأشتات والأضدادْ
فذاك الساحلُ المسجونُ يلهو في منافي الغارْ
وفي أكواخهِ رجلٌ حكيمٌ من بياضِ الفكرِ و الأنوارْ
يُقَلِّبُ أوْرُقا صفراء مزقها المغولُ وفي يديه العارْ
تَلَفَّتَ حولهُ ثم انثنى للأرض قَبَّلَها وقال بسرهِ غضِبا :
لترسم ساحلي أبدا بهِ علمٌ يقينيٌ
وفيه العقل منحدرٌ كطفلٍ من سفوحِ الغابةِ الخضراءِ
مرتجلا حكايتَهُ
لديهِ الحكمةُ الكبرى ويمنعها عن الإنسان يمنحهُ غوايتَهُ
يَشِبُّ الطفل مغرورا ومتشحا خيانتَهُ
لقد جاءته أنواري،
ويحرمني لكي لا أستعيد النورَ في عقلي
و يسلبُ نطفةً للشمس قد زُرِعُتْ بها أرضي
وها أنذا وراء الغيب منبوذا أصارع نكبة الأسوارْ
**
وكيف الآن ارسمها
وعينيها التي لا زلت أعشقها وأعشقها وأعشقها ،، تصارعني
أراها الآن خافيةً ولا أدري لها وجها ولا شكلا
تعاقر خمرةً للغدر في أرضي وتحرمني
فلا جبلا أعاشرها ولا سهلا
أأرسمها وحسناءٌ من الأمصار قد دخلت إلى قلمي
بعينيها عرفت بأنني قد كنت أعرفها
وتصرخ يا ربيع النار:
أ ترسمني ؟!!
أريك الآن ما أُخْفِيهِ من جسدي
هنا (هامان) يرفع رايةً للعشق مزهوا بلا إحساسْ
هنا (الإسكندر) الهمجيُّ يرفع رايةً أخرى
ويرتقب السبيل يقول : كلا لا مساسْ
هنا (سيزيفُ) يحمل صخرةً كبرى
يغرد في فؤادي مذْ تصارعْنا بأرضي في سفوح الغابْ
ولكني أراه الآن محبوسا وراء البابْ
لترسمني
كطيرٍ كان في قفصٍ من الألماسْ
وكان الباب مفتوحا بلا حراسْ
فيهرب من منافي القصر مسرورا
ويغدو في بلاد الله أمنية بلا عنوان
* *
وها أنذا أكون الماءَ والحبرَ الذي في مدِّهِ جزرٌ
وفي جزرِ اليقينِ الشكُ والأوهامْ
وها أنذا أصير الطين والصلصال مَلْقِيّا على أرض الجمال أرتب الأفكارْ
يبعثرها الذي في الظهر يطعنني ويغدر بي
فلا رأيٌ يسليني ولا أصحاب
وتلك اللوحة البيضاء خلف الغيم ملقاةٌ أمام جدارْ
تظن بأن ريشتيَ التي طاشتَ هيَ السيف الذي في حده موتٌ لها
وأنا أسير الدار
وما تدري بأني رغم قسوتها أخبئ ألف ذاكرةٍ
وأحمل ألف شاديةٍ
تغرد فيك يا عيني
سأرسمها مع الأفلاك راحلةً إلى ما شاءتِ الأقدارْ
ولكني إذا ما شئتُ أجعلُها تعودُ إليَّ من أقصى خيالاتي
من الوشم الذي قد دُقَّ في كتفي
من التذكارْ
..
..
..
..