فُتِحَ بابُ غرفةِ النوم بقوةٍ، وفي حركةٍ غير عادية بدأ الأطفالُ الثلاثةُ يجْرون في اتجاهاتٍ تَقاطعتْ وتوازت ... تسارعت حركةُ أرجلِهِمْ وخفتَتْ ثم هدأت واختفى أثرُهُم ...
منظرٌ غريبٌ لأطفالٍ لم يتجاوزْ عُمْرُ أكبرِهِمْ الثامنةَ، وقد استوطن الذعرُ كلَّ تفاصيلهم...
في زاويةٍ مخفيةٍ غيرَ بعيدةٍ عنهم، ، تحاول امرأةٌ التظاهرَ بوضعِ إبريقٍ على وابورِ غازٍ ...
صمتٌ رهيبٌ حل بالمكان قبل أن يخترقَهُ صوتٌ مثل الرعد: يونس يونس ... ألم أعلِّمْك الصمتَ عندما أكون نائما...أين أنت أيها الوحش يا...يا....
وتتالت عباراتُ الشتمِ والسبِّ واختلط صوتُهُ بصدى كسرِ بعضِ الأدواتِ المنزليةِ، ممّا جعل الطفلَ يخرج وَجِلا كمَنْ يتفادى ضربةً قاضيةً قادمةً: أبي واللهِ فَعلْنا بالضَّبْطِ ما ...
صفعةٌ قويةٌ تسْتَقِرُّ على خدٍّ أَسيلٍ، يترنَّحُ الطفلُ ويقَعُ أرضاً ويخترقُ أنينُهُ المختلطُ بنَحيبِ شقيقَيْهِ تلك الزاويةَ٠٠٠ ومع ذلك لا ضوءَ يشِعُّ مِن هنالِكَ...
لم يثْنِ الرجلَ صراخُ الصغارِ وهلعُهُمْ؛ بل واصل صياحَهُ وهو يجوبُ أرجاءَ البيتِ ـوقد استبدَّ به السُّعارُـ كمنْ يبحثُ عن شيءٍ ضائعٍ..
دخل المطبخَ فارتسمتْ علاماتُ الرضا على وجهه وكأنه نال نصرا مبينا، امتدتْ يدُه الطويلةُ إلى شَعرِ المرأةِ وجذبها بقوةٍ وأخذ يلطمُ وجهَهَا ثم يركلُها بطريقةٍ عشوائيةٍ وهي تكبتُ وجعَها وتخنقُ أنفاسَها خشيةَ أن يأتيَ الأطفالُ ويُصدَموا مِنْ ذلك المنظرِ البئيسِ ....
رنَّ جرسُ الباب فتوقَّفَ عن رفسِها ِليَسألَها باستنكار: من يتجرأ على المجيء في مثل هذا الوقت؟؟
قالت بهدوء: ربما أحدُ أصدقائِك الذين تأخرتَ عنْ موْعِدِكَ المهمِّ معهم.
لقد نسي أنه طلب من الصغار بالأمسِ أن يوقِظوهُ على الساعةِ السادسة مساءً وأكَّد عليْهِم إِنْ أبَى الاستيقاظ، مثل العادة، أنْ يجرِّبُوا اللعِبَ بصوتٍ مرتفعٍ على غيرِ العادةِ.