انتشار الإسلام في ألمانيا دوافعه ومعناه؟
بقلم خالص جلبي
اعتناق الإسلام خلف الحياة النقية الروحية التي يمارسها المحامي (Nils von Bergner 36 y) في مكتبه في هامبورغ، حيث يقوم للصلاة خمس مرات في اليوم، ولا تفارق مكتبه سجادة الصلاة، التي ظهر عليها في الصورة خاشعا ضارعا.
وبالطبع فقد جاءته الانتقادات، من (بودو شرودر Bodo Schroeder) الذي استفتح تعليقه بأنه قبل كل شيء أمام دهشة غير مفهومة، أن يغير أحدا دينه للإسلام؟ ليتمتع بمثل هذه الصرامة، ولا غرابة فهناك من يتمتع بأن يضربه آخرون؟؟
ومما ذكرت المجلة أن بيرجنر يعمل في مكتب محاماة مع تركي مسلم هو (علي أوزكان Ali Oezkan)، ولكن المسلمين الذين ولدوا بالوراثة ليسوا مثل من اعتنق الإسلام، فهم أقرب إلى الليبرالية، فأما التركي المسلم فهو يرافق (بيرجنر) للصلاة، ولكن في الدعوات الليلة للعشاء، لا يتورع عن معاقرة الخمرة، أما بيرجنر فهو لا يتناول الكحول، ولا يمد يده لطعام مشبوه، ويريد أن ينبت لحمه من حلال..
والغرب ليس كله جنة، ومما أتذكر العدوى الروحية التي أصابتني أثناء مكثي الطويل في ألمانيا، من نوبة الاكتئاب مع نهاية يوم الأحد بعد العصر، ونحن نستعد لاستقبال الاثنين يوم العمل للأسبوع القادم، ولم أكن أفهم السر حتى قرأت عن متلازمة عطلة نهاية الأسبوع، أن أحلاها يوم الجمعة بعد الظهر مع استقبال العطلة، فيكون المرء في القمة، وأسوأها مع نهاية العطلة أي يوم الأحد بعد العصر، وهي ظاهرة ليست بهذه الحدة عندنا، مع الاستقبال والتوديع للعطلة.
فهذه من أمراض العصر، حيث الحضارة الصناعية.
وهذه النظرة مهمة أن يفهم الإنسان الحضارة الغربية، بصورة (الاستفادة) أكثر من (الافتتان)، ونحن من عشنا فيها، وأصبحنا أعضاء فيها بعد أن حصلت الجنسية الكندية فعائلتي هناك على نحو دائم، ، نعرفها أكثر بكثير، ممن يكتب عنها زائرا أو سائحا.
وعندما يعلن (لوير) إسلامه؛ فهو في الحقيقة، يقوم بعملية انسلاخ عميقة، عن الحضارة التي نشأ فيها، وتعمد وغذي وربي، ثم أعلن طلاقه منها ثلاثا، إلى درجة أن غير اسمه فأصبح (كاي علي رشيد لوير)، وكذلك زوجته فأصبح اسمها (كاترين عائشة لوير)، وهذا التحول أصبح له عندهم سنتان ونصف، وهو يصلي حاليا باللغة العربية ويدعو بلسان الضاد، وهي عملية أقرب للاختناق لواحد ألماني، في نطق الحاء والعين.
ومن الملفت للنظر أن المعتنقين للإسلام، كانوا فيما سبق في حدود 300 شخصا في العام جلّهم من النساء، أما اليوم فقد بدأ الرقم يتضاعف أربع مرات، وبين الجنسية والأكاديميين، وبالنسبة إلى (محمد هيرسوج Herzog)، الذي كان بالأصل واعظا دينيا في الكنيسة البروتستانتية، وتحول إلى الإسلام عام 1979م وهي أربع سنوات، بعد دخولي ألمانيا للتخصص الطبي، فقد أصبح إماما في برلين، ويذكر عن جماعته أن عدد معتنقي الإسلام في تضاعف كل سنة، والمغاربة في فرنسا قالوا لي، أنه ما من أسبوع إلا و(زوز) أي اثنين من الفرنسيين يعتنقون الإسلام.
وفي كندا كنت أجلس لمعتنقي الإسلام لأفهم دوافعهم الخفية، فتبين لي أن خلفها في كثير من الأحيان الضياع الأسري.
وحسب (جيفري لانج) الأمريكي الذي اعتنق الإسلام، وهو أستاذ الرياضيات وكتب كتابي (الصراع من أجل الإيمان) و(حتى الملائكة تسأل)، والأول أكثر من رائع، فهو يصف حالة الإلحاد التي عاشها أنها لا تطاق.
وممن أعرف في فرنسا السيدة (آن دالمر) التي كان صديق ادريس المهدي ينتظرني كي تعلن إسلامها بحضوري، وسألتني هل تخبر أبويها بإسلامها؟ قلت لها ليعرفوا ذلك من خلال تبدلك العميق وبرك الهائل لهما، فالإسلام قيم، كما يقول الطبيب الألماني (لوير) وليس صراعا مذهبيا مقرفا كما نرى في العالم العربي؟
وفي ايطاليا وصل عدد المسلمين إلى مليون بعد أن كانوا عشرة آلاف وعدد الطليان بقي كما هو خمسون مليونا.
والمهم ليس إسلام من أسلم، ولكن أن يحسن إسلامه، وفي الحديث خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، وإلا فلن يكونوا أكثر من زيادة عدد، حيث المسلمون لا ينقصهم عدد، ولكنهم غثاء كغثاء السيل..