معارضة شعرية
دكتور : عثمان قدري مكانسي
في يوم الأربعاء الواقع في الرابع عشر من شهر أيار " مايو " من عام سبعة وتسعين وتسمئة وألف للميلاد احتفى مجلس آباء طلاب ثانوية دبي – في الإمارات العربية المتحدة – بانتهاء العام الدراسي وتكريم المدرسين في استراحة الشيخ زايد بن سلطان رئيس دولة الإمارات الراحل ::: فألقيت هذه القصيدة ، وجعلتها بعنوان :
" ترحيب "
الحمـد للـه الرفـيـع الشـانِ === وسـلام ربـي لـلنـبي العــدنــانِ
وعليـكـمُ مني السـلامُ أُزفـّه === يـا إخــوة الإســلام والإيـمــانِ
جمعٌ لطيف ، فيه أنس رائق === فـي فـَيء قصر ثابـت الأركانِ
أرجو الهناءة والسعادة دائماً === لولـيّـه تـتــرى عـلى الأزمـان
ولكمْ - أحبّائي - عظيمُ مودّةٍ === فلأنـتـمُ دفءُ النسـيـم الحـانـي
أيـامـُنـا تحيـا بـكم َمـزْهُـوّةً === تختال في روض الوصال الداني
يا ما أُحَيْلى العيشَ في بستانكم === قد ماج بالأرواح ... والَّريْحـان
منهمْ أبو حمزٍ، لطيفٌ سمتُه (1) === وخـذِ الهـدى من شيخنـا التتّـان (2)
وأبو حسين لا يُهاود لحظةً (3) === ملأ الـمـكـان بلـَهْـوِه الـفـنّــــانِ
وأبو زياد حِبـُّنـا ، وأميـرُنـا (4) === والـقَ الدّماثـةَ مـن أبي سـفيـانِ (5)
وابنُ المعرّي شامةٌ .. وتألُّقٌ (6) === والكـل روضٌ مثـمـرُ الأفـنــانِ
أما المدير الحلْوُ فالحلوُ الذي (7) === زان المـكـان بـوجـهـه الريّــانِ
وسرورُنا أدبٌ فسبحان الذي (8) === وهـبَ العبــادَ مراتبَ الإحسـان
وأبو الميامن جاسمٌ إلْفُ الرضا === قــد كـرّم الـمـولى بـه إنسـانـي ( 9)
ماذا أقولُ وصالحٌ والخضر والـ === ـجـمع الكريـمُ شـقائـقُ النعـمانِ( 10)
أناإن ذكرْتُ البعضَ في أُغرودتي === فـالـلـهُ يـشهــدُ أنـكـم إخـوانـي
شـكراً لكم يا من جمعتُم شملَـنا === مِـن دون مـدرسـةٍ ولا وِلْــدانِ
ودَعَوْتمونا في الخمائل نَجْـتـَني === بكـرَ الطبيعـةِ في هـدوءٍ هـانِي
فجـزاكُـمُ ربّي النعـيـمَ بفـضلـهِ === ولْتسـلمـوا لأخيـكُـمُ ... عثمـانِ
******
إضاءة : الأساتذة الذين ذكرتهم كلهم من ثانوية دبي.
1- الأستاذ سيد سيف النصر : مدرس للغة العربية من مصر ، اسكندراني لطيف المعشر، يعشق اللغة العربية وهو مدرس ناجح في عمله.
2- الأستاذ الشيخ عبد الكريم التتّان : مدرس للغة العربية وداعية ناجح الأسلوب سوري من حماة ، له كتاب في التوحيد مشهور التداول " شرح جوهرة التوحيد " .
3- الدكتور طلال درويش : مدرس للغة العربية كنا معاً في دراستنا للدكتوراه في آذربيجان ، شاعر مجيد له قصائد في موقع أدباء الشام.
4- الأستاذ عبد الله أبو طه : كان مدرسنا الأول في المدرسة ، شهم ظريف.
5- الأستاذ عبد اللطيف الشولي : مدرس للغة العربية ، وتاجر ماهر ، دائم الابتسام، لطيف المعشر.
6- الدكتور محمد المعراوي : سوري من دير عطية من أعمال دمشق ، يمتاز بالشهامة ، وعلوّ الهمّة .
7- الأستاذ عبد الله الحلو : مدير المدرسة من الإمارات ، ذكي وذو شخصية قوية ، وإداري ناجح ، لا تفارق الابتسامة محياه.
8- الأستاذ محمد سرور من الأمارات إداري كان نائب المدير ، لطيف مع إخوانه المدرسين .
9- الأستاذ الحبيب جاسم الدوري : مدرس التربية الإسلامية من العراق ، قليل أمثاله ، ولا أزكي على الله أحداً ، عرفته منذ دخلت الإمارات رجلاً كريماً مفضالاً .
10- الدكتور صلاح صالح والأستاذ خضر : من فلسطين مدرسان للتربية الإسلامية مهذبان ، ُمحِبان ومحبوبان .
وفي اليوم التالي تقدم الدكتور محمد المعراوي بأدبه المعهود وبيده مظروف قدمه إليّ مشفوعاً بابتسامة لها معنىً ، فقمت مسلماً عليه .. ثم فتحت الرسالة فإذا فيها هذه الأبيات المعبرة عما جاش في نفسه من خواطر وعواطف حين سمع قصيدتي وكأنه شعر أن وصفي له بـ " الشامة " التي تجمّل الوجه لم يرتح له ، أو كأنه رأى في الشامة شيئاً لم أره ، وأن غيره نال من المديح ما كان هو به أولى ، أو هكذا ألمحَ :
يا أبا حسان : أحسنت البيانا
يا أبا حسانَ أحسـنتَ الـبيـانـا === فصدقت الوصفَ شرحاً أو بيانا
أنت فينـا قطـبُ خيـر واضحٍ === حـزتَ بالحـق أَمـاراتٍ حـِسـانـا
فجمعـتَ الخيـر مـن أركـانـه === ونطقـتَ الصدق قـولاً فاستبـانـا
وقـريضٍ مـثـلِ سحـرٍ ذِعْـتَـهُ === وهوى شعـرِك عطرٌ في هوانـا
وعـلى ذلــك قــلـبي عـاتــب === ما سوى الـودِّ إلى عَتب ٍ دعانـا
كيف أشكو من صديق صادقٍ === أنصفَ الأحـبـابَ طُرّاً وابتلانـا
قسّـمَ الجـنّـاتِ في أحـضانهـم === ودعـا الأطيـارَ شـدواً أو حـنانـا
جاء بالأنسـام تجـلـو غـمّـَهـم === فشـفـا الصحبَ نفـوساً ما شـفانـا!
ودعـاني شـامة في وسْـطهـم === ودعـاهـم ياسَــمـيـنـاً أو جُمـانـــا
يا أخي قـد قـلـتَ قـولاً طيـّبـاً === أنصف الإخـوانَ إنصافـاً سوانــا
لستُ أدري أمديحاً رُمتَ لي === أم تَـرى الشـامةَ لغـواً وامـتهـانـا
شيخُنا (1) في القلب يعلو قمّةً === وبحـقً كـــان يـنـبـوعــاً هـدانـــا
فـلمـاذا لـم تهَــبْــنــا جـانـبــاً === مـن هــداهُ نحـتـذيـهِ في خطـانــا؟
لو تـراني هائمـاً في حوضـه === وعلى سمت الهـدى سـرنا كلانـا!
كـنتَ تتـلـو للـرفــاق غُــرّةً === مـن قصيـدٍ شـعّ نـوراً في سمانـا
أبيضَ اللـون نـقيـّاً سـاطعــاً === وأنــا فــيــه ســوادٌ لا يـُـدانـى؟
إذ تراهم مثـلَ بستان الهـوى === فـلـتـرَ العـبـدَ الفـقـيـرَ أُقحـوانـا
يا صـديـقي لـك أجـر واحـدٌ === لاجتهـادٍ لـم يخِـبْ لكـنْ تـوانى
فاطلـب الفـوز بأجـرٍ شامـلٍ === بـقـوافٍ شــافـيـاتٍ ماعـنـانـــا
واغـتفـرْ ذنبَ القوافي عادلاً === أَتـْـبـِعِ القـولَ النـوايا والجَـنـانـا
عهـْدُنا فـيـك خـصال جـَمّـةٌ === مـِثـْلَ هـذا حظّـنـا في أن ترانـا
قـد قضينـا من عتابٍ لمْحَـةً === قـد شـفا الأحبابَ منّا ما شـفانـا
********
طلبت إلى الأخ الفاضل الدكتور محمد المعراوي " أبي أحمد " أن يقرأ قصيدته على الإخوة الحاضرين ليروا رأيهم قبل أن أدلي بدلوي ، فكان قولهم يؤيد ماذهبت إليه ... وعجبوا أن يفهم الأخ وصفي له على غير حقيقته ...
أمسكت بورقة ، والمدرسون ما زالوا في نقاشهم ، وبدأت أرسم بعض الأبيات التي جاءت عفو الخاطر في لحظات سريعة :
شامة أنت تضيء الوجه ، تمحو ما عنانا
شامة أنـت تشـيـع الأنـسَ حـبـاً في دنـانـا
شامة والمسلم المعـطـاء شمس في دنـانـا
أيـن منهـا ما دعـوتَ : ياسمـينـاً أقحـوانـا
نشرُهـا يُـذكي نفوساً ثم تَمْضي لا تَـَوانى
أين منها ما طلبتَ الوصفَ دُرّاً أو جمانا
إن في الإنسان معـنىً خالـداً بزّ الـزمانـا
قـال فـيـه سـيّـدُ السـادات يعــليـه مكـانـا:
أنـت يا مسـلـمُ نــورٌ يـملأ الـدنـيـا أمانــا
يـا أبـا أحمـدَ عـذراً إن تلعـثمـت بيــانـــا
أنت نبض في فـؤادي دفـقُـهُ الحلـُو هوانا
*******
فالمسلم شامة بين الناس كما ذكر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، وهو الخير للناس جميعاً والضياء والنور يهدي البشرية .