لاسم التفضيل أربعُ حالاتٍ: تجرُّدُه من "ألْ" والإضافة، واقترانُهُ بألْ، وإضافتهُ إلى معرفة، وإضافتهُ إلى نكرة.
(1) تجرده من "أل والإضافة"
إذا تجرَّد من "ألْ"، والإضافةِ فلا بُدَّ من إفراده وتذكيره في جميع أحواله، وأن تَتّصلَ به "من" الجارَّةُ جارَّةً للمفضَّلِ عليه، تقولُ: "خالدٌ أفضلُ من سعيد. وفاطمةٌ أفضلُ من سعادَ. وهذانِ أفضلُ من هذا. وهاتانِ أنفعُ من هاتين. والمجاهدون أفضل من القاعدين. والمتعلّماتُ أفضلُ من الجاهلات".
وقد تكون "من" مُقدَّرةً، كقوله تعالى: "والآخرةُ خير وأبقى" أي خيرٌ من الحياة الدنيا وأبقى منها، وقد اجتمع إثباتُها وحذُفها في قوله سبحانه: "أنا أكثر منك مالًا وأعز نفرًا"، أي وأعزُّ منك.
و "مِن" ومجرورها مع اسمِ التفضيل بمنزلة المضاف إليه من المضاف، فلا يجوزُ تقديمهما عليه كما لا يجوز تقديم المضاف إليه على المضاف، فلا يُقالُ: "من بكرٍ خالدٌ أفضل"، "ولا خالدٌ من بكر أفضلُ"، إلا إذا كان المجرورُ بها اسمَ استفهامٍ، أو مُضافًا إلى اسمِ استفهام فإنه يجبُ حينئذٍ تقديمُ "من" ومجرورها؛ لأن اسم الاستفهام لهُ صدرُ الكلام، مثلُ "ممّن أنت خيرٌ؟ ومن أيهم أنت أَولى بهذا؟ ومن فرسِ مَنْ فرسُكَ أسبَقُ؟"
وقد وردَ التقديمُ شُذودًا في غير الاستفهام، ومنه قولُ الشاعر:
إذا سايَرتْ أَسماءُ يومًا ظعِينَةً * فأسماءُ من تلكَ الظعِينَة أملَحُ
والأصلُ (فأسماءُ أملحُ من تلك الظّعينة)
إذا اقترن اسمُ التفضيل بِـ"ألْ" امتنع وصلُهُ بِـ "من"، ووجبت مُطابقتُهُ لِما قبله إفرادًا وتثنيةً وجمعًا وتذكيرًا وتأنيثًا، تقولُ "هو الأفضلُ، وهي الفُضلى. وهما الأفضلان. والفاطمتان هما الفُضليان. وهمُ الأفضلون. وهنّ الفُضلياتُ". وقد شذَّ وصلُهُ بِـ (من) في قول الشاعر:
ولسْتَ بالأَكْثرِ منهم حصًى * وإِنَّما العِزَّةُ للكاثرِ
إذا أضيفَ إلى نكرةٍ وجبَ إفرادُهُ وتذكيرُهُ وامتنعَ وصلُهُ بِـ(من)، تقولُ: "خالدٌ أفضلُ قائدٍ. وفاطمةُ أفضلُ امرأةٍ. وهذانِ أفضلُ رجلينِ. وهاتانِ أفضلُ امرأتينِ والمجاهدونَ أفضلُ رجالٍِ والمتعلِّماتُ أفضلُ نساءٍ".
إذا أُضيفَ اسمُ التفضيل إلى معرفةٍ امتنعَ وصلُه بِـ (من). وجازَ فيه وجهانِ إفرادهُ وتذكيره كالمضافِ إلى نكرة، ومطابقتُه لما قبله إفرادًا وتثنيةً وجمعًا وتذكيرًا وتأنيثًا كالمقترن بألْ.
وقد ورد الاستعمالانِ في القرآن الكريم؛ فمن استعماله غيرُ مُطابقٍ لما قبله قوله تعالى: {ولتجِدنَّهم أحرصَ الناسِ على حياةٍ}، ولم يقل: "أَحرصي الناسِ". ومن استعماله مُطابقًا قولُه: عزَّ وجلَّ "وكذلكَ جعلنا في كلِّ قريةٍ أكابرَ مُجرميها".
وقد اجتمعَ الاستعمالانِ في الحديث الشريف "ألا أُخبرُكمْ بأحبِّكمْ إليّ وأقرِبكمْ مني مجالسَ يوم القيامةِ، أحاسنُكمْ أخلاقًا، الموّطؤونَ أَكنافًا، الذينَ يألفونَ ويُؤْلفونَ".
ويقالُ: "عليٌّ أَفضلُ القوم، وهذان أفضلُ القوم وأفضلا القوم، وهؤلاء أفضلُ القوم وأفضلو القوم، وفاطمةُ أفضلُ النساءِ وفُضْلَى النساء، وهاتان أَفضلُ النساء وفُضليَا النساء، وهنَّ أفضلُ النساء وفُضليَات النساء".
وتكونُ (مِن) مُقدَّرةً فيما تَقَدَّمَ، والمعنى "هذان أفضلُ من جميع القوم. وهذه أَفضلُ من كل النساء"، وهَلُمَّ جرًّا.