|
إِنَاؤُكَ مِنْ قَمْحِ الفَجِيعَةِ قَدْ أَجْفَى |
وَمَاؤُكَ مِنْ قرْحِ الوَجِيعَةِ قَدْ جَفَّا |
وَوَجْدُكَ مِنْ رِيحِ الذَّرِيعَةِ جَمْرَةٌ |
وَغَيثُكَ مِنْ رُوحِ الشَّرِيعَةِ قَدْ أَطْفَا |
أَلا أَيُّهَا السَّارِي عَلَى دَرْبِ هِمَّةٍ |
تَعزُّ عَلَى الشَّكْوَى وَتَفْخَرُ بِالأَكْفَا |
هُوَ العَهْدُ فَانْزَعْ نَزْغَةَ السُّخْطِ بِالرِّضَا |
وَرُدَّ اللَيَالِي بِالمَحَبَّةِ وَالزُّلْفَى |
فَحِلْيَةُ مَنْ يَسْمُو عَلَى الغَيظِ حِلْمُهُ |
وَلَيسَ شَدِيدًا مَنْ يُنَازِعُهَا العُنْفَا |
وَكُلُّ إِنَاءٍ مِنْ هَوَى النَّفْسِ نَاضِحٌ |
فُصُبَّ مِن الإِبْرِيقِ أَعْذَبَهُ رَشْفَا |
عَجِبتُ مِن الأَيَّامِ مَا انْفَكَّ دَأْبُهَا |
يَدُورُ عَلَى ذَاتِ الوَتِيرَةِ لا يَغْفَى |
أَفِي اليَومِ مَا فِي الأَمْسِ وَالأَمْسِ فِي غَدٍ |
وَمَا عَرِفَتْ إِلا الغَيَاهِبَ وَالعَصْفَا |
تَدُورُ بِذَاتِ الكَأْسِ مَا بَينَ نَاقِمٍ |
وَبَينَ ظُنُونٍ مَا شَقَقْنَ لَنَا جَوْفَا |
كَأَنَّ العُلا لَمَّا تَسَاقَى مُدَامَتِي |
سَقَى أَلْفَ نَفْسٍ مِنْ تَمَيُّزِهَا زَعْفَا |
وَقَالُوا هَجَاكَ القَومُ مَا أَنْتَ فَاعِلٌ |
فَقُلْتُ: سَلامًا لا أَمسُّ لَهُمْ طَرْفَا |
هُمُ الصَحْبُ وَالأَحْبَابُ لا مِثْلَ صَاحِبٍ |
يُعَبِّقُ أَنْفَ العَيشِ مِنْ نُصْحِهِ عَرْفَا |
وَكَمْ طَائِرٍ أَقْلَى مِنَ النَّقْرِ إِلْفَهُ |
فَذَابَ حَنِينًا لَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ إِلْفَا |
فَإِنْ مَدَّتِ الكَفَّينِ مِنْهُمْ جِنَايَةٌ |
فَمَا الفَضْلُ إِلا أَنْ أَمُدَّ لَهُمْ كَفَّا |
وَإِنْ قَدَحُوا بِالصَّدِّ فِي القَدْرِ مَرَّةً |
فَقَدْ مَدَحُوا بِالوُدِّ فِي قَدْرِنَا أَلْفَا |
وَلِي قَلْبُ عِرْفَانٍ عَصَرْتُ شَغَافَهُ |
سُلافَ وَفَاءٍ مِنْ عَلائِقِهِ صِرْفَا |
تُرَاودُهُ الأَحْدَاثُ مِنْ كُلِّ مِرْيَةٍ |
فَمَا مَالَ عَنْ نَهْجِ الوَقَارِ وَلا خَفَّا |
إِذَا غَرِمُوا أَعْفَى وَإِنْ ظَلَمُوا عَفَا |
وَإِنْ سَقِمُوا عَافَى وَإِنْ شَتَمُوا عَفَّا |
وَإِنْ نَكَثُوا وَافَى وَإِنْ غَدَرُوا وَفَى |
وَإنْ طَلَبُوا أَوْفَى وَإِنْ بَخَسُوا وَفَّى |
مُحِيطٌ أَنَا لِلشِّعْرِ قَاعِي مُمَرَّدٌ |
وَمَائِيَ مِنْ عِطْرِ الزَنابِقِ أَو أَصْفَى |
وَصَيدُ مَجَالِي جَاوَزَ المَدَّ وَالمَدَى |
وَبِنْتُ خَيَالِي لا يُحَاطُ بِهَا وَصْفَا |
وَمَا كُنْتُ أَرْضَى الحَرْفَ إِلا نَسِيجُهُ |
حَرِيرٌ بِأَحْدَاقِ الجَوَاهِرِ قَدْ حُفَّا |
أُغَنِّي ؛ وَمَا فِي النَّايِ إِلا حُشَاشَتِي |
تَرَانِيمَ قَلْبٍ لا أَكِلُّ بِهِ عَزْفَا |
بِشِعْرٍ سَرَى فِي الصَّدْرِ كَالبَدْرِ فِي الدُّجَى |
يُلامِسُ فِي الوجْدَانِ بِالنُّورِ مَا اسْتَخْفَى |
وَفِكْرٍ جَرَى فِي الدَّهْرِ كَالنَّهْرِ فِي الحِجَا |
يُطِيبُ لأَهْلِ الرَّأْيِ مِنْ نَبْعِهِ الغَرْفَا |
فَكَيفَ يُنِيبُ العَبْدَ مَنْ كَانَ سَيِّدًا |
وَكَيفَ يَسُومُ النِّصْفَ مَنْ يَمْلكُ الضِّعْفَا |
وَلَو كُنْتُ مَخْبُولا لَمَا كُنْتُ جِئْتُهَا |
فَكَيفَ وَقَدْ كُنْتُ الحَكِيمَ الذِي يُقْفَى |
وَلَكِنْ دَهَانِي بَرْزَخُ الحِفْظِ للِأُلَى |
وَإِبْدَاعِ نَظْمِي بِنَزْرِ مَرْجٍ وَقَدْ أَغْفَى |
أَمَا اخْتَلَطَتْ بِيضُ اللآلِي وَسُودُهَا؟ |
فَكَيفَ جَرَتْ فِي السِّلْكِ وَانْتَظَمَتْ صَفًّا؟ |
إِذَا دَارَ قَصْدُ المَرْءِ دَارَى رَشَادهُ |
وَسَاقَ دَلِيلَ العَقْلِ فِي الحُكْمِ وَاسْتَكْفَى |
وَمَا كُلُّ مَا يَبْدُو مِن الأَمْرِ ظَاهِرًا |
كَفِيلٌ بَأَنْ يُجْلَى الصَّوَابُ بِهِ كَشْفَا |
فَمَنْ كَانَ عَفَّ القَصْدِ صَدَّقَ وَاتَّقَى |
وَأَدْرَكَ أَنَّ السَّهْوَ لا يُوجِبُ القَذْفَا |
وَمَنْ كَانَ ذَا حِقْدٍ عَلَى الشَّأْنِ وَالسَّنَا |
تَحَرَّى الثُّرَيَّا أَنْ يُسَاوِمَهَا الخَسْفَا |
يَظُنُّ بِرَجْمِ النَّجْمِ بِالوَجْمِ شُهْرَةً |
وَيَحْسَبُ أَنَّ الشَّأْفَ فِي صَدْرِهِ يَشْفَى |
أَرَانِي كَأَنَّ اللهَ بِالخَيرِ خَصَّنِي |
فَقَيَّضَ لِي الحُسَّادَ تَخْدِمُنِي عَكْفَا |
كَسَونِي كِرَامَ القَومِ تَسْخُو بِفَضْلِهَا |
وَعَرَّوا لَئِيمَ النَّفْسِ يُبْدِي الذِي أَخْفَى |
وَإِنِّي أَمُدُّ الكَفَّ للهِ سَاجِدًا |
بِشُكْرٍ وَقَدْ أَهْدَى الكِرَامَ لَنَا صَفَّا |
بِحُرٍّ سَلِيلِ المَجْدِ مِنْ آلِ غَامِدٍ |
وَلَو قَامَ فَرْدًا لِلجُنَاةِ فَقَدْ كَفَّى |
وَهَذَا نَدَى مَحْمُودَ قَدْ زَادَنِي أَخًا |
وَهَذَا جَلالُ الصَّقْرُ قَدْ فنَّدَ السُّخْفا |
وَفَاحَ شَذَا الإِنْسَانِ مِنْ أُمِّ ثَائِرٍ |
تَلِيدًا وَمِنْ سُقْيَا وَفَاءَ أَرَى الوَطْفَا |
وَمَازِنُ هَذَا البَرُّ ذُو الرَّأْيِ عَاضِدًا |
وَسَالِمُ صِنْوُ النَّفْسِ قَدْ عَطَّرَ الأَنْفَا |
وَفَضْلُ الخُدَيدِي سَابِقٌ غَيرُ لاحِقٍ |
وَزِيدَانُ ذُو الإِحْسَانِ بِالوُدِّ قَدْ أَلْفَى |
وَأَسْمَعُ مِنْ زِيبَارِ لِلفِكْرِ صَوْلَةً |
فَيَحْلُو لِعَقْلِ الحُرِّ مِنْ كَرْمِهِ قَطْفَا |
ونَادِيَةُ الإِصْرَارِ هَمًّا وَهِمَّةً |
وَجُهْدُ رَنِيمِ الصِّدْقِ لَمْ يَعْرِفِ الخلْفَا |
وَزَاهِيَةٌ بِالحَقِّ وَافَتْ فَأَنْصَفَتْ |
وَوَافَقَ فِيهَا المَنْطِقُ الدِّينَ وَالعُرْفَا |
وَزَهْرَاءُ وَالشَّحَّاتُ وَالخَالِدِي مُنَى |
وَمَرْحَةُ وَالغَنَّامُ قَدْ أَنْصَفُوا الحَرْفَا |
جِهَادُ وَعَبْدُ اللهِ وَالشَّهْمُ عَايِدٌ |
وَيَحْيَى وَنَجْوَى وَالحُسَينِيُّ مَنْ أَضْفَى |
وَرِيمُ ، ثُرَيَّا وَالعَطِيَّةُ والذِي |
يُحَدِّثُ أَهْلَ الحَقِّ حُسْنًا وَمَنْ قَفَّى |
سَتَعْلُو شُمُوسُ النُّورِ فِي وَاحَةِ العُلا |
وَيَسْرِي دُعَاةُ الخَيرِ فِي ظِلِّهَا حِلْفَا |
وَمَنْ كَانَ رَبُّ النَّاسِ فِيهِمْ حَسِيبَهُ |
فَلَنْ يُزْدَرَى فِي القَدْرِ يَومًا وَلَنْ يُنْفَى |