(1)
ينتشر بيننا استخدام (شتى) مضافة إلى المحلى بالألف واللام كقولنا: انتشر الحاسوب في شتى المجالات في الحياة.
لكن الواقع اللغوي الفصيح لا يصحح هذا الاستخدام.
لماذا؟
لأنه يورد "شتى" نهاية الكلام، وهذه أمثلة للتمثيل لا الحصر من مصادر مختلفة:
1- الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شتى (53) [طه : 53].أولا: القرآن الكريم
2- لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شتى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14) [الحشر : 14].
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ.ثانيا: الحديث الشريف1- صحيح البخاري
أ- وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: عَبَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامِهِ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَنَعْتَ شَيْئًا فِي مَنَامِكَ لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ! فَقَالَ: الْعَجَبُ إِنَّ نَاسًا مِنْ أُمَّتِي يَؤُمُّونَ بِالْبَيْتِ بِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ لَجَأَ بِالْبَيْتِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خُسِفَ بِهِمْ. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الطَّرِيقَ قَدْ يَجْمَعُ النَّاسَ. قَالَ: نَعَمْ فِيهِمْ الْمُسْتَبْصِرُ وَالْمَجْبُورُ وَابْنُ السَّبِيلِ يَهْلِكُونَ مَهْلَكًا وَاحِدًا وَيَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ.2- صحيح مسلم
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْروٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى.3- سنن أبي داود
... وأحاديث أخرى في المسند والموطأ والدارمي.
أجتزئ بنقول قليلة من المعجم الوسيط، ومن أراد المزيد فعليه بما يرغب من المعاجم.ثالثا: معاجم اللغة
المعجم الوسيط:
(الأخياف) من الناس: الضروب المختلفة الأخلاق والأشكال، ويقال: الناس أخياف لا يستوون. وهم أخياف: أمهم واحدة وآباؤهم شتى.
2- (تساند) إليه: استند. و- القوم أو الجيش: خرجوا على رايات شتى، كل بني أب على راية. ويقال: خرجوا متساندين.
3- (الشتيت): المتفرق. و- ثغر شتيت: مفلج (ج) شتى. ويقال: أشياء شتى من غير جنس واحد. وفي التنزيل العزيز (إن سعيكم لشتى). وقوم شتى. وفي التنزيل العزيز (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى).
(2)
أورد الأستاذ محمد العدناني في مادة 516 ص127 من كتابه "معجم الأخطاء الشائعة" هذا التعبير تحت عنوان "أهواؤهم شتى، أو هم شتى الأهواء"، فقال: [ويخطئون من يضيف (شتى) ويقول: هم شتى الأهواء، أي مختلفو الأهواء. ويرون أن كلمة (شتى) يجب أن تأتي في آخر الجملة منصوبة على الحال معتمدين ... ] وأورد بعضا مما ذكر سابقا، ثم حاول أن يصحح صورة الإضافة بأدلة عقلية لا تقوم حجة من مثل كون القرآن والحديث ليسا كتابي لغة، واستطرد كثيرا في هذا الجانب العقلي.
ثم أورد قولين لغويين على الصورة المرفوضة أولهما صريح في إيراد الصورة التركيبية المرفوضة، وهو من شعر "تأبط شرا":
قليل التشكي للمهم يصيبه ** كثير الهوى شتى النوى والمسالك
وثانيهما نثري غير صريح من قول سيدنا معاوية: " في الحيس طيبات، جمعن من شتى" أي من شتى الأماكن.
ثم استخدم القياس اللغوي بأن شتى جمع شتيت كمرضى جمع مريض، ويقال: مرضى العقول، فيجوز أن يقال: شتى الأماكن.
وكلها أدلة ضعيفة لا تثبت قبالة هذه الاستخدامات المطردة الواردة في مصادر اللغة كما سبق الذكر، فلا يصح تصحيحه.