|
أَيْنَ الوفا ؟ قَطَّعتُ حَبْلَ رَجَائِي |
وَ هَلِ اْختَفَى مِنْ هَذِهِ الغَبْراءِ ؟ |
أينَ الجُذورُ الضَّارِباتُ أَصَالَةً |
في عُمقِ أَرْضٍ ضُمِّخَتْ بِرِياءِ ؟ |
لا زِلْتُ أُهْرِقُهَا دُمُوعاً مُرَّةً |
و أنا الذي لم أَسْتَكِنْ لِبُكاءِ |
لكنَّها الأيامُ تُبدي للورى |
ما يَسْتَثِيرُ حَفِيظَةَ العُقَلاءِ |
جَرَّبْتُهَا ، فَرَأَيْتُ ناساً في الثرى |
مِنْها ، و ناساً في رُبا الجوزاءِ |
دَالتْ ، فلا فِرْعَوْنُ خلَّد نفسَهُ |
كلا و لا قَارُونُ في الأحياءِ |
لم يَبْقَ إلا وَجهُ مَنْ سَمَكَ العُلا |
وَ لَهُ تذلُّ بيارقُ العُظَماءِ |
يا غافلاً ، لا تَأْمَنَنْ دُنيا بَنَتْ |
في كُلِّ ضاحيةٍ صُروحَ شقاءِ |
شَغَلَتْ مُحبِّيها ، فَذاكَ لثروةٍ |
يَسْعى ، و ذاكَ لشُهرةٍ و علاءِ |
و على مَسَارِحِها لَهَا ذو شهوةٍ |
ما بين كأسٍ أُترِعَت و نساءِ |
و العاقلُ الفَطِنُ الذي لم تُثْنِهِ |
عَنْ هِمَّةِ الأحرارِ و النُّبَلاءِ |
إنْ راودتْهُ بحُسْنِهَا عن نفسهِ |
لم يُفتَتَنْ بجمالِها الوضَّاءِ |
جَعَلَ العفافَ إذا ابتلتْهُ رِداءَهُ |
أنعمْ بِهِ من حُلَّةٍ و رداءِِ |
حدَّقتُ في الدُّنيا فَلَمْ أَلْمَحْ بها |
ما يُسْكِنُ الأفراحَ عينَ الرائي |
و بذلتُ من جَهْدي لأُثبتَ أنني |
أَخْطَأتُ في ظَنِّي و في آرائي |
فَوَجَدْتُُ مِنْ أُخْتِ الزوالِ إجابةً |
تُدمي القلوبَ ، تطيحُ بالحكماءِ |
الأصدقاءُ كأنَّما أَوْدَتْ بِهِمْ |
رِيحُ الغُرورِ و قبضةُ الخُيَلاءِ |
كُلٌّ يُحدِّثُ نفسَهُ عن نفسِهِ |
أنْ ليسَ قُدَّامِي و ليسَ ورائي |
يا للصديقِ ، سِهامُهُ إنْ صُوِّبَتْ |
سَكَنَتْ من الخٍلاّنِ في الأحشاءِ |
ما أصعبَ الغدرَ المقيتَ على امرئٍ |
ظَنَّ الحياةَ اْلروضَ بالرفقاءِ |
فيجيئهُ موتٌ يُقَوِّضُ حُلْمَهُ |
مِنْ خَلفِهِ بخناجرِ الأهواءِ |
يا صاحبيَّ ترفَّقا بي ، إنِّني |
مِمَّا بُليِتُ بِهِ لفي ضَرَّاءِ |
ذهبَ الوفا ، حتى كأن وجودَهُ |
ضربٌ من الأوهامِ كالعنقاءِِ |
ما هذه الدنيا ؟ أدارُ تناحرٍ |
يُسعى لخِطبةِ وُدِّها بِدِماءِ ؟ |
أم أنها سوقٌ لبيعِ مبادئٍٍ |
فيها ببخسٍ للورى و شِراءِ ؟ |
آمنتُ باللهِ الذي دانتْ لَهُ |
كُلُّ الدُّنا ، و بَسَطْتُ كفَّ رجائي |
لو لمْ يَكُن ْ قلبي يشِعُّ بنورِهِ |
لَكَرِهْت في هذي الحياةِ بقائي |