أكتوبر .. أيها العزيز .. لا زلنا نتشبث بتلابيب رحيلك الأخير .. لا زلنا نزحف تحت أشواك نصرك العظيم .. لا زالت أشواك سياجك تحمل قطعا من أجساد الأبطال ، تملأ ريحها أرواحنا ، لتمنع تسرب ما تبقى فينا من دم ، كان قد تخثر في قلوبنا منذ سبعة وثلاثين عاما، وتخثرت معه أرواحنا المثقلة بوهم الحياة .
رحلتَ .. يا يتيم الشهور .. لم تشرق شمس بعدك .. ولم نأكل خبزا بعدك .. رحلت .. ورحلت معك الأشياء .. كل ما تبقى لنا أبعاد للحياة ، تحتاج لمن يملأ الفراغ فيها ، يعبث بنا الفراغ في كل مكان ، يسكبنا في كل لحظة كوبا من وهم كئيب ، نلمح خمول وجهه بين عيون الناس في الأسواق ، وفوق مقاعد المقاهي الحزينة ، ووسط الساحات الكبرى التي لا تملك سوى تمثالا لفارس جريح ، يكبو حصانة فوق سكاكين الأرض المتفرقة .
ارجع أيها العزيز .. ارجع .. نحن بحاجة للبكاء تحت بياض عباءتك القطنية في سيناء .. نحتاج لأن نقوى فوق تلال ( جولانك ) الخضراء .. ارجع .. لا زال ( برليف ) يخيفنا ، لا زال ( آلون ) يمنعنا لحظة من أمل . حقق آمالنا أن نسبح في نهر الأردن ، ببزاتنا العسكرية ، تحملنا بنادقنا فوق أكتافها ، ونحملها نحن في قلوبنا .
ارجع أكتوبر .. عمري من عمرك .. رحلت أنت .. وأخشى أن أرحل بعدك .. دون أن أتعلم يوما .. كيف يمشي الشهداء فوق سحائب المطر العربية .