|
أتنظرُ وجهي أم هو الموتُ ينظرُ |
|
|
يُطلُّ من العينينِ والدمُ يقطرُ |
خبا فيهما تَوقٌ يلوِّحُ صاخباً |
|
|
وغار بريقٌ للشقاوةِ مُضمِرُ |
أنا ها هنا يا قرّةَ العينِ لا تخفْ |
|
|
فكُفَّ صراخاً في فمٍ منك يفغرُ |
تشبّثْ بأهدابي الغريقةِ إنني |
|
|
أخاف عليك النأيَ عني وأحذرُ |
لك الحضنُ مهدٌ والدموعُ مراضعٌ |
|
|
وهيهات يدنو منك تُرْبٌ معفِّرُ |
أدافعُ كفّاً للمنونِ تشدُّهُ |
|
|
وأرجو حياةً والمنيّةُ تزجرُ |
وأبكي لعلّ الموتَ يعطفُ حانياً |
|
|
فيمعنُ جذباً للصبيِّ ويسخرُ |
يغالبني فيك الردى وهو غالبٌ |
|
|
ويقهر عزمي قاهرٌ بك يظفرُ |
أحدّق في عينيك والدمعُ يقطرُ |
|
|
وما ثَمَّ إلا قاتلٌ يتبخترُ |
أراه بكفِّ الغدرِ يخفي وراءه |
|
|
قنابلَ للأطفالِ ثُم يفجِّرُ |
أيا أمِّ لا تبكي فدمعُكِ وقعُهُ |
|
|
أشدُّ من الموتِ الذي فيَّ ينخرُ |
أيا أمَّنا هذي يميني فكفكي |
|
|
بها عبرةً تكوي جراحي وتعصرُ |
ويا أمّ صفحاً لُطِّخ الثوبُ من دمي |
|
|
وثوبُكِ يا أمي من الطهرِ أطهرُ |
وكنتِ طلبتِ الخبزَ مني فعاقني |
|
|
كمينٌ بدربي للمنيةِ يحفرُ |
ترصّدني يا أمّ وحشٌ بعودتي |
|
|
وزمجر من تحتي انفجارٌ مُدمِّرُ |
فأقلعتُ يا أمي كطيرٍ محلِّقاً |
|
|
وفي كفِّ حتفي حطّ جنحي المكسَّرُ |
رغائفُ خبزي في الطريقِ تبعثرتْ |
|
|
حَبَوتُ لها لكنّ حَولي مبعثَرُ |
فلا تغضبي أماهُ طال تأخّري |
|
|
فما كنتُ يوماً قبلَها أتأخرُ |
وعفوَكِ يا أمي لقد متُّ باكراً |
|
|
وددتُ لكي لا تحزني لو أُعمَّرُ |
على اللوحِ مُسجىً غارقٌ في دمائه |
|
|
كأن فراتاً تحته يتحدّرُ |
هنا رافدٌ منه ومنيَ رافدٌ |
|
|
على وجنتي ينسابُ دجلةُ آخَرُ |
روافدُ للأحزانِ والدمِ تلتقي |
|
|
وتلطمُ أمواجي الخليجَ وتهدرُ |
وما بين نهريِّ الدماءِ وأدمعي |
|
|
يزمزمُ طوفانٌ من القهر يزأرُ |
عراقُ ألمْ يُتخمْ من القتلِ والِغٌ |
|
|
وقد فاض بالأشلاءِ فمٌّ ومنخرُ |
عراقي الذي منه العروقُ شواخِبٌ |
|
|
ونهري الذي من دورةِ الدمِ أحمرُ |
ألمْ تنطفئْ لابنِ الزنا منك شهوةٌ |
|
|
فما زال يحتزُّ الرقابَ وينحرُ |
ألمْ يتجشَّاْ من دمائك فاسقٌ |
|
|
يعبُّ دمَ الأطفالِ رطلاً ويسكرُ |
فيا معشرَ الأذنابِ عبّوا جيوبَكم |
|
|
من النفلِ والأسلابِ والقَوْدِ وانفِروا |
بكَم بعتمُ حزنَ الثكالى ودمعةً |
|
|
سفحنَ تساوي كلَّ نفطٍ يُكرَّرُ |
أمرتزقٌ من لحمِنا وصِغارِنا |
|
|
ببخسِ دنانيرٍ على القتلِ تُؤجَرُ |
خذوا نفطَكم عني إلى غيرِ رجعةٍ |
|
|
ونحُّوا مُداكم عن دمي وتقهقروا |
وعرشكم الهاري على جثتي وهى |
|
|
فروموا بمالِ النفطِ شعباً لتشتروا |
وَلدنا وأرضعنا دُمىً تقذفونها |
|
|
بأقدامكم كي تستجمّوا وتسمروا |
وما يُطرب الأوغادَ في لهوِهم سوى |
|
|
ذبيحٍ من الأوداجِ والحلق يشخرُ |
وصرخةِ رَوعٍ من صبيٍّ مفزَّعٍ |
|
|
تغشّاهُ موتٌ بالفجاءةِ يجأرُ |
فيا شِسعَ بسطارِ الغُزاةِ تطامنوا |
|
|
صَغاراً وأنتم بالصَّغارةِ أجدرُ |
وبيعوا دمائي ما استطعتم وقَوِّدوا |
|
|
فهيهات أنْ يرقى العبيدُ ويكبروا |
وأنى لكم أن تكبروا يا حثالةً |
|
|
من الخزيِ في كاساتِه تتقعَّرُ |
ويا ظلَّ محتلٍّ تطاول خلفَهُ |
|
|
إذا اعتدلتْ شمسُ الظهيرةِ يقصرُ |
دمُ ابني وآلاف الدماءِ روافدٌ |
|
|
لدجلةَ تجتاح الغُثاءَ وتعبرُ |
وصرختُه المكتومةُ الآنَ رَجعُها |
|
|
يزلزلكم بالرعبِ فاللهُ أكبرُ. |