|
أَبْكِي اشْتِيَاقًا إِليهَا وَهْيَ تَبْكِي لِي |
وَأَشْتَكِي مِنْ أَذَى الدُّنْيَا وَتَشْكُو لِي |
أُفَتِّشُ الشُّهْبَ عَنْهَا وَهْيَ غَائِبَةٌ |
وَأَفْرشُ القَلْبَ مِنْهَا وَهْيَ تَأوِي لِي |
مَا كُنْتُ أَطْمَعُ فِي نَجْوَى مَوَدَّتِهَا |
إِلا بِقَلْبٍ بِمَاءِ الطُّهْرِ مَغْسُولِ |
وَصِدْقِ عَاطِفَةٍ يَصْفُو الزَّمَانُ بِهَا |
وَهَمْسِ طَرْفٍ بِصِدْقِ العَهْدِ مَكْحُولِ |
يَا لَهْفَةَ الرُّوحِ طِيرِي حَيثُمَا رَحَلَتْ |
فَإِنْ بَلَغْتِ مَدَارَ الصَّفْوِ فَاحْكِي لِي |
يَا حَبَّذَا سَاعَةٌ أَغْفُو عَلَى يَدِهَا |
وَالرُّوحُ مَا بَينَ تَدْلِيهٍ وَتَدْلِيلِ |
تُجْرِي الوِئَامَ إِذَا سِفْرُ الكَلامِ سَجَى |
بَأَبْجَدِيَّةِ فَيحَاءِ التَّرَاتِيلِ |
بِهَا الحَيَاةُ تُبَاهِي سِرَّ بَهْجَتِهَا |
وَفِي نَدَاهَا تَرَاهَا كَفَّ تَنْوِيلِ |
وَإِنَّهَا لَو أَدَامَتْ حَثَّ خُطْوَتِهَا |
أَحْيَتْ كَلِيلَ الخُطَى فِي سَاقِ مَشْلُولِ |
يَا أَنْتِ مَا أَنْتِ؟ إِلا أَنْ تَكُونَ أَتَتْ |
مِنْ عَالَمِ الغَيبِ فِي وَحْيِ القَنَادِيلِ |
أَأَنْتِ بَوْحُ أَقَاحٍ فِي مَيَاسِمِهَا؟ |
أَمْ فَوْحُ مِسْكٍ بِعِطْرِ الوَرْدِ مَجْبُولِ؟ |
أَمْ جُلَّنَارٌ سَقَانِي الطُّهْرَ نَشْرَ فَمٍ |
فَأَنْبَتَ الشُّكْرَ فِي وُجْدَانِ مَذْهُولِ؟ |
مُرِّي عَلَى خَاطِرِي مَرَّ النَّسِيمِ عَلَى |
خَدِّ الأَصِيلِ وَعُفْرَاتِ الرَّآبِيلِ |
هِيَ ابْتِسَامَتُكِ النُّعْمَى أَلُوذُ بِهَا |
مِنْ قَرِّ كَانُونَ أَو مِنْ حَرِّ أَيلُولِ |
نَاشَدْتُكِ اللهَ لا تُشْقِي الذِي اقْتَرَفَتْ |
فِيهِ الخَطَايَا ضَلالاتُ التَّمَاثِيلِ |
حَتَّامَ أَعْصرُ أَيَّامِي مُكَابَدَةً |
وَأَحْتَسِيهَا بِتَسْوِيفٍ وَتَسْوِيلِ؟ |
السِّنُ تَسْعَى إِلَى الخَمْسِينَ لَمْ تَرَ مِنْ |
مَعْنَى السُّرُورِ وَلَمْ تَسْلَمْ مِنَ الغِيلِ |
فَزَمِّلِينِي إِذَا اهْتَاجَ الأَذَى حَرَضًا |
ثُمَّ اشْحَذِي مِنْ فُؤَادِي كُلَّ مَفْلُولِ |
أَنَا الغَرِيبُ طُيُورُ الأَرْضِ تُنْكِرُنِي |
لا الرِّيشُ رِيشِي وَلا الأَلْوَانُ تَحْلُو لِي |
إِذْ تَأْكُلُ الخُبْزَ مِنْ شِعْرِي وَتَنْقُرُنِي |
وَتَلْبسُ الخَزَّ مِنْ قَدْرِي وَتَجْفُو لِي |
هَا قَدْ بَلَغْتُ عِتِيًّا وَانْحَنَى أَمَلِي |
أُقَلِّبُ الدَّهْرَ لَمْ أَعْثُرْ عَلَى جِيلِي |
وَهَبْتُ كُلَّ حَيَاتِي كَفَّ مُجْتَهِدٍ |
وَعِشْتُ أَكْثَرَ عُمْرِي عَيْشَ مَخْذُولِ |
أَطُاعِنُ الدَّهْرَ عَنْهُمْ كُلَّ نَابِيَةٍ |
فَيَطْعَن القَومُ فِي فِعْلِي وَفِي قِيلِي |
وَأَسْتَحِثُّ إِلَى العَلْيَاءِ هِمَّتَهُمْ |
فَيَنْهَضُونَ لِتَشْكِيكٍ وَتَشْكِيلِ |
يَعِيبُ فِيَّ الحَسُودُ القَدْرَ مُمْتَعِضًا |
كَمَا يَعِيبُ قَصِيرٌ فَارِعَ الطُّولِ |
وَيَعْذِلُونَ سَمَاوَاتِي وَأَجْنِحَتِي |
وَمَا عَلِمْتُ حَلِيمًا غَيرَ مَعْذُولِ |
إِنِ ابْتَسَمْتُ يَقُولُوا: فِي مُخَاتَلَةٍ |
وَإِنْ عَبَسْتُ يَقُولُوا: مَحْضَ تَمْثِيلِ |
وَإِنْ حَلِمْتُ يَقُولُوا: ذَاكَ مِنْ وَجَلٍ |
وَإِنْ حَمَلْتُ يَقُولُوا: طَبْعُ مَغْلُولِ |
لَكَمْ غَرَسْتُ وَلَكِنْ قَلَّعُوا شَجَرِي |
وَكَمْ سَأَلْتُ وَلَكِنْ لَمْ تُجَبْ سُولِي |
وَكَمْ نَهَضْتُ إِلَى عَزْمٍ فَمَا نَهَضُوا |
وَكَمْ دَعَوتُ فَمَدُّوا كَفَّ إِجْفِيلِ |
هَذَا الزَّمَانُ الذِي يَشْقَى النَّبِيلُ بِهِ |
بِالطَّيِّبَاتِ وَيَهْنَا ذُو العَقَابِيلِ |
أَكُلَّمَا غَاظَ حُسَّادِي جَنَى رُطَبِي |
رَمَوا نَخِيلِي بِتَسْفِيهٍ وَتَسْفِيلِ |
أَيَعْذِلُونَ الذِي أَشْكُو لِقَافِيَتِي |
فَأَينَ مِنِّي فُؤَادٌ غَيرُ مَشْكُولِ |
شِعْرِي مِنَ المَنِّ وَالسَّلْوَى لِذِي سَغَبٍ |
وَشِعْرُ غَيرِي مِنَ القِثَّاءِ وَالفُولِ |
وَلَيسَ يَجْحَدُهُ إِلا ذَوُو غَرَضٍ |
أَوْ مُرُّ نَفْسٍ حَسُودٌ غَيرُ مَحْمُولِ |
لِمَنْ أُغَنِّي؟ فَرَاشَاتُ المُنَى احْتَرَقَتْ |
وَحَطَّمَ اللَيلُ أَنْوَارِي وَقِنْدِيلِي |
لِمَنْ أُغَنِّي وَفِي عَينِ المَدَى غَلَسٌ |
وَفِي المَرَايَا عَرَايَا فِي السَّرَاوِيلِ؟ |
لِمَنْ أُغَنِّي وَنَايُ الشِّعْرِ فِي شَفَتِي |
يَكَادُ يَجْهَشُ مِنْ رَجْعِ المَوَاوِيلِ |
أَلِلجَمَالِ؟ أَمَا ذَابَ الجَمَالُ عَلَى |
لِسَانِ حَرْفِي بِشَهْدٍ مِنْهُ مَبْذُولِ؟ |
أَلِلخَيالِ؟ وَهَلْ كَانَ الخَيَالُ سِوَى |
إِبْدَاعِ مَا هَمَسَتْ رُوحِي لجِبْرِيلِي |
أَلِلنِّضَالِ؟ حُرُوفِي ثُرْنَ فِي شَمَمٍ |
حَتَّى انْتَظَمْنَ جُنُودًا بِالسَّرَابِيلِ |
أَلِلبلادِ؟ لَقَدْ سَطَّرْتُهَا بِدَمِي |
فِي صَفْحَةِ القَلْبِ فِي خَدِّ المَنَادِيلِ |
أَلِلرَّشَادِ؟ فَشِعْرِي حِكْمَةٌ هَطَلَتْ |
زُلالَ فِكْرِيَ مِنْ بِيضٍ يَعَالِيلِ |
أَلِلوِدادِ؟ جَعَلْتُ الحُبَّ أُغْنِيَةً |
بَينَ القُلُوبِ تُنَاجِي كُلَّ مَتْبُولِ |
مَاذَا جَنَيتُ مِن التَّحْلِيقِ فِي لُغَتِي |
غَيرَ الجِنَايَةِ مِنْ هِطْلٍ وَمَطْلُولِ؟ |
يَنْسَاقُ بِالحَمْدِ عُجْبًا كُلُّ ذِي بَطَرٍ |
وَيَشْتَرِي المَدْحُ بَخْسًا كُلَّ مَخْتُولِ |
حَذَّرْتُ نَفْسِي فَعَافَتْ كُلَّ مُشْتَبَهٍ |
مِنَ اللِسَانِ وَمَلَّتْ كُلَّ مَعْسُولِ |
وَمَا أَرَى الشِّعْرَ فَخْرًا عِنْدَ صَاحِبِهِ |
إِلا بِفِكْرٍ وَأَخْلاقٍ وَتَأْثِيلِ |
إِنَّا لَمِنْ أُمَّةٍ أَقْصَى مَآرِبِهَا |
حَظُّ النُّفُوسِ وَتَرْوِيجُ الأَقَاوِيلِ |
وَزَعْمُ كُلِّ قَؤُولٍ أَنَّهُ مَلكٌ |
وَعُذْرِ كُلِّ خَتُولٍ بِالعَرَاقِيلِ |
فَلَو سَأَلْتَ: لِمَنْ مَجْدُ الحَيَاةِ لِمَنْ |
فَخْرُ الأُبَاةِ؟ لَقَالَ الحُمْقُ: لِي لِي لِي |
عَمَّ البَّلاءُ فَمَا أَبْقَى المَدَى سُبُلا |
لِلعَارِفِينَ وَمَا أَلْقَى بِمَدْلُولِ |
تَقُودُنَا أُمْنِيَاتُ العَجْزِ شَاحِبَةً |
إِلَى غَدٍ خَائِرِ الأَنْفَاسِ مَجْهُولِ |
وَدَولَةُ الجَهْلِ تَزْرِي كُلَّ ذِي خُلُقٍ |
مِنَ الكِرَامِ وَتُعْلِي كُلَّ مَرْذُولِ |
إِلامَ تَحْمِلُ هَمَّ القَومِ فِي كَبَدٍ |
وَفِيكَ مَا فِيكَ مِنْ طَعْنٍ وَتَنْكِيلِ؟ |
أَمَا افْتَرَى الكِبْرُ وَاخْتَانُوا نُفُوسَهُمُ؟ |
فَفِيمَ تَأْسَى عَلى القَومِ المَجَافِيلِ؟ |
لِلمُسْتَحِيلِ حِكَايَاتٌ يُرَدِّدُهَا |
أَمَا اتَّعَظْتَ مِنَ العَنْقَاءِ وَالغُولِ؟ |
أَمَا هَلَكْتَ شَهِيدَ العَفْوِ مِنْ ظَمَأٍ |
وَأَنْتَ تَنْضَحُ صَبْرًا بِالغَرَابِيلِ؟ |
هَابِيلُ مَاتَ وَلَمْ يَمْدُدْ يَدًا لأَخٍ |
بِالسُّوءِ لَكِنَّنَا أَبْنَاءُ قَابِيلِ |
وَقَدْ عَلِمْتَ بِأَنَّ العِرْقَ نَسْلُ أَبٍ |
فَكَيفَ تَأْمَلُ مِنْهُمْ يَا ابْنَ مَقْتُولِ؟ |
بَعْضٌ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ طَوْعَ شَهْوَتِهِ |
إِلا الذِينِ اتَّقُوا فِي هَدْيِ تَنْزِيلِ |
مَا مِنْ وَفَاءٍ وَلا خِلٍّ وَلا مِقَةٍ |
إِلا بِبَرٍّ بِحَبْلِ اللهِ مَوصُولِ |
يَا صَاحِبًا أَنْزَلَتْهُ النَّفْسُ مَنْزِلَةً |
فَوقَ المَقَامِ بِتَبْجِيلٍ وَتَفْضِيلِ |
مَا زِلْتُ أَمْحَضُ مِنْ وُدِّي عَلَى طَبَقٍ |
حَتَّى مَلَلْتَ وَوُدِّي غَيرُ مَمْلُولِ |
شَيَّدْتُ فِيكَ مَنَارَاتٍ مُمَرَّدَةً |
مِنَ الوَفَاءِ مَهِيبَاتِ الأَكَالِيلِ |
وَخُضْتُ فِيكَ بِحَارَ العَاذِلِينَ فَلَمْ |
أَغْرَقْ بِنَوءٍ وَلَمْ أَشْرَقْ بِتَسْوِيلِ |
وَكُنْتُ فِيكَ بِلا عَينٍ وَلا أُذُنٍ |
عِنْدَ الوُشَاةِ وَلَكِنْ عِنْدَ تَعْوِيلِ |
وُكُنْتُ مَا خَطَرَتْ فِي النَّفْسِ خَاطِرَةٌ |
إِلا رَسَمْتُكَ فِي أَبْهَى التَفَاصِيلِ |
أُطِلُّ مِنْ شُرْفَةِ الذِّكْرَى وَأَنْظُرُ فِي |
مَا كَانَ فِي أَمْسِنَا مِنْ عَهْدِ مَسْؤُولِ |
فَلَسْتُ أَذْكُرُ إِلا فِي العُيُونِ جَرَى |
دَمْعُ اللِقَاءِ بِتَرْحِيبٍ وَتَقْبِيلِ |
وَهَاتِفًا مِنْ حَبِيبٍ قَبْلَ عُمْرَتِهِ |
وَوَرْطَةَ العُرْسِ وَالبَسْمَاتِ فِي النِّيلِ |
فَفِيمَ لَمَّا رَأَيتَ الكَيدَ غَافَلَنِي |
نَهَضْتَ تَتْبَعُ ذَا زَيْفٍ وَتَهْوِيلِ |
قَدْ كُنْتَ أَوَّلَ مَنْ أَحْتَاجُ نُصْرَتَهُ |
فَكُنْتَ أَوَّلَ مَنْ يَسْعَى لِتَخْطِيِلِي |
مَنْ يَنْشُدُ الظَفْرَ فِي عَرْجَاءَ مُقْعِيَةٍ |
وَيُنْشِبُ الظُفَرَ فِي النُّجْبِ المَرَاسِيلِ؟ |
تَقُولَ: يَغْتَابُنِي بِالسُّوءِ فِي مَلأٍ |
وَسَوفَ يَكْفُرُ ثَأْرِي بِالأَنَاجِيلِ |
أَمَا وَإِنِّي بَرِيءٌ مِنْ وِشَايَتِهِمْ |
وَمَا ادْعِاؤُكَ إِلا نَزْغُ تَخْيِيلِ |
وَقُلْتَ: قَالَ وَقَالَتْ ، لا عَدِمْتُ أَخِي |
مَا ذَاكَ إِلا لِرَبَّاتِ الخَلاخِيلِ |
يَحْتَجُّ أَهْلُ النُّهَى حُكْمًا بِبَيِّنَةٍ |
وَلا يَكُونُ بِظَنٍّ أَو بِتَأوِيلِ |
وَأَيمُنُ اللهِ مَا خُنْتُ الهُدَى غَرَضًا |
وَلا عَدَدْتُكَ إِلا فِي البَّهَالِيلِ |
وَقُلْتَ: أَطْعَنُ كَي تُحْمَى الحُقُوقُ بِنَا |
وَهَلْ سَتُحْمَى حُقُوقٌ بِالأَبَاطِيلِ؟ |
يَا صَاحِبَ الرَّأْيِ مَا فِي العَدْلِ مَنْقَصَةٌ |
مَتَى تَبَيَّنَ هَدْيٌ بَعْدَ تَضْلِيلِ |
إِنْ خَاتَلَتْكَ الهُدَى عَينٌ مُكَحَلَّةٌ |
فَكَيفَ تَرْجُو الهُدَى بِالأَعْيُنِ الحُولِ؟ |
هَوَى النُّفُوسِ هَوَانٌ وَالأَذَى صَلَفٌ |
وَحِكْمَةُ المَرْءِ فِي عَقْلٍ وَتَعْلِيلِ |
لا تَحَسَبَنَّ عِتَابَ القَلْبِ مَثْلَبَةً |
إِنَّ العِتَابَ وَفَاءٌ فِي المَكَايِيلِ |
فَإِنْ أَتَيتَ تَجْدْ صَفْحًا بِلا عَتَبٍ |
وَإِنْ أَبَيتَ فَرَتِّلْ سُورَةَ الفِيلِ |
يَا رَحْمَةَ اللهِ هَلْ لِلحَالِ مِنْ فَرَجٍ |
فَلا نَضِلُّ بِنَجْوَى كُلِّ مَخْبُولِ |
إِنْ عَمَّ كَرْبٌ فَمَا إِلاكَ يَرْحَمُنَا |
فَجُدْ عَلَينَا بِأَمْرٍ مِنْكَ مَفْعُولِ |
وَاهْدِ القُلُوبَ إِلى تَرْكِ الذُّنُوبَ وَلا |
تَفْتِنْ نُفُوسَ الوَرَى بِالقَالِ وَالقِيلِ |
لا زَلْتُ أَحْلمُ لَنْ أَرْتَدَّ عَنْ حُلُمِي |
حَتَّى أَرَى الخَيرَ يَشْفِي كُلَّ مَعْلُولِ |
وَسَوفَ أُحْسِنُ ظَنِّي بِالكِرَامِ فَإِنْ |
عَزَّ المُعِينُ فَيَا كَفِّي وَإِزْمِيلِي |