|
بُرُوجُكَ فِي الفَضِيلَةِ فُقْنَ قَـدْرَا |
وَجُزْنَ ذُرَى المَجَرَّةِ نَحْوَ أُخْـرَى |
يَمُـرُّ بِهَـا السَّنَـاءُ فَيَجْتَبِيهَـا |
وَيَنْشُدُهَـا الثَّنَـاءُ فَيَسْتَـقِـرَّا |
وَتَأْلَفُهَـا النُّفُـوسُ بِـلا عَنَـاءٍ |
وَتَغْبِطُهَا شُمُوسُ الفَخْـرِ غَيـرَى |
فَعَرْفُكَ جَـاوَزَ الجَـوزَاءَ عُرْفًـا |
وَحَرْفُكَ حَازَ نَشْوَى الشِّعْرِ شِعْرَى |
تَكَادُ مِـنَ المَشَاعِـرِ أَنْ تَرَاهَـا |
تُطِلُّ عَلَى صُرُوحِ المَجْـدِ فَخْـرَا |
مِنَ الفَلُّوجَـةِ امْتَـدْتْ بُرُوقًـا |
فَأَينَعَ فِي السُّوِيدِ القَطْـرُ زَهْـرَا |
فَمَا بَالُ المُـرُوءَةِ مِثْـل ثَكْلَـى |
وَأَخْلَـقُ بِالمُـرُوءَةِ أَنْ تُـسَـرَّا |
أَمَا زَالَتْ تَنُـوحُ عَلَـى وَفَـاءٍ |
وَتْبكِي لِلعُهُودِ تَلِيـدَ ذِكْـرَى؟ |
أَمَا عَلِمَتْ بِـأَنَّ الغَـدْرِ أَمْسَـى |
سَجِيَّةَ كُلِّ مَنْ يَخْتَـالُ كِبْـرَا؟ |
أَمَـا عَلِمَـتْ بِـأَنَّ اللهَ أَحْيَـا |
إِلَى أَجَلٍ وَأَنَّ المَـوْتَ أَجْـرَى؟ |
هُوَ القَدَرُ الذِي فِي الدَّهْرِ يَمْضِي |
وَيَمْتَحِنُ الوَرَى وَصْـلا وَهَجْـرَا |
فَكَمْ نَضَبَتْ رُبُوعٌ مِنْ سَحَـابٍ |
فَأَمْطَرَهُنَّ بَعْـدَ الجَـدْبِ وَفْـرَا |
وَكَمْ بَكَتِ الحُرُوفُ عَلَى طُرُوسٍ |
فَأَبْدَلَهُنَّ بَعْـدَ الطِـرْسِ سِفْـرَا |
أَمَا عَرِفَتْ بِمَحْمُـودِ السَّجَايَـا |
حَسِيبًـا شَامِخًـا حُـرَّا وَبَـرَّا |
أَلُوفًا صَـادِقَ الوَعْدَيـنِ شَهْمًـا |
أَخَـا أَدَبِ وَمَكْرمَـةٍ وَبُشْـرَى |
إِذَا نَفَشَ النَّـوَالُ أَفَـاءَ زُهْـدًا |
وَإِنْ عَطِشَ السُّؤَالُ أَفَاضَ نَهْـرَا |
عِرَاقِـيَّ الإِبَـاءِ سَلِيـلَ صِيـدٍ |
مَتَى عَصَفَ البَـلاءُ يَشُـدُّ أَزْرَا |
لَقَدْ أَوفَيتَ يَـا مَحْمُـودُ عَهْـدًا |
وَقَدْ نَقَضَ العُهُودَ القَـومُ تَتْـرَى |
عَظِيمَ الفَضْلِ! هَلْ تَلِدُ الأَمَانِـي |
لِصَاحِبِهَا سِوَى مَا كَانَ أَقْـرَى؟ |
وَهَلْ جَنَتِ المَنَاقِبُ مِـنْ خَتُـولٍ |
بِمَا أَسْدَى سِوَى مَا جَاءَ إِمْـرَا؟ |
فَمَاذَا الحُبُّ مَهْمَا طَابَ وَصْـلا |
إِذَا اتَّخَذَ الحَبِيبُ عَلَيـهِ أَجْـرَا؟ |
وَمَا صِفَةُ التَّشَكُّلِ فِـي انْزِيَـاحٍ |
لِذِي غَرَضٍ يَرَى فِي الفُجْرِ فَجْرَا |
لَكَمْ عَاشَرْتُ ظَاهِرَ ذِي حَرِيـرٍ |
وَخَيشُ ضَمِيـرِهِ بِالحِقْـدِ أَزْرَى |
وَكَمْ جَرَّبْـتُ ذَا شَمَـمٍ وَرَأْيٍ |
بِأَبْخَسِ لَفْظَةٍ فِي المَدْحِ يُشْـرَى |
هِيَ الأَهْـوَاءُ تُشْقِـي عَابِدِيهَـا |
فَتَقْضِي مِنْ ظُنُونِ السُّوءِ وَطْـرَا |
إِذَا رَجَتِ النُّفُوسُ غـرَاسَ مَكْـرٍ |
سَتَحْصُدُ سُنْبُلاتِ المَكْرِ حَسْـرَى |
وَمَهْمَا كَالَ ذُو الوَجْهَينِ مَدْحًـا |
تَخَبَّـطَ رَأْيُـهُ وَارْتَـدَّ خُسْـرَا |
وَمَا يُجْدِى الحَسُودَ كَثِيرُ نُصْـحٍ |
مَتَى اسْتَمْرَا الضَّغِينَـةَ وَاسْتَمَـرَّا |
وَمَا يُبْرِي الدَّوَاءُ نُهَـى صَفِيـقٍ |
يَظُنُّ بِأَنَّهُ فِـي القَـومِ كِسْـرَى |
وَمَا سُـرُجٌ تُفِيـدُ وَلا سُـرُوجٌ |
لأَحْمَقَ يَحْسَبُ الضِّرْغَـامَ هِـرَّا |
فَكَيفَ يُوَافِقُ الإِنْصَـافُ فِكْـرًا |
إِذَا الأَنْصَافُ قَدْ سَامَتْـهُ كُفْـرَا |
وَكَيفَ يَشِتُّ مَنْ عَلِمُـوا يَقِينًـا |
بِــأَنَّ اللهَ بِالـنِّـيَّـاتِ أَدْرَى |
وَمَـا العُمَـرِيُّ إِلا ذُو فُــؤَادٍ |
وَدُودٍ يَرْتَجِـي لِلنَّـاسِ خَـيْـرَا |
أَخِي مَحْمُودُ قَـدْ أَغْدَقْـتَ وُدَّا |
يَرُفُّ شَذَى بِشِعْرٍ مِنْكَ أَطْـرَى |
كَأَنَّ حُرُوفَهُ قَـدْ سِلْـنَ شَهْـدًا |
وَأَنَّ سُطُورَهُ قَـدْ فُحْـنَ عِطْـرَا |
وَقَدْ رَشَفَ البَيَانُ مِـنَ المَعَانِـي |
كُؤُوسَ بَلاغَةِ الإِبْـدَاعِ سِحْـرَا |
بِهِ نَضَحَ الشَّعُورُ عَبِيـرَ صِـدْقٍ |
يُلامِسُ فِي عَمِيقِ الحِـسِّ طُهْـرَا |
وَفِي حَرَجِ المَوَاقِفِ كُنْـتَ لَيثًـا |
يَذُودُ عَنِ الهُـدَى نَابَـا وَظُفْـرَا |
كَأَنَّـكَ آخِـرُ النُبَـلاءِ عَهْـدًا |
وَأَوَّلُ صَفِّهِمْ فِي الفَضْـلِ ذِكْـرَا |
وَأَكْرَمُ فِي خُطُوبِ الدَّهْرِ بَـذْلا |
وَأَوْسَعُ فِي العَنَا كَفَّـا وَصَـدْرَا |
لَقَدْ صَدَّقْتَ فِيكَ القَـولَ فِعْـلا |
يُوَافِقُ مَا اقْتَضَـى حُلـوًا وَمُـرَّا |
أَتَيتُـكَ وَالمَدِيـحَ عَلَـى حَيَـاءٍ |
وَمَا أَجِدُ المَدِيحَ يَفِيـكَ شُكْـرَا |
فَدَعْ بَيتَ القَصِيدِ وَسَـعْ فُـؤَادًا |
بَنَى لَكَ فِي شِغَافِ الحَمْدِ قَصْـرَا |