بسم الله الرحمن الرحيم
الصبي الذي يدهش للأشياء..قصة قصيرة
عبدالغني خلف الله
أخذ الرجل موقعه داخل مقصورة القطار وجلس علي يمينه إبنه البالغ من العمر خمسة عشرة عاماً ..وجلس قبالتهما رجل وزوجته ..وما أن تحرك القطار حتي صار الصبي يصيح في والدة بشغف وحماس منقطع النظير .. أنظر يا أبي الأشجار تهرول خلفنا .. أبي .. أبي الغيوم تسبقنا في السماء .. يا الله ما هذه الحيوانات التي تجمعت بالقرب من تلك البحيرة ؟ ..هل هي أبقار أم ماذا ؟ ومن ثّم أخرج يده خارج المقصورة وهو يتقافز في مقعده ..إنها تمطر يا أبي ..أنظر إلي يدي ..لقد بللها المطر ..هنا نفد صبر الزوجين اللذين يقتسمان معهما المقصورة ..وكانا كلما يعلق الصبي علي شيء ما ينظر كل واحد منهما للآخر وكأنه يقول هذا الصبي مجنون ولا ريب .. لكن وبعد أن تكررت قفشات الصبي وملاحظاته ووالده يبدو سعيداً وراضياً عن تصرفات إبنه .. قال له الزوج بحزم وغضب..اسمع يا أخ .. نحن متعبون ونود أن ننعم بشيء من الهدوء .. وحري بك أخذ إبنك هذا للطبيب بمجرد وصولك للمحطة القادمة .. رد الأب بفرح غامر .. نحن عائدان للتو من الطبيب بعد إجراء عملية جراحية ناجحة ..فقد كان إبني كفيف البصر طوال حياته وهو يبصر الأشياء لأول مرة .