كما حصل سابقا معي وفي خاطرة كنت قد كتبتها سابقا بعنوان حراس المائدة حيث ذكرت اني كنت متجها الى عمل لي في حي قديم ولكنه مركز تجاري في جدة ...
كان الشهر يشارف على اخره .. وكذلك النهار قد بدأ يلبس عباءته .. ولذلك لم يكن لدي خيار في أن اضع سيارتي في المواقف الخاصة فاضطررت ان ابحث عن موقف عام مجاني ..عموما لن اطيل بالحديث اوقفتها في موقف عام تكثر فيه الحافلات الدولية واجتزت المسافة مشيا على قدمي ..
ولكي أعبر الى الجهة الأخرى من الشارع الرئيسي كان علي أن انزل من نفق للمشاة تحته ثلاث درجات ثم سبع درجات اخر يمينا ثم سبع كذلك يسارا ثم اربع درجات واحد وعشرون درجة هي مجمل عدد درجات السلم حتى تصل الى النفق الذي تجد في أوله متكسب هندي يبيع المكسرات .. واخر يبيع خردوات .. واخرون هنا وهناك كلهم يتراكضون اليك كي تشتري بضاعتهم .. ومنهم من يجرب عليك جهازا للمساج على ظهرك ويديك لايغني ولايسمن من جوع تتركه بابتسامة معتذرا منه .. وتتقدم خطوات أخر ليزعجك احدهم بصوت جرس ساعة منبه يجربها امامك وأنت بالأصل تكره هذه الساعات .. وتعود بك ذاكرتك الى عدد الساعات التي رميتها بالحائط وكسرتها حين كنت قد ثبتها على موعد معين .. ولكنك فضلت ماهو مفضل .. وسرت خلف فطرتك .. فتستغل من يومك ساعة اخرى ..
الى ان تصحو مفزوعا متذكرا موعدك مع مديرك .. الذي تضطر ان تذهب اليه في بيته,
يفتح الحارس الباب الضخم فتتردد في ادخال سيارتك الى داخل الفيلا ثم تدخل مسرعا عندما ترى الحارس بدأ ينزعج من طول ترددك وانتظارك .. لتجد مسبحا على يمينك ..
وطفلة صغيرة تمارس هوايتها فيه ..
وعلى يسارك قد رميت ارجوحة هناك ..
ولعب متناثرة وطفلان قد ملا اللعب بتلك اللعب الرتيبة .. التي لاتعطيهم حرية الاختيار ولاالتصميم وانما هم كالرجال الاليين .. نظمت حياتهم من قبل الصانعين الغربيين او اليابانيين على حد سواء او الصينيين ..
حسب مستوى ولي الأمر الاجتماعي والمادي وحسب تحكم زوجته بمجريات الأمور ..
يناديك مديرك من باب قصره الفردوسي .. وهو لايزال بلباس نومه .. كي يناقش معك بعض الأوراق في مكتبه لكي تقوم بالعمل عنه فهو مشغول مع زوجته .. فتدخل لتجد في بهو القصر لعبا اخرى الكترونية ولكنها قد اهملت وملت حتى تفجر غضبها ...
ولكنك تصحو من ذكرياتك على صوت متسولة سوداء تقول في سبيل الله .. قد امتهنت هذه المهنة فصارت مصدر رزقها .. فتهمل كلمتها وتتقدم الى داخل النفق خطوات ..
لتجد طفلتها تلهو بسلة قد وضعت عليها بقايا ليمون قد جف .. وأغطية مشروبات قد رميت من شاربيها .. ثم تدفع سلتها في ضحك وتركيز الى الأمام .. فان سقطت من عليها ليمونة او غطاء بيبسي تعيدها مكانها وتعود أدراجها الى اول طريقها حتى تصل الى النهاية دون ان تسقط شيئا .. استغرق الأمر معها ربع ساعة خلال مراقبتي لها وماان وصلت الى النهاية حتى قفزت فرحة تصيح مهلهلة بانتصارها ...
سبحان فاطر السماوات والأرض من علم هذه الطفلة المحرومة ان تبتكر لعبة لنفسها .. وتسر باتمامها ويالهذه المفارقة العجيبة مع من يملك كل شيء ولكنه مصاب بالملل والرتابة ..
ماأشد الألم عندما يمل الطفل رغم ان لديه كل مايحلم به ..
تابعت سيري وانا احاول ان اجد السبب في ذلك هلي هي اساليب التربية والترفيه الزائد عن حده ؟..
أم هو الترف والبطر ومحو غرائز التصميم والابتكار من اطفالنا ؟..
غريبة هي الدنيا مفارقات اجتماعية كثيرة
ولكن يظل اللسان يردد سبحان خالق الطفل ذلك المعجزة