|
ريحٌ وأنواء |
مُرِّي على قبةِ التحكيـمِ خنسـاءُ |
يعيدُها مـن شفيـرِ النـومِ متكـأٌٌ |
توسدتـهُ حكايـاتٌ وضـوضـاءُ |
في ضوءِ ما أسقطت عيناكِ من ألـمٍ |
ترعرعت فـي محيـطِ الدمـعِ آراءُ |
لم تغفري للكرى سهواً وقمتِ لـهُ |
حلمـاً ترقعُـهُ للصيـفِ أفيـاءُ |
و مُذ توجّستُ أنـي لـن أقابلَنـي |
تزاحمـت فِتَـنٌ حولـي وأهـواءُ |
ماذا يزيلُ عن الأبدانِ مـن دنـسٍ |
إذا تنصَّـلَ منَّـا الطهـرُ والمـاءُ |
قابَ اليقينِ بأني لسـتُ أجهلُنـي |
أنـا ابـنُ آدمَ بالتأويـلِ خطَّـاءُ |
بعثرتُ أوراقَ سِفرِ الحزنِ عن قلـمٍ |
مـدادُه لعروسِ الشعـرِ إغراءُ |
عادت إليَّ سويعاتُ الضيـاعِ ولـم |
تلحقْ بها من ضفافِ البـالِ سـرَّاءُ |
أدورُ فـي فلـكِ الآلامِ مركبتـي |
جـرحٌ تسيَِّـرُه لـلآهِ آلاءُ |
و أبعثُ الأملَ المـوءودَ من حَلَكـي |
و مهجتي بِنُثـارِ اليـأسِ فيحـاءُ |
أقتاتُ من شظفِ الأغـلالِ مسغبـةً |
وقد تصحّرتُ فيما أعشبَ الداءُ ! |
ولو قنعتُ بما نالت يـداي فلـن |
أقولَ يا نفسُ غابت عنكِ أشيـاءُ ! |
هويتي الأرضُ ..ذاك النخلُ يعرفُني |
فكيـف تجهلُنـي ريـحٌ وأنـواءُ؟ |
قريحتي هتَكـت أسـرارَ مكتبتـي |
و ليلتي - يا لِجُنحِ الهـمِّ- ليـلاءُ |
تنفّسَ الشعرُ صُبحَ الأقحوانِ شذىً |
و أنّتي في كهوفِ الأمسِ روحـاءُ |
أسيرُ تحت ضــياءِ الشعرِ ممتطياً |
مُهرَ البلاغةِ والأذواقُ عرجاءُ ! |
وقد تساميتُ فـي قـولٍ أموسقُـهُ |
لحناً وإن نَشزَت باللحنِ غوغـاءُ ! |
خصمان لم ينسفـا أرضيـةً لهمـا |
أذ حالَ بينهمـا كـأسٌ وصهبـاءُ |
ماذا لديكِ ومفعولُ البكـاءِ نمـى |
لأعيـنٍ نازعتهـا الدمـعَ حـواءُ |
وقد تعمّدَ تلميعَ الجفـانِ ضحـىً |
حسّانُ فاتشحت باللـومِ أخطـاءُ |
في الجاهليةِ خضبتِ الحروفَ فمـاً |
حتى اشتهت طينةَ التأبيـنِ حنـاءُ |
بما تيّسَرَ من حـزنٍ أفضـتِ بـه |
يوم انحنت لجبيـنِ الصبـرِ آبـاءُ |
لا تضربي بقيودِ الصمتِ فوقَ يـدٍ |
تصحو على همسِها الريفيِّ أضـواءُ |
فقد تكسَّـرتِ الأوزانُ وانتثـرت |
و رحلةُ الصمتِ يا خنساءُ زوراءُ |
ترجَّلَت عن يديكِ الدارُ وابتعـدت |
عن مركبِ السَفرِ الموعودِ أحيـاءُ |
وأنزلت رحلَهـا الشعـريَّ قافلـةٌ |
في غيمةٍ لم يواطـئ صمتَهـا المـاءُ |
فقدمي سيرةَ الأشجانِ بيـن يـدي |
جرحٍ على ضفتيهِ الحـزنُ إمضـاءُ |
مازال صخرُ هنـا يبتـاعُ مطفـأةً |
والنارُ في رأسِه والقومُ ما جـاءوا ! |
تسَّوري مطلعاً فيهِ الشهيـدُ مشـى |
نخلاً له العيـدُ والأطفـالُ أزيـاءُ |
فالقادسيـةُ لـم تفقـدْ حفاوتَهـا |
بالعزِّ منذُ اعتلـى الأمثـالَ أبنـاءُ |
ولم تذقْ بسمـةُ التلفـازِ موقعـةً |
تجلو بهـا غابـرَ الإذلالِ حسنـاءُ |
فأي عاصمةٍ تهتـزُّ لـو سقطـت |
من نخلةِ العـزِّ أقطـارٌ وأرجـاءُ؟ |
تدرين أن طباعَ الريحِ مـن قلـقٍ |
تجري وكفُ الهدى بالصفحِ بيضـاءُ |
لا أنت أفقدتني صحوي وما سحبت |
حصانتي من هروبِ العقلِ عـذراءُ |
كسوتُ قافيتي بُردَ الخليـلِ علـى |
مرأى النهارِ و وجهُ النورِ وضّاءُ |
و قد تجاهلنـي فـي خيمتـي وطـنٌ |
لـه بأجنحتـي نـارٌ وعنـقـاءُ؟ |
ردي فمي من جفافِ اليأسِ ، آنسني |
مجدٌ له في عكـاظِ الشعـرِ أنـداءُ |
وسوّلت لفمـي تحويـلَ أخيلتـي |
شعراً وتقديمَها للحكمِ (خضـراءُ) |
بلابلُ الـروحِ لا زالـت مغـردةً |
و تشعلُ الوجـدَ ..سـراءٌ وضـرّاءُ |
و زمزمُ البوحِ آلامـي لهـا قـدمٌ |
و جنّـةُ النفـسِ بالآمـالِ غنّـاء ُ |
قد آن للغضبِ الجاثي على كتبـي |
تمزيقُ لوني فقد أعمتهُ زرقاءُ !؟ |
من أرذلِ الصيفِ لا تأتـي لداليـةٍ |
بشرى وقد أوغلت بالروضِِ بيـداءُ |
حقائبُ اللومِ من خيباتِنا امتـلأت |
فكيف تسطيعُ حملَ الهـمِّ أعبـاءُ؟ |
يا موطناً لم أجِدْهُ عندمـا انطفـأت |
أصابعي الخرسُ والآهـاتُ عميـاءُ |
في جعبتي أملٌ أودعـت فارتكبـي |
شعـراً تعرِّيـهِ للأسمـاعِ أصـداءُ |
قذى بعينيكِ ،لا أخفيكِ أبصـرُه، |
أم بالردى كحّلَت عينيكِ أشـلاءُ |
فهل أتاكِ حديـثُ القمـحِ تمنعُـه |
عن صرخة اليُتمِ بالتقتيرِ صحـراءُ؟ |
الخبزُ معجـزةُ المسكيـنِ تخرجُهـا |
كفٌ بقبضتِهـا الآمـالُ خرسـاءُ |
وقد زرعتِ بأرضِ الشمسِ أربعـةً |
فأين ما حصدت كفـاك خنسـاءُ؟ |