قال تعالى: [إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلَِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)]
(إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ فَصَلَِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) إن واسمها وجملة أعطيناك خبرها، وفي قراءة رسول الله صَلَِّى الله عليه وسلم: إنّا أنطيناك بالنون- قال التبريزي: هي لغة للعرب العاربة، وقال في الحديث: «وأنطوا الثبجة» محركة: المتوسطة بين الخيار والرذال. والكوثر: مفعول به ثان.
والفاء: حرف عطف للتعقيب. وصَلَِّ: فعل أمر مبني على حذف حرف العلة وفاعله مستتر تقديره أنت. ولربك: متعلقان بـ"صَلَِّ" ، ووضع الظاهر موضع المضمر وكان المقتضى أن يقول: فصَلَِّ لنا- ولكنه انتقل من المضمر إلى المظهر على سبيل الالتفات اهتماما بذكر ربك وتعظيما له. وانحر: عطف على "صَلَِّ" أي صَلَِّ صَلَِّاة عيد النحر. وهذا يقتضي أن تكون السورة مدنيّة لا مكيّة وقيل: الأمر عام في كل صَلَِّاة ونحر.
(إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) الجملة مستأنفة مؤكدة، وإن واسمها وهو مبتدأ ثان أو ضمير فصَلَِّ، والأبتر: خبر، هو والجملة خبر إن أو الأبتر خبر إن. ولا أدري كيف أجاز أبو البقاء أن يعرب هو تأكيدا؛ لأن المظهر لا يؤكد بالمضمر، وعبارة ابن هشام «ووهم أبو البقاء فأجاز في إن شانئك هو الأبتر التوكيد، وقد يريد أنه توكيد لضمير مستتر في شانئك لا لنفس شانئك، وذلك لأن شانىء اسم فاعل بمعنى مبغض».