{بُحتُ ولو لم أبحْ}
لو لم أبحْ لغَفى الشِّتاءُ على شفاهكِ ساعةً
وأتى ليحضنَ غرفتي في غيمةٍ من ذكرياتْ
كانت حديقَتُنَا الوحيدةَ ذكرياتٍ من سنينٍ عابرةْ
تأتي لتسقي وجهَهَا من غايةِ الليلِ القبيحِ
وتستقي من ورقةٍ غابت على وجهي بأوراقي
وسالت في خدودي دمعةً من ذكرياتْ
فتكونُ عيناكِ القصيدةَ من نسيجِ العمرِ
في ورقِ الدَّفاترِ واتِّضاحِ العشقِ في عينيكِ
كنتِ وحيدةً دخلتْ متاهاتِ القصيدةِ بعدَ أن
يرنو الغروبُ وريقةً بحديقةِ التُّفَّاحِ في
وجهِ الغروبْ
في حينِ كانَ الأقحوانَ على البحيرةِ غائِبَاً
كانت عيونكِ وحدها وبوحدةِ التُّفَّاحِ تبكي
ثمَّ تزهو بالسَّحابْ
تلكَ الحكايا حينَ أنتِ تكونُ فيكِ حكايةً
تلكَ الحكايا حينَ ثوبكِ يرتدي عطرَ القرنفلِ
في زوايا الأرضِ يمشي زورقاً
في موجِ أمنيةِ السَّرابْ
لو لم أبحْ لتركتُ فيكِ شواطِئَ النِّسيانِ
تعبرُ وجهَكِ المسكينَ ثمَّ العمرَ يمضي في حنايا
الموتِ مزدحماً بوحدتِهِ وليسَ بهِ سوى
دمعاً يجيبْ
لمَّا غرقتُ بناهديكِ سكينةً وَغَرَفتُ صوتاً من
حنانِكِ خافِقَاً قد كانَ مزدحِمَاً بِعريِكِ صامتاً
في نومكِ العسليِّ مُحمرَّاً بثغركِ باكياً من
ذكرياتٍ عاريةْ
النَّهرُ وحدهُ ليسَ يدري أنَّهُ نهرٌ حنانكِ
وحدهُ النَّهرُ الوحيدُ بوحدةٍ نهرٌ وحيدٌ
في جسورٍ من بُخَارْ
كانَ الربيعُ يحوكُ ثوباً يعتري منهُ الظلامُ
يحوكُ من شَفَتَيكِ ثوباً أبيَضَاً مُتَلَاجِمَاً
بنديِّ غابتهِ وصوتكِ في الزمانِ وفي
المكانِ وفي النَّهارْ
كُنَّا بوحدتنا جماعاتٍ يُصَلِّي في كنائِسِها الرَّبيعُ
جُنَينَةً نامت بوحدَتِها الزهورُ وذكرياتٌ من صِغَارْ
يَكفي بأنِّي شاعراً يَكفي بأنَّكِ وحدتي وقصيدتي
الآنَ بحتُ وكلُّ هذا ذكرياتٌ من غبارْ