.يرى الدكتور زكي نجيب محمود في كتابه نافذة على فلسفة العصر , أن ( الفكر العربي ما يزال غارقا ُ في ضروب من الفكر عتيقة ذهب زمانها , ولم يعد لها أثر عند قادة الحضارة العلمية الراهنة ] … [ فإذا كان قادة الحضارة في عصرنا مشغولين ( بالتقنية ) , فنحن مشغولون – كما قلت مرة في إحدى المناسبات العامة – ( بالكلامولوجيا ) .
وأرى أنا أن ليس ذلك وحسب , بل وأن من حاول من أصحاب التنوير التمرد على هذا الفكر ولو جزئيا ً بغية النهوض والتجديد , لم يكن رزقنا معهم سوى كارثة جديدة لم يواتها الحظ في المواكبة ( ربما عن قصد منهم) , وراوحت محاولاتهم مكانها عند ميتا فيزيقية أواخر الثامن عشر ومطلع التاسع عشر , بعد أجيال من إلتفاف حول الموروث وتعسف للنصوص , ليبادرنا بعدها رواد الحداثة المحلية - سادة التنوير العربي البروقرسطيسي - بإيدلوجيات كانتية مهترئة وعقائد هيجلية مرقعة , فتتم الكارثة بصرخات منهم مدوية تعلن أن كشوفات أهل المنطق والفلسفة في أوروبا الحديثة كانت في الأصل نسخة من التي اشتغل عليها سادتنا الأول كابن رشد وغيره , وكأنهم بهذا لا يكتفون بحبس أحلامنا في متاهات فلسفات ما ورائية تافهة تعفنت قبل قرنين , بل ويطالبوننا بالرجعية مرتين ليصبح القرنان قرون.
* العنوان بالمعارضة لعنوان كتاب تي اس اليوت الشهير ( بحثا ُ عن آلهة غريبة )