|
خَفَقاتُ قَلْبي داعَبَتْ ذِكْراكِ |
وتَنشَّقَتْ رُوحِي نَسيمَ شَذاكِ |
صُوَرٌ وأطيافٌ تَمُرُّ بخاطِري |
تَنْتابُني وتَطوفُ في أفْلاكي |
رَقَّتْ لها نَفْسي وفاضَت عَبْرَتي |
وغَدَوتُ مُرْتحَِلاً بِغَير حَراكِ |
يا نُورَ عَيني هَلْ أُصِيبَ مِنَ الهَوى |
في العاشقِينَ كَمَنْ رَمَت عَيناكِ |
بَيْن المَآقِ واللَّحاظِ مَفازَةٌ |
أيْقَنْتُ فِيهَا مَنِيَّتي وهَلاكي |
لَمَعَ السَّرابُ بِها وظَلَّل جَفْنُها |
دُرّاً يُخَالُ بِعالَمِ الإِدراكِ |
حتَّى تَبَدَّى نُورُها عَنْ واحَةٍ |
فَيْروزَها لونُ السَّماءِ يُحاكي |
خَلَبَتْ شَغافَ القَلْبِ في أَهْدابها |
كالطَّيرِ يَخْفِقُ دَاخِل الأَشْراكِ |
فأذَقْتِهِ شَهْدَ الوِصال عَلَى الظَّمَا |
ومَنَعْتِهِ لمَـّا اسْتَطابَ هَواكِ |
رِفْقاً بِذَا القَلْبِ الرَّهِيفِ فَمَا دَرَى |
مِنْ قَبْلُ ما طَعْمُ الهَوَى لولاكِ |
لا تَحْرِمِيهِ وَقَدْ أصَبْتِ بِمَقْتَلٍ |
مِنْ بَلْسَمٍ رَقْراقَ مِنْ بَرَدَاكِ |
أو زَهْرةٍ مِنْ غُوطةٍ أو نَسْمةٍ |
أو قُبْلَةٍ تَحْنُو بها شَفَتاكِ |
فلَعَلّ وَصْلَكِ يَفتدِيهِ مِنَ الجَوَى |
أَوْ تَرتَوِي عَيناهُ مِنْ مَرآكِ |
أَدِمَشْقُ أَنْتِ قَصيدةُ الحُبِّ التي |
كُلُّ البُحورِ تفيضُ مِنْ مَعْناكِ |
يا جَنَّةَ الدُّنيا وتاجَ جَمَالِها |
أدْنيتِ مِنْ كُلِّ القُطُوفِ جَناكِ |
آتِيكِ يا أَحْلَى البِلادِ مُثَقَّلاً |
مِنْ غُربَتي بالهَمِّ والإِنهاكِ |
فأَرَى رُبوعَكِ لِلعَليل مَثابَةً |
يَأْوِي لها كالماءِ للأَسماكِ |
أَدِمَشقُ أنْتِ حِكايةُ التاريخِ مُنـْ |
ـذُ بُزُوغِه بَرَدَى بِفِيهِ رَواكِ |
حِصْنُ العُروبَةِ والكََرامَةِ والإِبَا |
صَرْحُ العُلومِ مَنَارَةُ النُّسَّاكِ |
كَمْ شُيِّدَتْ مُدُنٌ وغابَتْ شَمْسُها |
وعَفَتْ وَدامَ عَلَى الزَّمانِ صِباكِ |
نَاءَتْ بِأسبابِ النُّهوضِ مَمَالِكٌ |
وفَرَشْتِ بِالمجْدِ التَّلِيدِ رُباكِ |
فابْقَي دِمَشْقُ عَلَى الدَّوامِ عَزِيزةً |
فمَجَرَّةٌ فَوقَ النُّجُومِ مَدَاكِ |
يا قِصَّتي وقَصيدَتي وحَبِيبَتي |
بَلْ جَنَّتي سُبْحَانَ مَنْ سَوَّاكِ |