|
يا ورد ما لك فوق تربك ذابلا |
وسرى عبيرُك عن ربانا راحلا |
أتراه أقفر بيتنا من بعدنا |
وتُركتَ تذوي فوق غصنك مائلا |
أم يا ترى شُغلت كريمة دارنا |
مَنْ كنتَ دوما من يديها ناهلا |
يا وردُ فاعذُرها فإنّ مصابها |
قد هدّها وأناخ منها الكاهلا |
طيرانِ قد خُطفا وأضحى عشُّها |
قفرا وقد كان العشيّةََ آهلا |
زرعتْ بترب الأرض بعضَ فؤادها |
حتّى غدا شجرا وكان فسائلا |
لكنْ دهى البستانَ ريحٌ صرْصرٌ |
ليستْ تُردُّ فخلّفته قاحلا |
تركتْ كريمةَ دارنا في لوعة |
وتجيل في الأنحاء طرْفا ذاهلا |
أين الشجيراتُ التي قد أنفقتْ |
عمرا تُروّيها المعينَ سُلاسلا! |
أبُعيدَ أنْ آتتْ ثمارا أينعتْ |
و تهيّأت كي تجتنيها كاملا! |
أبعيد أنْ رقصت لها أحلامُها |
وبدت مناها للعيون مواثلا! |
لكنّها ترمي الخواطرَ جانبا |
كيما تسائل قلبَها وتجادلا |
أتُراه حُلْما في الكرى وسينقضي |
ويزول إمّا عاجلا أو آجلا |
فتروح تبحث في نواحي بيتنا |
وفؤادها يرجو لقانا آملا |
وتحوم أطياف الأحبة حولها |
فتهمّ تلثمها و لا لا طائلا |
فتلوذ بالأثواب تسكب دمعها |
لو سال شقّ على الأديم جداولا |
وتُزلزل المحرابَ في أسحارها |
تشكو إلى الرحمن ضرّاً نازلا |
والبدر ساهرها فنام ولم تنم |
كم ودّعتْ في الصبح نجما آفلا |
وفؤادُها قد همّ يهجر صدرها |
ويطير عنها للأحبة راحلا |
لكنْ تمانعه الضلوع مرامَه |
فيروح يبكي حين يرجع قافلا |
وتسير والأقدامُ تعثُر تارةً |
وتجرُّ عودا فوقها متحاملا |
وتكلّمُ الأطيار عن أحبابها |
هلاّ حملتِ لمن أحبّ رسائلا |
وشكتْ لها الأشجار مُرَّ شجونها |
مَنْ كان يقضي في الظلال أصائلا ! |
والياسمينُ غدا يجدّد حزنها |
من كان يجنيهِ لها فيما خلا! |
يا لوعةََ القلب الذي يحيا بها |
ما كان يرقُبُ للزمان غوائلا! |
شقّتْ به الأحزانُ ُلُجّةَ بحرها |
أتراه ينزل للسعادة ساحلا! |
وأتتْ صغيرتُنا لتسأل أمَّها |
من ذا يحلُّ ليَ المساء مسائلا |
وتقول طال غيابُه فلترسلي |
من خلفه أمّي ليأتيَ عاجلا |
تاقت إليه يُفيض من تحنانه |
قد كان كلَّ القلب منها شاغلا |
لهفي عليك أخيّتي إن تعلمي |
أنّي أجرّ من الحديد سلاسلا |
فتجلّدي أمّاه ما طال النوَّى |
تفديكِ روحي والحياةُ وما غلا |
إنّي وإنْ أُلْقيتُ أجرعُ محنتي |
كأسا مريرا طاب لي متناوَلا |
وأخي الحبيب بعين قلبي قد أرى |
في لُجّة الأنواء نسرا باسلا |
فعزاؤنا أنّ المصابَ لقد غدا |
للّه كان لأجر كلٍّ كافلا |
إنّ الشتاءَ وإنْ أثار صواعقا |
يأتي على غُبْر الروابي غاسلا |
وهو البشيرُ إلى ربيعٍ قادمٍ |
يملا البطاحَ نضارةً وسنابلا |
ستعود يا أمّاه بهجةُ دارنا |
سأعود أجنيكِ الزهورَ جدائلا |
سنعود عند الفجر ينشُرُ جندَه |
والليلُ يُرْحِلُ للرحيل رواحلا |
ورياضُنا ترمي بغُبْر ثيابها |
كي ترتدي خضرَ الثياب وما حلا |
أمّا إذا سقطتْ نجومُكِ في الدُّجى |
فرأيتِهنّ عن السماء أوافلا |
فاللهَّ أرجو أنْ يلملمَ شملَنا |
و يُحِلَّنا غُرفَ الجنان منازلا |