|
بينَ المروجِ و صُحبةِ الغُدرانِ |
وبلابلٍ تشدو على الأغصانِ |
وسماعِ أغنيةٍ يبوحُ بها الهوى |
من وجْدِ عاشقةٍ لقلبِ معانِ |
كم رَحَّبَ العاصي وزادَ تألقاً |
حينَ الْتقى بالآلِ و الخِلانِ |
مَن ذا يُصدقُ في ( حماةَ ) كما أرى |
جُمِعتْ كنوزُ الدُّرِّ و المَرجانِ |
عقدٌ تلألأ و الجمالُ يَصوغُهُ |
من لؤلؤٍ و زُمرُّدٍ و جُمانِ |
لا يبرحونَ صدارةً و مكانةً |
همْ بالفؤادِ كدفقةِ الشِّريانِ |
جَمْعُ الأحبةِ فرحةٌ لا تنتهي |
ما حيلتي , و قدِ اخْتصَرتُ بياني |
أهلاً وسهلاً في رِحابِ أبي الفدا |
ءِ وعلمِهِ وروائعِ العُمرانِ |
أهلاً و سهلاً قد حَللتمْ بيننا |
قلباً و روحاً دونما اسْتئذانِ |
العيدُ جَمَّعنا و نحنُ أحبةٌ |
يا مرحبا بالأهلِ و الجيرانِ |
أهرامُ (مصرَ) أتتْ حدائقَ (بابلٍ) |
و(بَعَلبَكُ) انْتقلتْ إلى (وهرانِ) |
آياتُ ( تَدمرَ ) وحْيُها من ( يَثرِبٍ ) |
و ( القيروانُ ) حفيدةُ ( اللبنانِ ) |
و ( النيلُ ) شادَ مع ( الفراتِ ) حضارة ً |
فامْتدَّ ( عاصينا ) إلى ( أسوانِ ) |
إنْ تسألِ التّاريخَ عن أمجادِنا |
مِن عمقِ باديةٍ إلى الشُّطآنِ |
تَروي ملاحمُنا حكايةَ أمَّةٍ |
شِيْدَتْ ركائزُها على الإيمانِ |
من كلِّ حاضرةٍ أتتْكَ قبيلة ٌ |
عربيةٌ مِن سائرِ البلدانِ |
شاميةٌ – لا فرقَ – أو يمنيةٌ |
مِن صُلبِ غسَّانٍ أو العدنانِ |
مهما تعددتِ الفروعُ بأسْرة ٍ |
و تباعدتْ , هم أخوةُ الأوطانِ |
لغةٌ تُجمّعنا و أرضٌ لمْ تزلْ |
نبعَ العطاءِ و حلبةَ الشُّجعانِ |
قد أفصحتْ عنها أرومَةُ يعرب ٍ |
ومبادئٌ تسمو بلا إعلانِ |
أنّى الْتفتُّ أرى المشاعرَ نفسها |
بينَ المحيطِ الأطلسي و عُمانِ |
مهد الحضارةِ حينَ تُذكرُ أمَّةٌ |
أو في الهدايةِ أولُ الأديان ِ |
أرضُ النُّبوةِ و المسيحُ شهيدُها |
ومحمدٌ كم زادنا مِن شانِ |
خَتَمَ الرِّسالةَ عندَ كعبةِ مكةٍ |
فإذا بها تَمتدُّ كالطّوفانِ |
اللهُ كرَّمها بِصدقِ رَسولِها |
و المجدُ شَيَّدها بِلا بُنيانِ |
رمزاً لوحدةِ أمَّةٍ و أصالةٍ |
وُجِدتْ هُنا و الغربُ كان يُعاني |
مِن ذُلِّ تَفرقةٍ و جَهلِ مَعارفٍ |
وتَسلطٍ بالحربِ و العدوانِ |
أيامَ ( روما ) ما تزالُ صبيةً |
وجيوشها اكْتظتْ مِن الفُرسانِ |
كانتْ تُحاربُ في سبيلِ مَطامِعٍ |
و تُعامل الإنسانَ كالحيوانِ |
و حروبُنا من أجلِ كلِّ فضيلةٍ |
أو رَدِّ مَظلمةٍ عَنِ الإنسانِ |
عِشنا دعاةَ مَحبةٍ و عدالةٍ |
في ظِلِّ إسلامٍ بِلا طُغيانِ |
نمضي إلى غاياتِنا بطريقةٍ |
الحَقُّ فيها صاحبُ الميزانِ |
نحنُ الأسودُ إذا السّيوفُ تَجَرَّدَتْ |
لا نَستكينُ لذلةٍ و هَوانِ |
والعارُ نَغسلهُ بطهرِ دمائنا |
كي تُستعادَ كرامَةُ الأوطانِ |
مَن ذاقَ طعمَ الموتِ تحتَ حرابِنا |
أو فيهِ شاهَدَ غُصَّةَ الظّمآنِ |
يُدركْ إرادةَ أمَّةٍ قد أقسَمَتْ |
الاّ تلينَ لفاسِقٍ شَهواني |
( بوشٌ ) و تابِعُهُ و كلُّ مؤيدٍ |
لسياسةٍ آلتْ إلى خُسرانِ |
(بغدادُ) يا أمَّ الفداءِ تَمَسَّكي |
أقواسُ ( بابلَ ) لم تزلْ عُنواني |
من ماءِ ( دجلةَ ) يومَ عاثَ بها الفَسا |
دُ ومازَجَتْ بِجروحِها ألواني |
حاولتُ أنْ أنسى احْتراقَ مَشاعِري |
لكنّها فُطِرَتْ على العِصيانِ |
يا أرضَ ( بابلَ ) قُطِّعتْ سُبُلُ الهوى |
وبكى على فقدِ الدّيارِ حِصاني |
لا بدَّ مِن فجرٍ سيأتي مُشرِقاُ |
يُحيي التُّراثَ و سالفَ الأزمانِ |
هل أرتجي إلاكِ بعدَ فجيعةٍ |
كي أستريحَ و تنتهي أحزاني |
نحنُ اجْتمعنا في ( حماةَ ) لغايةٍ |
لكنْ – جِراحُكِ هَيَّجتْ أشجاني |
فغداً سَتورِقُ في الحُقولِ مَواسِمي |
و غداً سأحصُدُ مِن ثِمارِ جِناني |
(بغدادُ) يا بَلَحَ العروبةِ في فمي |
وحلاوةَ التُّفاحِ و الرُّمانِ |
إنّي أقدمُ للسَّلامِ رسالةً |
بيضاءَ تَحمِلُ فِكرتي ولِساني |
فيها قصائدُ لم تزلْ في جُعبَتي |
فواحةً بالعِطرِ و الرَّيحانِ |
الياسمينُ بها اسْتفاقَ بِقبلةٍ |
و الشَّوقُ ضَمَّ شَقائقَ النُّعمانِ |
هي باقةٌ فيها أريجُ محبةٍ |
كم آلَفَتْ قمماً مع الوِديانِ |
أهلاً وسهلاً تلكَ خَتمُ قصيدةٍ |
بِقدومِكمْ هَلَّ الرَّبيعُ الثّاني |