عَفاف حُرَّة
محمد العلوان
فَيـارَبِّ إرحمهُمْ ولَملِمْ شَتاتهُمْ
ولا تَجعلِ الأقدارَ فيهِمْ تُفَرِّقُ
وَيـارَبِّ إجعلْ مِن ضلوعي ركائزًا
تُثَبِّتُ بيتًا مِن رياحٍ تُمَزِّقُ
وَيارَبِّ أسعِدْهُمْ بأُمٍّ كريمةٍ
يَفيضُ ضياءُ الشمسِ مِنها ويُشرِقُ
وَيـارَبِّ حَمِّلني لِداءٍ بجسمِها
فَدائي بِقَلبي لا بجِسمِيَ يَحرقُ
يَكادُ الأنينُ المُرُّ يَقطفُ صَبرَها
فيَجلِدُها حِينًا وحينًا يُحملِقُ
فتذوي على الأعتابِ تَرتادُ مَنزِلاً
مفاتيحُهُ هَمٌّ ودَمعٌ يُرقرقُ
وليلٍ تَوالى بالعقوقِ لِحُرَّةٍ
تَخبَّرَها صِدقًا بِما هِيَ تَنطقُ
تَكادُ مآسي الحزنِ تَخطفُ جَذوةً
تَكفَّلها نُورٌ مِن العينِ يَبرقُ
تَعَقَّبَها بالصحوِ حَتّى إذا سَهَتْ
نواظرُها تَرتابُ حِينَ يُحَدِّقُ
تَعَشَّشَ فيها باكتِئابٍ وخيبةٍ
على لَحظةٍ خرقاءَ في العمرِ تَنعَقُ
يُحَجِّمُها هَمٌّ ثَقيلٌ وحَسرةٌ
وأوغادُ بؤسٍ لِلمباهِج تَسرقُ
يُطاردُها الإعياءُ مِن كُلِّ وِجهَةٍ
ويَسكنُها هَمٌّ وحُزنٌ يُأَرِّقُ
فَكَمْ حُرَّةٍ عَلياء تَمشي بِحُزنِها
وتسري بِلَيلٍ والحتوفُ تُخندِقُ
وَكَمْ حُرَّةٍ تَأبى الخنوعَ تَحَمَّلَتْ
عَناءَ شَقاءٍ في إباها يُشَقِّقُ
ولكنَّها رغمَ الجفاءِ تَسربَلَتْ
رِداءَ عَفافٍ بالكَرامَةِ يَعبقُ
فأسبَغَها نُورٌ أظَلَّ حياءَها
وأغدَقَها حُسنٌ مِن الفجرِ يُورِقُ
1980