|
بِكَ لا بِغَيرِكَ لِلإبَاءِ يُشَارُ |
وَبِمِثلِ كَفِّكَ تُكْتَبُ الأَقْدَارُ |
وَعَلَى مَدَارِكَ فِي انْعِتَاقِكَ لِلعُلا |
تَقْفُو الشُّمُوسُ وَتَتْبَعُ الأَقْمَارُ |
يَا مَنْ بَكَى اللاهُونَ نَزْفَكَ دَافِقًا |
فَأَبَيتَ إِلا أَنْ يَصُونَ وَقَارُ |
وَاسْتَمرَأَ العَادُونَ قَصْفَكَ حَارِقًا |
بِشُوَاظِهِمْ فَصَمَدْتَ وَهْيَ النَّارُ |
نَارٌ كَأَنَّ الحِقْدَ سَجَّرَ سَيلَهَا |
وَالغَيظَ أَلْهَبَ مَا أَغَلَّ أُوَارُ |
يَرْمُونَ لا يُلْوُونَ لا يَسْعَى بِهِمْ |
إِلا الدَّمَارُ الفَجُّ وَالإِضْرَارُ |
قَدْ أَغْلَقُوا سُبُلَ الفَضَاءِ وَأَطْلَقُوا |
حِمَمَ القَضَاءِ وَسِيقَتِ الأَعْذَارُ |
جَاءُوكَ مِنْ بَرٍّ وَمِنْ بَحْرٍ وَمِنْ |
جَوٍّ كَمَا الغُرْبَانُ فَوقَكَ طَارُوا |
رَكِبُوا جَنَاحَ الرِّيحِ وَهْيَ غَرِيرَةٌ |
وَغَدَوا عَنِ الآفَاقِ وَهْيَ غُبَارُ |
وَرَموا صَوَارِيخَ الجُنُونِ بِخُدْعَةٍ |
غَارَتْ بِهَا الأَنْفَاسُ حِينَ أَغَارُوا |
قَصَفُوا المَسَاجِدَ وَالمَدَارِسَ وَالرُّبَى |
حَتَّى تَمَزَّقَ فِي الدِّيَارِ دَمَارُ |
وَتَنَفَّسَ البَارُودُ أَرْوَاحًا هَمَتْ |
زُمَرًا يُكَلِّلُ مفْرقَيهَا الغَارُ |
وَطَغَوا فَمَا بَشَرٌ وَلا حَجَرٌ نَجَا |
مِنْهُمْ وَلا شَجَرٌ وَلا أَطْيَارُ |
وَدَهَتْكَ أَهْوَالٌ وَحَسبُكَ مِحْنَةً |
لَوْلا اليَقِينُ لَطَاشَتِ الأَفْكَارُ |
لُجَجٌ مِنَ المَوتِ الزُّؤَامِ وَسطْوَةٌ |
بِالطَائِرَاتِ وَلَيسَ ثَمَّ قَرَارُ |
لَو أَبْصَرَتْ عَينُ الحُرُوبِ لَفُزِّعَتْ |
وَلَهَانَ فِي عَينِ الهَلاكِ تَتَارُ |
لَكِنَّ عَينَكَ وَالمَنُونُ مُحَدِّقٌ |
قَرَّتْ بِمَا وَعَدَ الوَرَى القَهَّارُ |
فَرَّتْ قُلُوبُ النَاظِرِينَ مَهَابَةً |
مِمَّا رَأَيتَ وَمَا رَآكَ فِرَارُ |
وَوَقَفْتَ أَنْتَ وَفِي فِؤَادِكَ غَزَّةٌ |
وَعَلَى جَبِينِكَ عِزَّةٌ وَفَخَارُ |
وَأَبَيتَ أَنْ يَطَأَ العَرِينَ مَنِ افْتَرَى |
إِنَّ اللِيُوثَ عَلَى العَرِينِ تَغَارُ |
وَعَلِمْتَ أَنَّ عُرَى الأُخُوَّةِ أَخْلَفَتْ |
وَبِغَيرِ كَفِّكَ لا يُقَالُ عِثَارُ |
وَرَأَيتَ لا سَيفًا يَذِبُّ وَلا خُطَى |
تَسْعَى وَلا قَومًا لِنَصْرِكَ ثَارُوا |
فَنَهَضْتَ تَحْمِلُ مِنْ نَوَائِبِ بَأْسِهِمْ |
مَا لا يُطِيقُ الجَحْفَلُ الجَرَّارُ |
فَرْدًا وَقَفْتَ وَحَولَكَ الأَشْرَارُ |
وَدَمًا نَزَفْتَ وَمَا أَجَارَكَ جَارُ |
تَبكِي لِشَأْفَتِكَ الجِرَاحُ وَيَشْتَكِي |
نَقْصُ السِّلاحِ وَيَأْسَفُ الإِنْكَارُ |
وَعَلَى مَلامِحِكَ البُطُولَةُ فُصِّلَتْ |
مَا أَوجَزَتْ فِي وَصْفِهَا الأَسْفَارُ |
ظَنُّوكَ يَومَ سَغبْتَ أَنَّكَ خَائِرٌ |
وَقَضَوا بِذَلِكَ يَومَ طَالَ حِصَارُ |
وَلَوِ اهْتَدَوا مَا دَلَّ فِيكَ لأَدْرَكُوا |
أَنَّ النُّكُوصَ عَنِ الشَّهَادَةِ عَارُ |
وَبِأَنَّكَ البَطَلُ الهُمَامُ سِلاحُهُ |
عَزْمُ الكُمَاةِ وَخَيلُهُ الإِصْرَارُ |
وَبِأَنَّ جَذْرَكَ فِي تُرَابِكَ رَاسِخُ |
لا السَّيلُ يَقْلَعُهُ وَلا الإِعْصَارُ |
مَنْ أَسَّسَ البَيتَ الأَبِيَّ عَلَى الهُدَى |
وَطَغَى الرَّدَى فَالبَيتُ لا يَنْهَارُ |
وَالرِّيحُ إِنْ عَصَفَتْ بِغَيظِ زَفِيرِهَا |
تَبْقَ الصُّخُورُ وَتَمَّحِ الآثَارُ |
وَالليلُ مَهمَا طَالَ زَالَ وَإِنْ دَجَا |
وَتَسَاقَطَتْ عَنْ تُوتِهِ الأَسْرَارُ |
إِنْ كَانَ بِالفُسْفُورِ ضَاءَ مُزَمْجِرًا |
فَالقَهْرُ لا تَعْنُو لَهُ الأَحْرَارُ |
وَسَيَعْلَمُ البَاغُونَ أَنَّ نَهَارَهُمْ |
نُورٌ لَهُمْ وَعَلَى العَدَاوَةِ نَارُ |
مِنْ كُلِّ مَنْ رَكِبَ الحَمَاقَةَ صَهْوَةً |
وَالغَدْرَ نَهْجًا بِاللِسَانِ يُثَارُ |
وَمِنَ المُعِينِ عَلَى السِّنِينِ وَلا يَدٌ |
إِلا يَمِينٌ لِلأَذَى وَيَسَارُ |
قَدْ أَظْهَرُوا كَأْسَ المَلامِ وَأَضْمَرُوا |
كَأْسًا تُدَبَّرُ بَيْنَهُمْ وَتُدَارُ |
وَرَأَوكَ تَتَّخِذُ الجِهَادَ شَعِيرَةً |
فَتَذَرَّعُوا بِالعَقْلِ وَهْوَ شِعَارُ |
إِذْ أَسْلَمُوكَ إِلَى العَدُّوِ وَقَدْ رَجَوا |
أَنْ يَسْحَقُوكَ مِنَ الوُجُودِ فَبَارُوا |
قَدَرُوا لَهُمْ دَعْمَ الحَلِيفِ وَقَدَّرُوا |
أَنْ لَيسَ تَمضِي لَيلَةٌ وَنَهَارُ |
فَأَذَالَهُمْ أَنَّ اللُيُوثَ تَحَرَّرَتْ |
وَأَذَلَّهُمْ بِالنَّصْرِ الاسْتِكْبَارُ |
لا الجُبُّ أَنْجَى المُرْجِفَاتِ وَلا دَمٌ |
وَأَتَتْ سَنَابِلَ نَصْرِهِ تَمْتَارُ |
يَا مَنْ سَقَانَا العِزَّ كَأْسَ كَرَامَةٍ |
مِنْ بَعْدِ أَنْ ظَمِئَتْ بِنَا الأَعْمَارُ |
كِدْنَا نَظُنُّ المَجْدَ أَرْمَلَ تِبْرُهُ |
حَتَّى أَتَاكَ المَجْدُ وَهْوَ نُضَارُ |
سَطَّرْتَ مَلحَمَةَ الصُّمُودِ عَقِيدَةً |
بِدَمٍ يَسِيلُ وَهِمَّةٍ تشْتَارُ |
وَسَمَوتَ فَوقَ الجُرْحِ تَحْتَملُ الأَذَى |
وَأَتَيتَ مَا فِيهِ العُقُولَ تَحَارُ |
وَسَلَكْتَ دَرْبَ النَّصْرِ سَرْجُ عُيُونِهَا |
شَوْكٌ وَنَسْجُ مُتُونِهَا أَخْطَارُ |
فَكَأَنَّهَا الفُرْقَانُ أَبْلَجَ نُورَهَا |
هِمَمٌ مِنَ العَزْمِ الأَبِيِّ كِبَارُ |
فِيهَا المَلائِكَةُ الكِرَامُ تَنَزَّلَتْ |
بِالنَّاصِرَاتِ وَسَحَّتِ الأَمْطَارُ |
وَتَحَدَّثَتْ عَينُ الزَّمَانِ وَدَمْعُهَا |
بِالنَّصْرِ لَمَّا زَاغَتِ الأَبْصَارُ |
وَسَرَتْ بِذِكْرِكَ أَبْجَدِيَّةُ شَاعِرٍ |
إِنْ قَامَ يَمْدَحُ تَعْجَزِ الأَشْعَارُ |
وَغَدَتْ لِغَزَّةَ فِي النُّفُوسِ مَهَابَةٌ |
وَمَكَانَةٌ لا تُدْرِكُ الأَمْصَارُ |
وَغَدًا إِلَى القُدْسِ الحَبِيبَةِ جَحْفَلٌ |
مِنْ مِثْلِهِمْ فَاسْتَبْشِرِي يَا دَارُ |
هَذَا اجْتِبَاءُ اللهِ يَنْصُرُ دِينَهُ |
وَاللهُ جَلَّ جُنُودَهُ يَخْتَارُ |