|
أَشَدُّ البَلايَا طَعْنُ قِسٍّ لِرَاهِبِ |
وَرَشْقُ الحَنَايَا مِنْ سِهَامِ التَّرَائِبِ |
وَنُجْعَةُ ذِي وُدٍّ وَعَهْدٍ لِنَاكِثٍ |
وَدَمْعَةُ مَفْجُوعٍ بِغَدْرِ الأَقَارِبِ |
تَنَحَّتْ بِكَ الأَيَّامُ يَا قَلْبُ فِي الوَرَى |
وَأَنْحَى عَلَيكَ الدَّهْرُ مِنْ كُلِّ جَانِبِ |
يُجَرِّعُكَ الأَقْدَاحَ مِنْ حَنْظَلِ الأَذَى |
وَيَسْقِي لَكَ الأَتْرَاحَ مِنْ كَأْسِ وَاصِبِ |
بِنَجْوَى عَدُوٍّ أَجْفَلَ الحِقْدُ صِدْقَهُ |
وَبَلْوَى تَجَنِّي صَاحِبٍ تلْوَ صَاحِبِ |
وَنقْمَةِ مَوتُورٍ يَرَى الحَقَّ فِي الهَوَى |
وَنَعْرَةِ مَسْرُورٍ بِأَدْنَى المَنَاصِبِ |
يُسَارِعُ فِيكَ العَذْلُ مِنْ طَعْنِ حَاقِدٍ |
وَيَصْدِفُ عَنْكَ العَدْلُ مِنْ لَحْنِ كَاذِبِ |
وَيَسْلُوكَ مَنْ أَحْبَبْتَ فِي اللهِ مُخْلِصًا |
وَيَتْبَعُ آثَارَ الحَسُودِ المُجَانِبِ |
أَصَابُوكَ حَتَّى أَنْزَفُوكَ بِجَوْرِهِمْ |
وَمَا زِلْتَ رَبَّ الفَضْلِ يَابْنَ النَّوَائِبِ |
تَرُدُّ لِسَانَ القَدْحِ عَنْ كُلِّ فَاسِقٍ |
وَتُبْدِي عُيُونَ الصَّفْحِ عَنْ كُلِّ تَائِبِ |
وَتَحْلُمُ عَنْ جَهْلٍ وَإِنَّكَ قَادِرٌ |
وَتَحْمِلُ عَنْ أَهْلٍ عَظِيمَ المَصَائِبِ |
وَمَا أَنْتَ بِالجَافِي ودَادَ أَحِبَّةٍ |
وَلا أَنْتَ بِالسَّالِي فِرَاقَ المَضَارِبِ |
وَلَكِنْ طِلابُ المَجْدِ خَيرٌ مِنَ الجَوَى |
عَلَى هَجْرِ أَوطَانٍ وَدَمْعِ حَبَائِبِ |
أَعِينِي عَلَى الأَحْزَانِ يَا نَفْسُ إِنَّنِي |
أُغَالِبُ بِالصَّبْرِ الذِي هُوَ غَالِبِي |
وَلا تَشْتَكِي حَرْبَ اللَيَالِي فَإِنَّمَا |
حِرَابُ اللَيَالِي هَذَّبَتْ بِالتَّجَارِبِ |
وَلا تَقْنَطِي ، فَخْرُ النُّفُوسِ بِمَا ارْتَقَتْ |
وَمِنْهَا اللوَاتِي فَخْرُهَا فِي المَثَالِبِ |
وَقَدْ يُبْدِعُ الإِصْلاحَ مَا كُنْتَ تَتَّقِي |
وَقَدْ يُسْطِعُ الإِصْبَاحَ طُولُ الغَيَاهِبِ |
أَنَا حَاتِمٌ بِالحِلْمِ يَا أُمُّ حَازِمٌ |
وَقَدْ كُنْتُ ذَا عَزْمٍ وَلا زِلْتُ يَا أَبِي |
إِذَا رَكِبَ الأَقْوَامُ مَرْكبَ شَهْوَةٍ |
رَكِبْتُ إِلَى الإِحْسَانِ خَيرَ المَرَاكِبِ |
وَإِنْ خَاضَ أَهْلُ الوَجْدِ فِي ضَحْلِ وَهْمِهِمْ |
أَخُضْ فِي بِحَارِ المَجْدِ مِنْ غَيرِ قَارِبِ |
وَلَسْتُ أُبَالِي مِنْ غَرَابِيبَ نُعَّبٍ |
وَلا اهْتَزَّ صَدْحِي مِنْ صَرِيرِ الجَنَادِبِ |
أَسِيرُ عَلَى دَرْبِي وَأَبْذُلُ هِمَّتِي |
لأَرْفَعَ صَرْحًا لِلعُلا وَالمَنَاقِبِ |
وَأَبْنِي مَعَ الأَحْرَارِ مَجْدًا لأُمَّةٍ |
لِنَجْنِي مِع الإصْرَارِ خَيرَ العَوَاقِبِ |
فَلِي هِمَّةٌ لَمْ تُعْنَ إِلا بِأُمَّةٍ |
وَمِثْلِيَ لَمْ يُخْلَقْ لِغَيرِ النَّجَائِبِ |
وَلَو شِئْتُ مَجْدِي كَانَ أَدْنَى إِلَى يَدِي |
وَأَقْرَبَ مِمَّا بَينَ أَنْفِي وَشَارِبِي |
وَلَكِنْ هُنَا نَجْنِي غَدَ المَجْدِ وَالعُلا |
مَعًا، وَالأَمَانِي مِنْ نَبِيلِ المَآرِبِ |
وَلَولاهُ مَا كَلَّفْتُ نَفْسِي حَسُودَهَا |
وَلا كُنْتُ أَرْضَى بِاحْتِمَالِ الشَّوَائِبِ |
فَيَا وَاحَةَ الفِكْرِ الرَّشِيدِ وَرِحْلَةً |
مَعَ الأَدَبِ السَّامِي وَصَقْلِ المَوَاهِبِ |
وَيَا مِنْبَرًا لِلحَقِّ وَالخَيرِ وَالهُدَى |
وَدَارَ الغَطَارِيفِ الكِرَامِ الكَوَاكِبِ |
بِفَخْرٍ قِفِي فَوْقَ النُّجُومِ الثَّوَاقِبِ |
وَلا تَحْتَفِي إِلا بِأَعْلَى المَرَاتِبِ |
نَشَأْتِ عَلَى الإِيثَارِ وَالبِرِّ وَالنَّدَى |
وَأُسِّسْتِ بِالتَّقْوَى لِكُلِّ مُصَاحِبِ |
وَكُنْتِ ضِيَاءَ الدَّرْبِ فِي ظُلْمَةِ المَدَى |
وَوَاحَةَ ظَمْآنٍ بِتِيهِ السَّبَاسِبِ |
عَرِينًا يَقِي الحَيرَانَ مِنْ هَدْرِ قَدْرِهِ |
وَعَيْنًا تَفِي الظَّمْآنَ صَفْوَ المَشَارِبِ |
وَمَنْ جَرَّبَ الآجَامَ دَارًا وَصُحْبَةً |
يَعفُّ شُمُوخًا عَنْ جُحُورِ الثَّعَالِبِ |
وَلَيسَ الذِي يَبْنِي العَرِينَ مُبَادِرًا |
كَمَنْ يَبْتَنِي وَكْرًا بِنِقْمَةِ غَاضِبِ |
فَيَا ظَافِرَ البُشْرَى بِبَالِغِ حِكْمَةٍ |
وَيَا مَاجِدَ الذِّكْرَى بِنُبْلِ المَذَاهِبِ |
وَكُلَّ أَخِي فَضْلٍ وَبَذْلٍ وَهِمَّةٍ |
وَأَهْلَ النَّدَى مِنْ كُلِّ آتٍ وَذَاهِبِ |
رِجَالا أَثَابُوا الفَخْرَ قَدْرًا وَقُدْرَةً |
بِنَيلِ المَعَالِي لا بِفَتْلِ الشَّوَارِبِ |
رِجَالا لَهُمْ غَايَاتُ كُلِّ فَضِيلَةٍ |
عَلَى حِينِ جَفَّ الدَّهْرُ مِنْ كُلِّ طَالِبِ |
إِذَا أَمْلَقَتْ دَارٌ فَأَنْتُمْ كُنُوزُهَا |
وَإِنْ أَجْدَبَتْ أَنْتُمْ هَتُونُ السَّحَائِبِ |
وَمَا يَسْتَوِي فِي النَّاسِ بَرٌّ وَبَائِرٌ |
وَلا قَولُ ذِي رَأْيٍ وَتَهْرِيجُ صَاخِبِ |
وَلا تَسْتَوِي نَفْسٌ تَصُونُ وَقَدْرُهَا |
نَفِيسٌ، وَنَفْسٌ تُشْتَرَى بِالرَّغَائِبِ |
وَقَالَ حَسُودٌ: إِنْ يَرَ الحُلْمَ مَوْطِنًا |
فَأَيْنَ سَيَغْدُو مِنْ حَقِيقَةِ كَاسِبِ؟ |
فَقُلْتُ: أَذَاكَ الكَيدُ يَا ذَيْلَ كَاشِحٍ |
وَهَلْ يُعْجِزُ الشَّاهِينَ كَيدُ الأَرَانِبِ |
أَتَرْشُقُ بَيْتًا فِي ذُرَى العِزِّ رَاسِخًا |
وَبَيْتُكَ أَوْهَى مِنْ بُيُوتِ العَنَاكِبِ |
وَمَا الوَاحَةُ الغَرَّاءُ إِلا مَنَارَةٌ |
دَلِيلُ الحَيَارَى قِبْلَةٌ لِلمَوَاكِبِ |
وَمَا أَمْرُهَا مُذْ كَانَ أَوَّلُ بَعْثِهَا |
لِغَيرِ وَفَاءٍ أَوْ قَضَاءٍ لِوَاجِبِ |
بِهَا رِفْعَةُ الأَيَّامِ مِنْهَاجُ صَفْوِهَا |
وَإِنْ سَاوَرَتْهَا بِالخُطُوبِ الحَوَازِبِ |
فَطَبْعُ الوَرَى مَا بَينَ زُهْدٍ وَرَغْبَةٍ |
وَبَينَ أَدِيبٍ فِي الخِلافِ وصَاخِبِ |
وَتَبْقَى لِمَنْ يَرْتَادُ مَوْطِنَ عِزَّةٍ |
وَلَيسَ عَلَى مَنْ غَابَ ضَرْبَة لازِبِ |
مُهَفْهَفَةَ الأَفْيَاءِ مَهَمَا تَخَاتَلُوا |
تَظَلُّ لَهُمْ شَمْسًا بَدَتْ فِي المَغَارِبِ |