|
صَافَحَتْ بِالطُّهْرِ جَدْبَ العَيْشِ فِيَّا |
فَاسْـتَحَالَ القَفْرُ بُسْـــتَانًا نَدِيَّـــــا |
وَأَطَـــلَّ العُمْـــــرُ مِنْ غُرْبَتِـــــهِ |
يَشْــــتَكِيهَا أَنَّـــهُ مَا زَالَ حَيَّـــــا |
وَاسْـــتَفَاقَ القَلْــبُ مِنْ غَفْوَتِــــهِ |
بِجَنَاحِ الشَّوْقِ يَطْوِي البُعْدَ طَيَّــا |
وَأَنِيْــــنُ الطِّفْــــلِ فِــي دَاخِلِــــهِ |
لِحَنِيْنِ الصَّدْرِ يَرْوِي العَيْنَ رَيَّــا |
إِنَّهَـــــا أَحْـــــلامُ وَلْهَــــانٍ رَأَى |
فِي ابْتِسَـامِ العَيْنِ نُورًا سَرْمَدِيَّــا |
رَسَــمَتهَا رِيشَـــةُ الإِحْسَـاسِ فِي |
نَاظِرَيهَــــا وَاحْتَوَتْهَـــا مُقْلَتَيَّـــــا |
كُلُّ مَـــا فِيْهَـــــا نَسِــــيمٌ نَاضِــحٌ |
حَالِــمَ الأَنْفَـــاسِ يُحْيِينَـا شَذِيَّــــا |
يِتَهَادَى السِّــــحْرُ فِي خُطْوَتِهَـــا |
كَفَرَاشٍ دَاعَبَ الأَزْهَـــارَ غِيَّـــــا |
وَيَغَـــــارُ النَّجْـــمُ مِنْ طَلْعَتِهَــــا |
يَرْتَقِي العَلْيَــــا وَيَأْتِيــهَا سَجِيَّــــا |
لَهْفَـــةٌ فِيهَــــا تَسَــــاقَينَا الهَــوَى |
نَئِــــــدُ النَّجْـوَى وَنَبْكِيهَا سَوِيَّـــا |
أَيُّ عِشْـــقٍ ، أَيُّ قَلْــبٍ حَائِـــــرٍ |
أَسْرَجَ الوَجْــدَ فَأَشْــــقَانِي مَلِيَّـــا |
وَاسْـــتَبَاحَ الدَّمْـــعَ مِنْ مَكْمَنِــــهِ |
وَلِعَيْنِي قَبْـــلُ قَــدْ كَانَ عَصِيِّــــا |
أَيْــنَ مِنِّـي هَمْسَــــةٌ فِي دِفْئِهَــــا |
أَجِــدُ السُّـكْنَى وَأَحْيَا فِي الثريَّـــا |
أَيْـــنَ مِنِّــي مِنْ فُـــؤَادِي وَطَــنٌ |
عِشْـــتُهُ فِيهَــا وَمَا عَاشَـــتْهُ فِيَّــا |
أَيُّها السَّـــارِي إِلَى عِطْـرِ الرُّبَى |
زَهْـــرُهُ أَدْمَــى وَمَا أَبْقَى لَدَيَّـــــا |
قَدْ صَبَبْتُ الصِّــدْقَ فِي رَشْـــفَتِهِ |
فَسَـــقَانِي بِالنَّوَى كَأسًـــا فَرِيَّــــا |
وَتَبِعْــــتُ الدَّرْبَ فِي خُطْوَتِـــــهِ |
فَتـَــوَلَّى وَالأَسَــى يَقْضِي عَلَيَّـــا |
فَإِلامَ الصـَّمْتُ فِــي حَضْرَتِـــــهِ |
وَإِلامَ النَّــوْحُ مَغْـــدُورًا وَفِيَّــــــا |
أَيُّهَـــا القَلْبُ المُعَنَّـــى بِالهَــــوَى |
شَـــمْعَةُ الآمَـــالِ لا تُغْنِيكَ شَيَّـــا |
كًلَّمَــــا قُلْــــتُ تَجَلَّــــدْ وَاتَّئِــــــدْ |
عَنْ سَرَابٍ فِي هَوَاهَا قَلْتَ هَيَّـــا |
عِشْتُ عُمْرِي بَيْنَ لَيْــلٍ وَضُحَى |
أَمْتَطِي الجـــدَّ بِعَـــزْمٍ فِي يَدَيَّــــا |
سَــرَقَ الحُزْنُ حَيَــــاتِي وَمَضَى |
لَمْ أَذُقْ مِنْ مُتْعَـــةِ اللَّهْـــوِ صَبِيَّا |
أَيُّهَـــا الطِّفْــــلُ الذِي لَمَّــــا يَزَلْ |
فِي خَرِيفِ العُمْرِ ظَمْآنًـــا أَبِيَّــــا |
أَشْــــرَقَ الإَصْبَاحُ فِـــي لُمَّتِـــهِ |
وَأَنِيْـــنُ الشَّـــوْقِ يُرْدِيـــهِ شَقِيَّـــا |
فَاعْذُرِيْنِــي إِنْ تَعَاقْرْتُ المُنَــى |
أَوْ عَزَفْتُ الحُزْنَ لَحْنًـــا شَــاعِرِيَّا |
أَوْ نَقَشْـــتُ الصَّــبْرَ فِي مِعْصَمِهِ |
أَوْ تَسَــلَّى القَلْبُ مِنْ وَجْدٍ وَحَيَّــا |
إِنَّنِـــي بِالحُبِّ أَحْيَــــا شَـــــاعِرًا |
وَبِطُهْرِ النَّفْسِ أَسْـــــتَبْقِيهِ حَيَّــــا |
صَـــاخِباتُ الحُسْــنِ لا تَفْتِنُــــــهُ |
إِنَّمَــــا الرُّوحُ وَإِطْـلالُ المُحَيَّـــا |
وَشَذَى الأَفْكَــــارِ فِي مَنْطِقِـــــهَا |
وَوَفَـــــاءٌ دَائِــــمُ الوُدِّ وَرَيَّـــــــا |
لَيْسَ صِــدْقُ الحُبِّ فِي رَجْفَتِــــهِ |
إِنَّمَـــا عَهْـــــدٌ وَعَيْشٌ نَتَفَيَّـــــــا |