|
لا تُكثر المُكثَ في الأشجانِ مُنتظِـرا |
واسلكْ طريقاً إلى الأحباب مُختصَـرا |
في غيْبةِ الفجر أَوْجدْ في الدُّجى أملاً |
ولـوِّنِ الليـلَ حتى توقـظَ القََمـرا |
هُوجُ العواصف تخبـو بعد قسـوتها |
ويَكسـر الموجَ من في اليمِّ قد صبرا |
ها قد أتاكَ عبيـرُ الشَّـوقِ مُعتـذرا |
بعد الغيـابِ , فلا تظلمْ من اعتَـذرا |
فرَّتْ نسائمه - يا قلبُ - من وطنٍ |
أضحتْ قـلائدُهُ الأصفـادَ لا الدُّررا |
تمضي به الرّيحُ من عسـفٍ لعاصفةٍ |
فلا ترى العينُ إلا الـدَّمعَ والكـدَرا |
وتتـرك الأرض أوصـالاً مُقطَّعــةً |
فإنهـا الظبيُ , والجزارُ من أَسـرا |
وأصبـحَ الأهلُ في أوطـانهمْ مِزَقـاً |
بين الحواجـز يقضي بعضهم وطـرا |
|
هـبَّ النَّسـيمُ من الأقصى وجارتِـهِ |
يُفجِّـرالوجـد في أنفاس ذاكـرتي |
ويبعثُ الشـوق لحنـاً عانقَ الوتـرا |
فاسـتَنفر القلـبُ أشـجاناً مُؤرِّقـةً |
وسـاخنُ الدَّمع من أحداقيَ انحـدرا |
والذكــريات تـداعت في مُخيِّلتي |
فأيقظتْ في دمي الأطيـافَ والصُّوَرا |
كأنهـا الغيـد هبَّـتْ من مخادعهـا |
تترى وتشـعل في أعمـاقي الفِكَـرا |
أو كالفراشـات حطَّـت في مخيلتي |
كأنها الثلـج فوق الزهـر قد نُثـرا |
تزهو بها النفـس أيامـاً على وطنٍ |
في راحتيه أذابَ الشَّمـسَ والقَمـرا |
حتى بدا العشب مثلي حين أبصـره |
يختـال تيهـاً طفوليـاً ومـا كَبـرا |
يا أيهـا الشـوق لَملمْ بين أوردتي |
كلَّ الحكايـا وأمعن بينهـا النَّظـرا |
هل من حباكَ كطُهر الأرض راحلـةً |
أو من رعاك إذا أمسـيت منكسـرا |
أو مثل أرضي بها الأديان قد نُسجت |
أو مثل أرضي بها التاريخ قد بَـذرا |
في باطن الأرض أسـفارٌ وخارجهـا |
ما يُنطق الماءَ والأشـجارَ والحجَرا |
وتحضن الحرف إن ضنت معاجمـه |
بين الحروف وإن ضاقت به اندحـرا |
آثـارهم بقيت تتـرى ولـيس لهـم |
بعد الغروب سوى ما غاب واندثـرا |
من عهـد آدم والأيــام تطلبهــا |
فهي الغزالـة يزهو منْ بها ظفـرا |
من عهـد آدم والأشـجان تسـكنها |
لكنهـا أبـداً , للغــدر من بتـرا |
كل الحكايــا أحافيــر يورثهــا |
ليث لشـبل إلى أمجادهـا انتصـرا |
كانت لهم أبـداً في الحالكـات خطىً |
كالشمس تخنق عتم الليل لو خطـرا |
تسـتل من وجـع الأيـام جذوتهـا |
وتشـعل الليل كي لا تفقـد الأثـرا |
هـذي فلسـطين لم تركـع لعاديـة |
مهما علا الخطب في الأحلام وانتشرا |
هـذي فلسـطين والأيـام شـاهدة |
كم مر عنها وكلٌ خـاب أو خسـرا |
فالثـم ثراهـا ولا تيـأس فإن بهـا |
خير الرسـالات خطت فوقها العبـرا |