ج 10
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والصلاة والسلام على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
سيدتي :
لقد وضعت يدك على الجراح الذي أدمى نفوسنا ، وهز كياننا ، وشتت مشاعرنا .
اليوم ونحن نعيش مترديات الاحتقان المسلكي لكل مقومات الحياة ، تولدت لدينا حالة مزرية من السقم المستشري في نفوسنا ، وتبدلت مفاهيم الحياة الهادئة .. بصخب صارخ هز مداركنا ، وأنتج حالة صعبة ، نتيجة السخط المتراكم ، وافتقاد الثقة بالنفس اولاً وما حولنا ثانياً . فاسسلمنا لقيود مفروضة ، واحتكمنا الى من لا يعرف معنى العدل . ونسينا ان البر والوفاء من أهم الوسائط التي تنقلنا الى التفكير الصائب في مكونات الحياة عامة ، وتكفل لنا التقدم والرقي ، واصلاح ذات البين في اجتهادنا لصناعة غد أفضل .
ان مبررات اللامبالاة تسقط من أيدنا مقومات الحياة المسؤولة ، وتسئ الى بناء الذات ، وتتقوقع نفوسنا لتتحنط في حجور التردي والانهيار، وتضيع في متاهات الانحدار والانحطاط الفكري والنفسي . إن ذلك يجعل الإنسان متذمرا من كل ما يحيط به إن كان سلوكياً أو اجتماعياً لا يعرف ماذا يريد ، وماهي الخارطة التي ينتهجها ، وكأنه قشة تتقاذفها الرياح لا تعرف مستقراً .
سيدتي :
رحلة العمر قصيرة قياساً بمردود الفكر ، فلماذا لا نستغلها بضياء النفس وصفاء الروح ، لتتحول الحياة من صخبها وضجيجها الى راحة وأمان . لتكتنفها متعة الروح ونشوة الحب الالهي . بقليل من التفكير والرؤيا الصائبة تتحقق معجزة الأمان والسعادة ، لكن ضعف النفوس ، واستهجان الأفكار المقيتة ، تحطم الإرادة وتسخر من جديتها . وكان الحياة ملهاة وعبث . لا نستجدي منها إلا أبسط الأمور ، نهوى ملذاتها بدون حدود ، ونسمح باختراق متعمد لنزواتنا ، لتهميش الحياة بكل مقوماتها . وعندما نهوي في براكين الضعف والذل نستجدي صحوة الضمير بعد فوات الآوان . وضياع فرصة النجاة من البداية . فأين المفر ؟. فلا ملاذ لنا الا بالتوسل والرحمة والغفران ، والدعاء لله ان يرحمنا من ذل أنفسنا .
لقد تطرقت الى العديد من تلك النقاط في نصوصي أذكر منها على سبيل المثال :
أنـــــا إنســــــــان
لم يعد الكلام يجدي ..
ولا التعبير ينفع
إحساس سكن وجداننا
وأصبحنا قرينين
فالإشراق بهجة
و ضياء النفس راحة
فلينتهي كلام الإعجاب
وكلام الغرام
وليكن إحساسنا أرقى من أن يقال
لا تخضبه حروف رعناء
ولا تجرحه أوهام
لقد انطلقت مشاعرنا بزغرودة
عشقها الصغار والكبار
وتألق نجمينا في الفضاء
واهتزت مواقف الحساد
إني هنا ..
إني هنا إنسان
لست طيفا يتوارى بلحظ اقتضاب
ولا ظلا يتسلل خلف الأجساد
أنا إنسان
عرف الحب في المهد ..
وتألق في كل الأوقات
ما أساء لإنسان
ولا جعل من أيامه سطورا تباح
أبداً .. أنا إنسان
في أعماقي ألف حكاية
وفي عقلي ملايين الحروف تنتظر الإفراج
وما تشابه عندي إحساس
فقد تفردت بحب خلا من أي إذلال
عندما أتكلم ..
اعرف انك خلف الحجاب
تنتظرين الإعلان
وها أنا بين يديك إنسان
فهل أجد الراحة والأمان ؟..
مهما تعددت الأسباب
فالموت قادم لا محال
فلكتن أيامنا ودقائق أمورنا
بحثا عن الضياء
ضياء القلب
ضياء الفكر
ضياء الإحساس
عندها تصبح الكلمات ذات معنى
وجوهر النفس يشع بريقا من الأعماق
اسأل الله أن لا تأخذ بنا الأهوال
ولا تجرحنا الكلمات
نرتدي حشمة الوقار
وحب الخير للناس
ونزكي نفوسنا بحسن الخلق والمقال
ففي كل لحظة ينبثق شعاع
ينير دروب الأجيال
فلتكن حكايتنا رمز هداية لا ضلال
وليعلم الجميع .. أن الكمال لله
ومن صبر نال
ومن سار بحسن نية يصل بسلام
فلا نتجاوز حدود الله ..
فالصبر هو المفتاح
نصادق أنفسنا ..
ونضعها في كفة الميزان
كي لا نقع في الأخطاء
ونشيد بروجا من الإيمان
كي لا نخسر الميزان
في الدنيا والآخرة سواء
أناجيك مناجاة الروح للروح
فلا تعيري الأجساد أي انتباه
فحماية الحب لا نرجوها
إلا من رب العباد
ولنعرف مقامنا بين الناس
أنا إنسان ..
والإنسان خطـّاء
فلنصحو لأنفسنا قبل فوات الأوان
وعذري أنني إنسان
عنده مشاعر وإحساس
وكتبت أيضا ً:
عجبــي !!..
عجبــي لمن اتخذ من المذلة مغنما ًّ!..
وانتحل صفة الزهاد
وباع براءة الأطفال بالغش والخداع
وسعى إلى وادي الرقاق محبة
ونسي أن التوحيد للواحد القهار
صـَبـَتْ نفسه إلى المهانة برغبة
و أومأ رأسه عن الاستحقاق
واسلم نفسه للشيطان برغبة
وكأن الحياة أضحت رحلة .. واستجمام
والناس من حسن نيتها سحرها الكلام
والقول المعسول أصبح زادٌ لها كل صباح
يا نفس لما التذلل وقد عهدتك صائبة
وما ترامت لها النفوس بجهل
إن هي إلا الهوان
عجبي !!..
إن الأرض تتسع لكل العباد
والخير منشور في كل البقاع
لكن الخداع تغلغل في النفوس
والحب صار في طي الصفحات
ما من معجزة تنقذ الهوان
ألا التوحيد للواحد القهار
والإيمان بأن سطوة النفس لا تقهر إلا بحسن الأخلاق
رويدك يا هذا ... فان المعاش رزق من الله
وأي تبرير في سلوك المراوغة لا يفيد
سحقا لمن ادعى الفضيلة عن ظاهر
والقلب يسكنه السواد
وما عرف أن الناس تنفض من حوله
جزاء لما اقترفته أيديه من الأعمال
ورب الكون يعرف ما تسره النفوس وما تكتم
فهل يبقى بعدها سر في الأعماق
انظر يا بن آدم حولك
فترى صنيعك في الوجوه
غيظ .. وكره .. وتساؤل عن الحال
فلا تبخس نفسك بالغفران
الوقت قد طال وأنت نائح
وجدول السؤال اكتظ بالكلمات
ويحك إن لم تبالي أبداً
فانك سائر إلى عالم الفناء
فارحم نفسك من وطرها
فان الموت لا يستثني أحداً من العباد
إن سُئلت عن خير.. لخير مقصد
كان الجواب بتجاهل السؤال
تدعي أن القوم قد حاصروك بغيهم
وأنت الرشيد وصاحب القول السديد
تبا لك ..ألم تعي انك مخطئ
فلمَ الجبروت والتنكر للأصحاب
هيهات أن يهنأ لك بال
ما لم تأخذك عبرة الجهلاء
وصمة عار طبعت على جباههم
لأنهم أنكروا ما للعباد من استحقاق
واذكر أن الله ليس بغافل
عن شر وادعاء بحسن نية عند الكلام
وكان الناس غافلون عن الصواب
أضحت حالك للعيون كنجم في السماء
جئت مضارب القوم يوما تسألهم
عن حق لك بينهم
فهب الكل مذعورا
أي حق وأنت من تسبب بالخراب
مهلا .. ورفقا بنفسك يا هذا
اتعظ ... وتأمل ..
واقرأ ما كتب على شواهد القبور من كلام
فلن تدوم إلا للواحد القهار
وهنا أيضا :
في غفلة عن العيون
عبث ...
عبث أن تجد الخطيئة مخارجها
فقد تسللت أصابع الحقد إلى مدا رجها
تسيء .. وتطعن في الخفاء صدق مراميها
راحت إلى الكره عمدا بتطفل
يسحق خير ما فيها
هنا .. وهناك زرعت زهوراً .. ورياحينَ
لكن عبثا .. هناك من لا يستنشق العبيرَ
في ظلمة الليل ..
وفي غفلة عن العيون
تحققت سطوة الغدر
وخيانة الأمانة عند مريديها
كيف تحلو الراحة
والحقد أصبح من أمانيها
هل من صحوة بعد أن صار الحق يجافيها
كلام في النصح لم يلقى آذان صاغية
سرى إلى نفسها وطراً من تدني مبتغيها
والغدر ذل لمن عبث في روض الكرام
واحرق الأرض وما نبت فيها
هيهات أن تصفو النفوس بسماحة
فالعقل لا يرضى بديلا
لمَ الإجحاف بحق مالكه
والصواب أن نتقرب بالإحسان ..
لا بالشر والإخفاق
والخير يرضينا ..
في ليلة ظلماء كان هاجسها
رعونة بصحبة فيها الكلام لا يعنينا
وسوء التصرف يؤذينا
تجرأت .. دون منازع ..
أو رافض لسلوك ماضيها
وانحنت جباه الرقِ أمام تطاولها
فغدا كل شيء هباءً منثورا
لماذا ؟..
لماذا هذا التطاول على حقوق الغير؟.. تعمدا
فاستهلاك الضمير بخيانة لا يبررها مسؤولا
كريم ..
وابن كريم من الأخيار جليلا ً
هل يؤذى بتصرف خسيسا ؟..
بئس ما صبئت نفوسهم عملا ذليلا
والروض عامر ببناته ..
يزرعون الخير غير عابئين
تالله ما يقدم على ذلك كريما ً
وإنما من باع النفس والضمير
وتابعت في عرض آخر:
رؤيا في النور
أغار من نفسي على نفسي
فمن يفهم قصدي ؟..
خطوت نحو الأمان بخطوة
لكن العثرات كانت صـَدي
وما ادعيت أمرا لست قاصده
وما بحثت عن خيبة في أملي
فان ما يحدث أكبر مني
تأملت الكون بنظرة
فوجدت أننا أصغر من أي جرم
بحت للكواكب همي
والنجوم سمعت همسي
لان حزني تجاوز كل حد
أني مدين للحياة بفرحة
وجدت فيها كل ما أبغي
وددت أن أعطي لها مثلما تعطي
لكن ؟!.. تعثرت خطواتي بسوء الظن
ما شككت يوما أني مخطئ
لكن ؟!.. سوء التقدير أصاب حدسي
وارتميت في أحضان التردد لحظة الخوف
لكن ؟!.. سمو الأخلاق يكبر عندي
وفي الكائنات تجلت صورة الطيف
طبع عليها بسمة العمر
تباطأت خطواتي يوما
ومردها إلى تطبيع المشاعر
أريدها .. قوية .. لا تعرف الضعف
وتوقفتُ بصمتٍ عند قولها
كي لا أخطئ بقول .. أو رد يسيء الظن
التحمت رؤية المنظور من بعد
لتتقاطع المشاعر مع الحرف
وأيقنت أن الروح لا تعرف أي بعد
واستمالت بعذوبة ورقة تحدثني
والخوف في حرفها مصدر القلق
في صوتها حشرجة حزن ..
وقولها استشعار عن بعد لانزوائي
وصمتي عند من لا يسمع صوتي
قلت يوما إني قرأتها
لكنني كل يوم أقرا سطراً فيه جديد المعاني
وما تجمعت مفردات الحديث
إلا لمعرفة ما أنوي
كيف ؟.. ومتى ؟.. ولماذا ؟.. ومن ؟..
كلها حروف تثير الخوف والقلق
إنها قصة .. ورواية
حكت فصولها الأيام
ودونتها على صفحة العمر
إن كانت بيعة .. فهي غايتي
فلن تكون إلا همسة دفء
أيتها المقهورة من غدر
إن الزمان كفيل بالنسيان
ووفاء العهد فيه المنال
لخير وافد من الإحساس
وصدق القول أن لا تبرحي برجك
فان الكمال لله الواحد القهار
إياك والظنون قاتلة
فلا تهبي نفسك للشيطان
وتفاءلي خيرا عند كل شروق
فان البهجة مع الإشراق
وانسجي رداء الحب بثقة
عله يخفف الآلام والأحزان
فداؤك أمي وأبي ..
فمثلك لا يـُقـَدَّرُ بالدرهم والدينار
سيدتي :
أتمنى أن أكون قد أفضت في الرد ، وأوضحت الفكرة حسب رؤيتي ، علها تصل الى المتلقي بعين الرضا وحسن القبول .
اللهم نسألك الإيمان .. وبراءة الأبدان .. وحفظ اللسان .. واستدراك الأخطاء .. وحب الخير.. واستشراق الامال.