بسم الله الرحمن الرحيم
التاريخ وإستحالة تحقيق فكرة الوحدة العربية
قبل البدء في بحث موضوع المنطقة العربية وخصائصها , لابد من التذكير بعدم أنتماء تلك المنطقة الي التكوين السياسي والأجتماعي والأقليمي الواحد للمنطقة.
ومن يتأمل الخريطة السياسية نجد أن المنطقة العربية مقسمة الي أربعة مناطق أقليمية تبعا لأختلافها العرقي ومقوماتها الأقتصادية وتكوينها الأجتماعي:
_منطقة الخليج العربي(دول مجلس التعاون الخليجي).
_منطقة الشام (سوريا –العراق-الأردن-لبنان-فلسطين).
_منطقة وادي النيل(مصر والسودان).
_أفريقيا(ليبيا-تونس-الجزائر-المغرب-موريتانيا).
هذا التقسيم لم يأت نتيجة أتفاقيات أستعمارية (كما يحلو للبعض أن يروج لها),بل هي تقسيمات طبيعية 00ليس للبشر دخل فيها.
جاءت المحاولة الأولي لتوحيد تلك المنطقة خلال فترة أنتشار المد الأسلامي وقيام عمرو بن العاص بفتح مصر 00والأنطلاق نحو أفريقيا وذلك من أجل ضم أكبر عدد من البلاد تحت مظلة الدين الأسلامي 0
ثم تكررت المحاولات عبر الأزمنة المختلفة 00حتي نجح محمد علي الكبير في الوصول الي حدود روسيا ,وطارق بن زياد في الوصول الي أسبانيا.
وكانت فلسفة تلك الفتوح هي أنشاء دولة أسلامية كبري ,وليس بمفهوم أنشاء دولة عربية فحسب0
والسؤال هو00هل لو كتب النجاح لكل تلك الطموحات في توسيع رقعة الخريطة الأسلامية ,هل كان العالم مختلف عما نحن عليه الآن؟
أقول بحياد شديد 00لا 00لم يكن يحدث هذا0
ولتوضيح هذا الرأي 00أقول أن تلك المنطقة تعرضت بصفة مستمرة الي فترات ضعف وفترات قوة 00لا تتوافق أبدا مع معطيات قانون دورة حياة الأمم00فالدولة وفقا لنظرية عام الأجتماع الشهير(أ بن خلدون ) لها دورة حياة 00منذ نشأتها ثم النمو ثم القوة فالشيخوخة0
والدول العربية بمفهوم الأمة الواحدة 00كانت دورة حياتها قصيرة00قصيرة الي الحد الذي يمكن القول معه 00أنها خارج نواميس الطبيعة0
ولن أذهب بالذاكرة بعيدا00فكلنا يتذكر ماحدث بعد هزيمة يونيو 1967 00وأنهيار دول المواجهة مع أسرائيل وأنهيار الثقة بالأنسان العربي 00ثم بعدها بست سنوات في أكتوبر 1973 وهي فترة زمنية لاتذكر في حياة الشعوب ,هزت وقائع تلك الحرب الرأي العام وجعلته يسلك طريق القومية العربية وصححت مسيرة العرب علي طريق قوميتهم ,وفي الحالتين كان الرأي العام واضحا في تدعيم هذين الموقفين , وتأكيدا علي ضرورة الفصل بين الرأي العام ودور الزعامات.
والزعامات التي حاولت القيام بمد نفوذها خارج حدودها عبر التاريخ00كانت تتمتع بعقلية تسبق جيله , ولكنها لا تعيش وقائع وأحداث الجيل الذي يعيش فيه00فكان الفشل الذي واجه دعوات مثل هؤلاء الزعماء0
وعلي العكس من ذلك يكتب للزعيم ولدعوته النجاح اذا كان معبرا عن أرادة المجتمع, فالناس في المجتمع لهم رغباتهم وميولهم وحاجاتهم التي تتعلق بمشاكلهم الأساسية وخاصة الأقتصادية منها0
ومنذ نشأة جامعة الدول العربية سنة 1945 00كانت هناك محاولات لأنشاء السوق العربية المشتركة وأعتمد المؤيدون لهذه الفكرة علي وحدةالموقع الجغرافي المتميز وسط العالم ووحدة اللغة والدين .
ولكن فات على أصحاب تلك الدعوة أهم معوقات الوحدة العربية وهى:
1-عدم توفر المناخ الأقتصادي والسياسي والثقافي والعلمي00والدليل على صحة ذلك هو النجاح الباهر 00للعلماء العرب خارج حدود بلادهم وما تقدمه تلك العقول المهاجرة من خدمات للعالم الخارجي وهي نتيجة طبيعية لما لاقوه من ترحيب وتوفير مناخ صحي 00أفرز كل مالديهم من أفكار0
2- أختلاف التوجهات السياسية لدول المنطقة 00وعدم الرغبة في التنازل عن المكاسب والسلطات التى حققتها تلك السياسات 00في سبيل هدف قومي يتعارض مع الرغبات الشخصية0
تبقي كلمة ... وهى أن مشروع الوحدة العربية سيظل يواجه العديد من الصعوبات الداخلية والخارجية وفي مقدمتها ضعف أو غياب الدولة المؤسسية وضعف المجتمع المدني وتردي قيم الديمقراطية والمشاركة السياسية والحرية وحقوق الإنسان , وضعف أو غياب القرار السياسي في النظام العربي , وعلاقات ضعف وفقدان الثقة بين الدول العربية وتأثرها بالتناقضات الإقليمية والدولية, وبراعة القوي الدولية في زرع الخصومة والفرقة بين القيادات العربية وردع أي نزعة وحدوية .
كمال عوض
KAMALAWAD848@HOTMAIL.COM