أستاذى الفاضل كمال عوض
كيف هدمة الخلافه
وفي صبيحة الثالث من آذار سنة 1924 أعلن أن المجلس الوطني الكبير قد وافق على إلغاء الخلافة، وفصل الدين عن الدولة. وفي الليلة ذاتها أرسل مصطفى كمال أمراً إلى حاكم استانبول يقضي بأن يغادر الخليفة عبد المجيد تركيا قبل فجر اليوم التالي، فذهب تصحبه حامية من رجال البوليس والجيش إلى قصر الخليفة في منتصف الليل، وهناك أجبر الخليفة أن يستقل سيارة حملته عبر الحدود في اتجاه سويسرا، بعد أن زودته بحقيبة فيها بعض الثياب وبضعة جنيهات. وبعد يومين حشد مصطفى كمال جميع أمراء العهد وأميراته ورحلوا إلى خارج البلاد. وألغيت كل الوظائف الدينية، وأصبحت أوقاف المسلمين ملكاً للدولة، كما أن المدارس الدينية تحولت إلى مدنية. وباتت تحت رقابة وزارة المعارف.
وبهذا نفذ مصطفى كمال الشروط الأربعة التي طلبها كرزون وزير خارجية إنجلترا. فلم يعد ما يمنع انعقاد مؤتمر الصلح ونجاحه. وفي 8 آذار سنة 1924 أرسل عصمت باشا وزير الخارجية التركية ورئيس الوفد التركي إلى المؤتمر رسالة لعقد المؤتمر، فوافق الحلفاء على ذلك. وفي 23 نيسان 1924 أعيد فتح مؤتمر لوزان، واتفق المؤتمرون على شروط الصلح، وتم توقيع معاهدة لوزان في 24 تموز سنة 1924، واعترفت الدول باستقلال تركيا، وانسحب الإنجليز من استانبول والمضايق، وغادر هارنجتون تركيا. وعلى أثر ذلك قام أحد النواب الإنجليز واحتج على كرزون في مجلس العموم لاعترافه باستقلال تركيا فأجابه كرزون قائلاً: "القضية أن تركيا قد قضى عليها، ولن تقوم لها قائمة، لأننا قد قضينا على القوة المعنوية فيها: الخلافة والإسلام" .
هكذا تم هدم الخلافة وتم تدميرها تدميراً تاماً وتدمير الإسلام كدستور دولة، وتشريع أمة، ونظام حياة، على أيدي الإنجليز باستخدامهم عميلهم وأجيرهم الخائن مصطفى كمال. ولذلك فإن المخلصين الواعين حين يقولون: إن الإنجليز رأس الكفر بين الدول الكافرة كلها يعنون ما تعنيه هذه الكلمة بكل معنى من معانيها، فهم رأس الكفر حقيقة، وهم أعدى أعداء الإسلام على الإطلاق، ويجب على المسلمين أن يرضعوا أولادهم مع اللبن بغض الإنجليز، والانتقام منهم. وقد تم للإنجليز القضاء على الخلافة وعلى الإسلام بواسطة مصطفى كمال رغم أنوف المسلمين في جميع أنحاء الأرض بوجه عام، ورغم أنف المسلمين في تركيا بالذات بوجه خاص. وبذلك غاض الحكم بما أنزل الله من جميع بقاع الأرض، وظل الحكم بغير ما أنزل الله، ظل حكم الكفر، ظل حكم الطاغوت وحده هو الذي يتحكم في الناس جميعاً، ويطبق في جميع العالم.