موقف الشيخ ابن باز –-
---------------
1- قال الشيخ عبد العزيز بن باز –- في مجموع الفتاوى والمقالات (6\417-419) : "فالواجب الداعي إلى الله أن يتحمل ، وأن يستعمل الأسلوب الحسن الرفيق اللين في دعوته للمسلمين والكفار جميعا , لا بد من الرفق مع المسلم ومع الكافر ومع الأمير وغيره ولا سيما الأمراء والرؤساء والأعيان ، فإنهم يحتاجون إلى المزيد من الرفق والأسلوب الحسن لعلهم يقبلون الحق ويؤثرونه ما سواه , وهكذا من تأصلت في نفسه البدعة أو المعصية ومضى عليه فيها السنون يحتاج إلى صبر حتى تقتلع البدعة وحتى تزال بالأدلة , وحتى يتبين له شر المعصية وعواقبها الوخيمة ، فيقبل منك الحق ويدع المعصية .
فالأسلوب الحسن من أعظم الوسائل لقبول الحق , والأسلوب السيئ العنيف من أخطر الوسائل في رد الحق وعدم قبوله وإثارة القلاقل والظلم والعدوان والمضاربات .
ويلحق ب الباب ما قد يفعله بعض الناس من المظاهرات التي قد تسبب شرا عظيما الدعاة ، فالمسيرات في الشوارع والهتافات والمظاهرات ليست هي الطريق للإصلاح والدعوة , فالطريق الصحيح بالزيارة والمكاتبة التي هي أحسن , فتنصح الرئيس والأمير وشيخ القبيلة ب الطريق لا بالعنف والمظاهرة , فالنبي مكث في مكة ثلاث عشرة سنة لم يستعمل المظاهرات ولا المسيرات ولم يهدد الناس بتخريب أموالهم واغتيالهم .
ولا شك أن الأسلوب يضر الدعوة والدعاة ، ويمنع انتشارها ويحمل الرؤساء والكبار معاداتها ومضادتها بكل ممكن فهم يريدون الخير ب الأسلوب لكن يحصل به ضده.
فكون الداعي إلى الله يسلك مسلك الرسل وأتباعهم ولو طالت المدة أولى به من عمل يضر الدعوة ويضايقها ، أو يقضي عليها ولا حول ولا قوة إلا بالله .
فالنصيحة مني لكل داع إلى الله أن يستعمل الرفق في كلامه ، وفي خطبته ، وفي مكاتباته ، وفي جميع تصرفاته حول الدعوة , يحرص الرفق مع كل أحد إلا من ظلم , وليس هناك طريق أصلح للدعوة من طريق الرسل فهم القدوة ، وهم الأئمة ، وقد صبروا , صبر نوح قومه ألف سنة إلا خمسين عاما , وصبر هود , وصبر صالح , وصبر شعيب , وصبر إبراهيم , وصبر لوط , وهكذا غيرهم من الرسل ثم أهلك الله أقوامهم بذنوبهم وأنجى الله الأنبياء وأتباعهم .
فلك أيها الداعية أسوة في هؤلاء الأنبياء والأخيار , ولك أسوة بالنبي محمد الذي صبر في مكة وصبر في المدينة وجود اليهود عنده والمنافقين ومن لم يسلم من الأوس والخزرج حتى هداهم الله ، وحتى يسر الله إخراج اليهود ، وحتى مات المنافقون بغيظهم , فأنت لك أسوة بهؤلاء الأخيار فاصبر وصابر واستعمل الرفق ودع عنك العنف ، ودع كل سبب يضيق الدعوة ويضرها ويضر أهلها . واذكر قوله تعالى يخاطب نبيه محمدا : فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ الآية".
2- وقال - في مجموع الفتاوى والمقالات (7\343-344) : "وقد وقع بعض الإعلاميين المسلمين في مصيدة الأعداء , وأخذوا ينقلون تلك الأخبار المعادية للإسلام , وأصبحوا يتداولونها عن جهل بمقاصد أصحابها , أو غرض في نفوس بعضهم , فكانوا بفعلهم أعوانا للأعداء الإسلام والمسلمين بدلا من قيامهم بواجب التصدي لأعداء الإسلام , وإبطال كيدهم ببيان أهمية الرابطة الدينية والأخوة الإسلامية بين الشعوب الإسلامية , وإن الأخطاء الفردية التي لا يسلم منها أحد لا ينبغي أن تكون مبررا للتشنيع الإسلام والمسلمين والتفريق بينهم .
ول رأيت تحرير الكلمة الموجزة نصيحة للمسلمين جميعا من الإعلاميين وغيرهم في الدول الإسلامية وغيرها , وتحذيرا للجميع من مكائد الأعداء من الكافرين والمنافقين والسائرين نهجهم . وأن يصونوا الإعلام الإسلامي المقروء والمسموع والمرئي من أن يكون وسيلة للتشكيك في الإسلام والدعاة إليه , أو أن يستخدم للتفريق بين علماء الأمة وشعوبها والناصحين لها , وغرس أسباب الشحناء والتباغض بين حكامها ومحكوميها وعلمائها وعامتها . وأن يبذلوا كل ما يستطيعون في التقريب بين المسلمين وجمع كلمتهم , ودعوتهم حكاما ومحكومين للتمسك بدينهم والاستقامة عليه وتحكيم شريعة الله في عباده والتواصي بذلك , والتعاون عليه بالأساليب الحسنة والنصيحة الخالصة والعمل الصالح الدائب , والسيرة الحميدة عملا بقول الله عز وجل : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ .
وقوله سبحانه : وَالْعَصْرِ , إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ , إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ .
وقول النبي : [الدين النصيحة قيل : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ] رواه مسلم في صحيحه .
ولما روى جرير بن عبد الله البجلي - - قال : [بايعت النبي إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم ] متفق صحته .
كما أوصى العلماء وجميع الدعاة وأنصار الحق أن يتجنبوا المسيرات والمظاهرات التي تضر الدعوة ولا تنفعها وتسبب الفرقة بين المسلمين والفتنة بين الحكام والمحكومين .
وإنما الواجب سلوك السبيل الموصلة إلى الحق واستعمال الوسائل التي تنفع ولا تضر وتجمع ولا تفرق وتنشر الدعوة بين المسلمين , وتبين لهم ما يجب عليهم بالكتابات والأشرطة المفيدة والمحاضرات النافعة , وخطب الجمع الهادفة التي توضح الحق وتدعو إليه , وتبين الباطل وتحذر منه , مع الزيارات المفيدة للحكام والمسئولين , والمناصحة كتابة أو مشافهة بالرفق والحكمة والأسلوب الحسن , عملا بقول الله عز وجل في وصف نبيه محمد : فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ".
3- وقال –- ردا الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق كما في مجموع الفتاوى والمقالات (8\245) : "سادسا : ذكرتم في كتابكم : (فصول من السياسة الشرعية) ص 31 , 32 : أن من أساليب النبي في الدعوة التظاهرات (المظاهرة).
ولا أعلم نصا في المعنى , فأرجو الإفادة عمن ذكر ذلك؟ وبأي كتاب وجدتم ذلك؟
فإن لم يكن لكم في ذلك مستند , فالواجب الرجوع عن ذلك; لأني لا أعلم في شيء من النصوص ما يدل ذلك , ولما قد علم من المفاسد الكثيرة في استعمال المظاهرات , فإن صح فيها نص فلا بد من إيضاح ما جاء به النص إيضاحا كاملا حتى لا يتعلق به المفسدون بمظاهراتهم الباطلة" .
4- وقال –أيضا- في نفس المصدر (8\246) : "من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الابن المكرم صاحب الفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق .
وفقه الله لما فيه رضاه ونصر به دينه آمين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته , أما بعد :
فقد وصلني كتابكم الكريم المؤرخ 14 \ 4 \ 1415 هـ وسرني كثيرا ما تضمنه من الموافقة ما أوصيتكم به , فأسأل الله أن يزيدكم من التوفيق , ويجعلنا وإياكم من الهداة المهتدين , إنه جواد كريم .
وما ذكرتم حول المظاهرة فقد فهمته وعلمت ضعف سند الرواية بذلك كما ذكرتم; لأن مدارها إسحاق بن أبي فروة وهو لا يحتج به , ولو صحت الرواية فإن في أول الإسلام قبل الهجرة وقبل كمال الشريعة .
ولا يخفى أن العمدة في الأمر والنهي وسائر أمور الدين ما استقرت به الشريعة بعد الهجرة , أما ما يتعلق بالجمعة والأعياد ونحو ذلك من الاجتماعات التي قد يدعو إليها النبي كصلاة الكسوف وصلاة الاستسقاء , فكل ذلك من باب إظهار شعائر الإسلام وليس له تعلق بالمظاهرات كما لا يخفى .
وأسأل الله أن يمنحني وإياكم وسائر إخواننا المزيد من العلم النافع والعمل به , وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعا , وأن يعيذنا وإياكم وسائر المسلمين من مضلات الفتن ونزغات الشيطان , إنه خير مسئول . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ".
5- وقال -- جوابا سؤال وجه إليه في شهر شعبان (1412هـ) بمدينة جدة من شريط سمعي منقول بواسطة كتاب (فتاوى العلماء الأكابر فيما أهدر من دماء المسلمين في الجزائر) :
"السؤال : هل المظاهرات الرجالية والنسائية ضدَّ الحُكَّام والولاة تُعتبر وسيلة من وسائل الدعوة؟
وهل مَن يموت فيها يُعتبر شهيداً أو في سبيل الله؟
الجواب : لا أرى المظاهرات النسائية والرجالية من العلاج، ولكن أنا أرى أنَّها من أسباب الفتن ومن أسباب الشرور، ومن أسباب ظلم بعض الناس، والتعدِّي بعض الناس بغير حقٍّ، ولكن الأسباب الشرعية: المكاتبة والنصيحة والدعوة إلى الخير بالطرق الشرعية، شرحها أهل العلم، وشرحها أصحاب رسول الله - - وأتباعه بإحسانٍ: بالمكاتبة والمشافهة مع ، ومع الأمير ومع السلطان، والاتصال به، ومناصحته والمكاتبة له، دون التشهير المنابر بأنَّه فعل كذا، وصار منه كذا، والله المستعان ".
6- وقال -- -كما في مجلة الفرقان (82\12) جوابا السؤال التالي :
"السؤال: ظهرت ظاهرة عند كثير من الناس أنهم يقولون ننكر المنكر بجمع الناس وتظاهرهم والخروج في المسيرات والمظاهرات؟
الجواب : ليست طيبة، المسيرات والمظاهرات ليست طيبة، ليست من عادة أصحاب الرسول ومن اتبعه بإحسان.
إنما النصيحة والتوجية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعاون البر والتقوى. هي الطريقة المتبعة كما قال جل وعلا: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، وقال جل وعلا ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعرف وينهون عن المنكر ] ، وقال سبحانه: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ، وقال رسول الله صلى الله علية وسلم: ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبة وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم
فالإنكار بالفعل يكون من الإمام، ومن الأمير، ومن الهيئة التي لها تعليمات تنكر باليد، ومن صاحب البيت أولاده وأهل بيته. أما أفراد الناس لا، إذا أنكروا باليد فتكون الفتنة، وصار النزاع وصار القتال والفرقة والابتلاء، وتضيع الفائدة ويعظم الشر.
فينصح بالقول والتوجية وبالترغيب والترهيب. أما صاحب البيت أولاده، والهيئة في نظامها حسب تعليماتها وطاقتها، والأمير حسب طاقته، والسلطان حسب طاقته، ف لابأس ينكر باليد. أما أفراد الناس لا، فالإنكار بالقول لأنه لا يستطيع الإنكار بالفعل، لأنه لو أنكر بالفعل تعظِم المصيبة ويعظم الشر .
السؤال : بعضهم يقول: إن الحاكم يرضى ب الاعتصامات والمظاهرات ويستدلون بذلك جوازها؟
الجواب :النصيحة تكون بالتوجية والإرشادات، إذا زاروه ونصحوه ووجهوه طيب، فالمظاهرات ما لها أصل، شرها أكثر".
*******************************************