أكتب إليك رسالتي وقلمي يرفض الكتابة , ونفسي تحذرني من خذلانك لي , لكني سأكتب وأنا على يقين
لا تعتريه الظنون والأوهام بأنك ستتأمل كلماتها للحظات , ثم سترميها في عالم النسيان والمجهول , لتجد
مكانها إلى جانب أخواتها من الرسائل الشهيدة في مقابرك , وأنك ستقرأ ألفاظها دون معانيها لأنك لو تأملت
ما وراء سطورها , وخضت في بحر معانيها لباتت مسالة إرهاق الروح عندك مسألة فيها وجهة نظر
ولأعلنت هدنة طويلة الأمد بين نيرانك التي تملك قوة الاحتراق وبين تلك البحيرة التي تسكنها حورية
تدعى أنثى , وإن لي نفساً لا تمّل ولا تضجر من جوارك ومن إرسال رسائلها إليك , وكلما عاتبتها في
أمرك قالت لي : أولست صاحبه !!!
ولعلّ تلك الرسالة تعمل عملها في صيرورتك التي خلقت عليها , فتمتنع عن إشغال فكري بذلك العالم
الآخرمن الإنسانية والذي كتب على بوابته لا يدخله إلا.......أنثى
وبالله عليك ما شأنك ومعشر النساء , وكأنّك ولدت وتحمل في جنباتك إلى جانب الفطرة السليمة فطرة
من نوع آخر تدعى فطرة الحب , ومنذ عهدي بك وأنت تنصب نفسك قاضياً ونائباًعاماًومدعياً ومدعى
عليه في كل مسائل الحب والعشق , فوجهت لصاحبك تهمة الحب ودافعت عنه بالحب وحكمت عليه بالحب
, وأقمت نفسك مقام الميزان فتقول لتلك المرأة : أنت التي أحببتها وها أنذا انتفض لرؤياك وخفقاتي في ازدياد
لا أجد تفسيره إلا عندك وتقول لأخرى : والله لو كنت ريحاًعاتية ما اهتزت سفينتي لأجلك فما أنت عندي
إلا بشر فحسب , ولربما كان ذلك نوعاً من حنوك وعطفك عليّ فأنت لم تزل تبحث عن قلب امرأة تستحق
دخول القصر , وأن تكون الأميرةالتي ستملىء نصف الكأس الفارغة , ونصف الحياة ونصف القصة الإنسانية
, وبدء عهدك في الحب هو عشقك لزهرة الياسمين وقد كتمت ذلك الحب لسنوات طال أمدها , حتى سئمت المشاعر
والأحاسيس من ذلك السجن الكبير الذي سجنتها به , وأعلنت تمردها وانقلابها عليك فبدأت ترسل إشارات
ونظرات إلى قلبها , فأرسلت لك جواباً يصلح أن يدّرس في تفسير معاني الرفض في أجل صوره
فقالت : يا أيّها القلب العاشق صاحب النظرات الصامتة لقد وصلت رسائلك إلينا وإن القلب ليقول لك
وبصريح العبارة : إنني لست لك .
ومن ثم لم تعلن توبتك عن الخوض في بحور الحب والعشق وبدأت تبحث عن قلب آخر يحتوي مشاعرك
وعواطفك حتى وجدت ضالتك في أميرة الحياء , فقررت الرحيل إليها وأن تخاطبها
وجها لوجه ولم تستح من حيائها فأخبرتها بحالك , وأن لديك الكثير من الكلام الجميل وأنك لأجلها لربما
تصبح شاعراً أو فيلسوفاً , إلا أنك لن تجرؤ على البوح به إلا لامرأة تحمل مرتبة الزوجة فأشارت إليك
إشارات لم ولن تسيطيع فهمها فقد كانت كمن يطرق رأسه إلى الأسفل والأعلى ثم يرفعه من الأسفل
إلى الأعلى لتقول لك : أني موافقة وغير موافقة فافهم منها ما شئت , ولقد فهمت منها أموراً وأشياء أثبتت لك
الأيام والتجارب كم كنت طفلاً بريئاً عندما أضحت تلك الأشياء عندك حقيقة ناصعة البياض , وها أنت أيّها
القلب الباكي ما زلت وحيداً تبحث عن قلب يعطيك حكمة من حكم الحب لتعطيه فلسفة الحب عبر العصور
والأزمنة , وعن قلب يعطيك لحظاتٍ من الحب لتعطي عمراً من الحب , فاذا ما وجدت ذلك القلب يوماً
فتمهل وتريث في أمرك وأعلن اجتماع الروح والعقل والجسد فإذا ما اتفقتم عليه , أخبرني بذلك لنذهب سوياً
ولنطرق أبواب الحب معاً ولنبحر في سفينة الحب معاً , وإياك أن ترجع إلى طفولتك البريئة فهي لا تصلح
للحب لأني سأضطر حينها إلى إرسال رسالة أخرى لك وسأكتب على عنوانها رسالة إلى قلبي
هذا وما الفضل إلا من الرحمن
بقلم............ياسر ميمو