زيارة سريعة
إخوتي أخواتي .. ابنائي الأعزاء ..
أتوجه إليكم . بل إلى كافة المبحرين في غياهب الإنترنت . من قراءٍ وكتاب ومتصحفين وعابرين .
لكم مني جميعاً كل الاحترام .
أعزائي الكرام .
بدايةً .. اسمحوا لي أن أبدأ معكم من منطلق المحاولة بالسمو والرفعة لكل من يلج ذلك الخضم الهادر من العلوم والمعرفة بشتى مناحيها متخذين من موضوع القراءة والكتابة مَعـبـراً لنا لنبدأ نقاشاً حثيثاً وشاملاً ناجعا ًلنصلح به مساراتنا الأدبية والعلمية متوخين بذلك تحقيق أكبر نفعٍ متبادل بين رواد هذا المنهل الذاخر بشتى العلوم المرتبطة بكافة مناحي الحياة .
إخوتي الكرام ..
إن الكتابة والقراءة ركيزة أساسية من ركائز كل الحضارات منذ فجر التاريخ . بل هي أفضل الفضائل الإنسانية . حيث كرمها وأكدها الله سبحانه وتعالى . فأعز بها الإسلام ونبيه محمد عليه أفضل الصلاة والسلام . فأوحى إليه بأول آيةٍ قرآنية . بل بأول كلمةٍ أوحيت إليه من السماء
(( اقرأ ))
ثم زادها تأكيداً حين قال :
بسم الله الرحمن الرحيم ( اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم ) .
أعزائي الأحبة ..
أليست هذه الآية الكريمة , صفعةً إلهية على وجوه كل من يتهمون الدين الإسلامي بأنه سبباً للتخلف والرجعية , أليسوا يناقضون أنفسهم إذا ما قارنا هذه الاتهامات . بما قاله أحد اللوردات في مجلس العموم البريطاني في بداية القرن العشرين . حين رفع نسخةً من القرآن الكريم .. فزأر ونـادى . في ذلك المجلس المشئوم . وقال . (
لا يمكن لنا أن نجتاح بلاد المسلمين مـا لم نباعد بينهم وبين هـذا ) مشيراً إلى المصحف الشريف الذي كان يرفعه بيده . بعد أن أشبع نفسه من هذا الكتاب العظيم , قراءةً وتمحيصاً.. فامتلأت نفسه , غيرةً وغلاً وحقداً . لِما رأى في ذلك الكتاب العظيم من عجائب العلم والتعاليم في شتى المناحي المادية والتشريعية والروحية ...
إن العلوم بكافة مشاربها مبنيةٌ على . ثـلا ث ...
الكتابة , والقراءة , والتجارب العلمية المستنبطة من تلك الكتابات والقراءات . ثم تدوين نتائجها كي لا تندثر . وتبقى مراجع تتداولها الأجيال المتعاقبة وتعمل على تطويرها . لأن مسيرة العلم لايمكن أن تتوقف ما دام الكون عامراً . ولا يمكن لهذا الكون أن يبقى عامراً إلا بقدرة الله عز وجل . وما علّمه للإنسان ما لم يعلم . لقوله تعالى (
وعلم الإنسان ما لم يعلم ) ..
إخوتي وأعزائي الكرام ..
ما هذه إلا مقـدمةٌ لما أردت أن أقوله لكم جميعاً .. ولتكن فاتحة نقاشٍ مثمر يردأ الصدع الذي كاد أن يكون شرخاً بين ما يكتب ويقرأ وبين ما هو علم يراد منه النفع والخير والفضيلة والنتاج العلمي الزاخر بالفائدة العلمية والنفسية والروحية وحتى الاجتماعية . حيث الروابط الإنسانية التي تنعقد من خلال تلك الصفحات الإلكترونية المشبعة لكل الأطياف والشرائح الاجتماعية السابحة في خضمها .
أصدقائي الكرام ...
لا ضير في أن يكتب أحدنـا أو يقرأ مـا يشاء وأن يخوض في بحور ومناقب العلوم الإنسانية . الفلسفية منها و العلمية والاقتصادية والسياسية . وحتى السيكولوجية منها , لأن البحث في الأمور الجنسية ليست عيباً أو حراماً كما يعتقد البعض . فالبحوث التشريعية الإسلامية أثـْرَت هذا المجال وخاضت خوضاً علمياً معـمقاً فيه .
بعد هذا الإبحار الطويل , يحط الباحث أو المستكشف رحاله في واحاتٍ غناء قد نمت على شواطئ تلك البحور الثقافية ليتفيأ بظلالها وينهل من ينابيعها العـذبة مـا يروي ظمأه العلمي والأدبي ليكون له بلسماً وترياقاً يريح نفسه التواقة للوصول إلى ثمرةٍ علميةٍ أو سلوان قلبٍ متيمٍ بحبيب أو راحة ضمير تجاه معضلةٍ نفسيةٍ أو اجتماعية .
لكن ما نصبوا إليه هو أن ينحى كل منا ما يتناسب مع ملكاته العلمية والأدبية حين يقرأ أو يكتب أو يساجل في موضوع ما.
فإن لم يكن المناقش أو الناقد متمكناً وعلى دراية كافية وإلمام علمي بما يناقش به فليس عيباً عليه أن ينصت حتى يُذخر نفسه من ذوي العلم وأهل الذكر لقوله تعالى (
بسم الله الرحمن الرحيم : فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) .
فإن ما دعاني للكتابة والبحث في هذا الأمر . هو ما رأيته وقرأته على صفحات النت . ولتكن بدايتنا من الواحة .
فبعد ما ولجت متاهاتها وتصحفت صُحيفاتها الالكترونية وتبحرت بعباراتها ودققت كلماتها . تبين لي أن المرء لا يلج بوابة لا يدري ما خلفها ولا يحمل على كاهله مالا طاقة له به (
لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) . فإن لم يكن متمكناً من الكتابة في مجالٍ ما , فلما يحـشـر نفسـه في هذه الضائقة . وهو لا يجيد التعبير أو الصرف والنحو بل حتى أنه لا يجيد إملاء الـ . الف . باء .
أنا لست هنا ضد من يحاول الكتابة ولكن على غير المتمكن أن يمارس الكتابة على مسودةٍ قرطاسية ويزيد من مطالعاته ومحاولاته حتى يرى نفسه قد أصبح على الأقل ملماً بأبجدية الكتابة والقراءة والإملاء الصحيح حينها . ليتفضل ويدخل إلى منتديات الإنترنت ويتحفنا بكنوزه البراقة .
كما وجدت البعض من الإخوة وهم
((
يسرقون
))
عذراً على هذه الكلمة لأنهم لا يقتبسون لأن الاقتباس يجب أن يشار إليه . المهم أنهم يسرقون بعض كتابات الآخرين ليعيدوا نشرها بعناوين أخرى . وهنا لا يقومون بالسرقة فقط , بل يقومون بالاستهتار واستغباء الآخرين من رواد النت واعتقد أن هذا الفعل دنيء للغاية .
و رأيت البعض الذين يكتبون الخواطر لمجرد أنهم يكتبون... فهي تفتقر تماماً لأي موضوع . ؟ إلا موضوع الحب والعشق والغرام . ولا ضير في ذلك . إلا أنني ما أراه في كتابات البعض هو مجرد كلماتٍ رنانه متناثرة المصادر متراصة الطباعة . لا تمت بمعانيها المعجمية التعبيرية بأي صلةٍ , لا لأصل الموضوع , فحسب ؟ بل لأي توافقٍ بين كلمةٍ وأخرى . ؟
ملاحظة : إنني لاحظت أن الكثير من الإخوة والأخوات يقومون بالرد على الخواطر , مجاملةً .. وربما أحياناً دون قراءتها وإذا قراؤها فبدون تمعنٍ وفهمن لمضمونها . بل فقط لزيادة مشاركاتهم . وهذا أعتقد أنه عيبُ كبير من عيوب المشاركين ...
أعزائي بعد هذه الجولة السريعة ، والإحاطة ببعض موارد الفكر ، وتغطية مسالك الغاية المستهدفة لتبصير المتلقي من الوصول إلى أرقى ما تتوق له نفسه ، وتنسجم مع تطلعاته من زيارة هذه الصفحات .