|
صَلْبُ الحَشَى مِـنْ قَسْوَةٍ قَـد لانَا |
وَالدَّمْعُ سَـالَ لِحَالِهِمْ وِدْيَانَــا |
وَالعَيْنُ في رَمَـدٍ رَأَيْتُ مَصيرَهَــا |
والعَقْلُ في تِيـهٍ غَدَى سَكْرَانَــا |
وَالقَلْبُ مَسْفُـوكٌ بِخِنْجَرِ حُزْنِـهِ |
وَالنَّـايُ بَعْدَهُمُ نَسَى الأَلْحَانَــا |
وَالصَّمْتُ يَشْكُو عَجزَهُ وَصفَ البَلا |
وَالشِّعرُ يبكي أَنْ نَسَى الأَوْزانــا |
وَالنَّثرُ قَـدْ أَعْيَى يَرَاعَــاتِي سُدًى |
مَاكَانَ يُعْيِيـهَا سِوَى أَحْيانــا |
وَرَقٌ تَـلاشَى في لَهِيبِ خَـوَاطِرِي |
نَثْــرٌ تَوَقَّـدَ أَلْهَبَ النِّيرانــا |
وَتَثـاقَلَتْ خُطُـوَاتِ رِجْلِي مِثْلَمَا |
قَبْلَ المَسِير ِتُلاحـظُ الصِّبْيانــا |
وَتَذَكَّـرَ القَلبُ المُــرَزَّأُ لَيْلَــةً |
مَرَّتْ عَلَيَّ لِطُـولِهَـا أَزْمانــا |
في جُنْحِهَـا سَكـرَ الفُـؤَادُ بِدَمْعِهِ |
قُتِلَ الذي مِثْلِي غَدَى سَكْرانــا |
عَرَفَتْ نُجُومُ الكَوْنِ وَجْهِي حِينَهَـا |
وَاللَّيْلُ كَنَّـانِي بِهَـا السَّهْرانــا |
لَوْ كـانَتِ الخَنْسَـاءُ جَنْبِي يَوْمَهَا |
نَسِيَتْ أَخًا وَكَأَنَّــهُ مَا كانــا |
وَلأَنْشَدَتْ في حَـالَتِي ضِعْفَ الذي |
قَالَتْهُ تَبْكِي مَنْ كَوَى الفُرْسانــا |
صَخْرًا وَمَنْ ضَاهَى شُجُونًا في الوَرَى |
كَشُجُونِهَـا إِلاَّ الذي أَبْكانــا |
يَـا سَـائِلاً عَنْ دَمْعَتِي وَقَصِيدَتِي |
سَلْ صَاحِبًا جَنِْبي غَدَى نَشْوَانَــا |
مِنْ مَظْهَرٍ لِثَـلاَثَـةٍ مَـعَ أُمِّهِـمْ |
قَـدْ تَسْأَلُـونَ أَبُوهُمُ مَا بَانــا |
زَعَمُـوا عِيَـادَتَـهُ فَعَادُواْ بِالأَسَى |
يَسْقِي الزَّمَانُ نُفُوسَهَمْ أَحْزَانَــا |
قَـدْ كَـانَ أَصْغَرُهُمْ يَتُوقُ لِقُبْلَـةٍ |
شَـوْقُ المُحِبِّ فَقَبَّلَ الحِرْمَانــا |
يَتَصَـايَحُـونَ مُرَدِّدِيـنَ أَبِي أَبِي |
أَنَّــى لِمَيْتٍ أَنْ يُجِيبَ الآنــا |
صَارَتْ أَيَادِي الجَمْعِ تَحْضُنُ بُؤْسَهُمْ |
أُنْسًا بِهِمْ لِيُخَفِّفُـواْ الأشْجانــا |
يَا سَائِلي خَرِسَ اللِّسَـانٌُ فَلا تَسَلْ |
وَسَلِ الصَّبِيَّ وَحَـاذِرِ النِّيرانــا |
هَـذا اليَتيمُ هُـوَ الذي أَدْمَى الفَتَى |
وَاليُتْمُ يُبْكِي إخْـوَتِى الأوْثانــا |
وَاليُتـمُ فِيـهِ مَذَلَّـةٌ وَمَهَـانَــةٌ |
فَقَدَ اليتيمُ أبًــا لَـهُ وَحَنَانــا |
واليتمُ أعْبَــاءٌ بِأرضِ أَشِحَّــةٍ |
حَرَمُواْ اليتيمَ دُرَيْهِمًا قَدْ هَانــا |
واليتمُ إذْلالٌ بِــأرضِ أَخِسَّــةٍ |
ذاقَ اليتيمُ بِهَـا الأسَى ألْوانــا |
يـا قـاهِـرًا طَيْرًا بِغَيْرِ جَنَاحِـهِ |
هَـلاَّ قَهَرْتَ بِظُلْمِكَ العُقْبَانــا |
لَوْ كُنْتَ ذَا عَقْلٍ لَكُنْتَ جَنـاحَـهُ |
تَصْلَى بِذَا الكَرَمِ الجَنَاحُ جِنَانَــا |
إِنَّ اليتيــمَ لَنِعْمَــةٌ أَبَدِيَّــةٌ |
فَارْحَمْهُ يَا صَاحٍ تَنَلْ رِضْوانــا |
نَهْـرٌ يَتيـمُ القَومِ يَسْقِي حَوافَـهُ |
كُنْ حافَتاهُ وَلا تَمُتْ عَطْشانــا |
إنِّي عَجِبْتُ وَلا أَزَال بِحَيْـــرَةٍ |
كَيْفَ الغَنِيُّ تَجَاهَلَ الرَّحْمانــا |
ضَمِنَ الإلَـــهُ لِمُنْفِقٍ جَنَّاتِــهِ |
فَاخْتَارَ هَذَا الأحْمَقُ الخُسْرَانَــا |
يَـا مَعْشَرَ البُخَلاءِ كَيْفَ جَـوَابكُمْ |
يَوْمَ السُّؤَالِ وَكُلُّكُمْ قَـدْ خَانــا |
لا تَحْسَبواْ الإنفـاقَ يُفقِرُ أَهْلَــهُ |
ماضاعَ دينـارٌ كَسى العُرْيانــا |
لَوْ كــانَ إنفـاقُ الدَّراهمِ مُفْقِرًا |
فَقِرَتْ بِلادٌ قـادَتِ الإنْسَانــا |
تَرْبُـو الدَّراهمُ بِالزَّكـاةِ كَمَا رَبَى |
مَالُ الصَّحـابَةِ وَلْتَسَلْ عُثْمَانــا |
يَــا كَافِلاً لِيَتِيمِنَا أَبْشِرْ غَــدًا |
تَلْقَى المُهَيْمِنَ رَاضِيًـا فَرْحَانــا |
جَنَّــاتُ عَدْنٍ قَدْ أَعَـدَّ لِكَـافِلٍ |
وَعْدُ الإلَـهِ وَوَعْدَهُ قَدْ صَانَــا |
لا يُخْلِفُ الرَّحْمَنُ وَعْدًا قَـالَــهُ |
لَكِنْ يُثَقِّـلُ بِالرِّضَى الأوْزانــا |
وَيُضَاعِفُ الحَسَنَاتِ أَضْعَافًـا لَنَـا |
وَيَتُوبُ عَنْ مَنْ يَطْلُبُ الغُفْرانــا |