|
بالله قل لي يا ( ابن خلــدون) متى |
كنا بأندلس الهدى غربـــاءَ ؟! |
نُدْعَى إليــــها كالغريب لفترةٍ |
محدودةٍ معلومـــــة يتراءى |
فيها لماضينــــــا القديم تَمَيُّزٌ |
يختال يصدر نحونا الإيمـــــاءَ |
يا أيها القوم الذيـــــن تأثروا |
بالفقد كنتم هاهنــــا العظماءَ |
فلم الرحيـــل عن الجمال تركتمُ |
حين ارتحلتم جنة خضــــراءَ |
تحوي بأندلس الملاحــــة موطنا |
عذبا .. هجرتم روضـــة غَنَّاءَ |
مرَّت عقــــودٌ لا يزال بريقها |
فينا نواصل لوعة وبكـــــاءَ |
نبكي على الأطــلال كل صبيحة |
أيضا ونبكي بالدموع مســـاءَ |
لازال دمع العاشـــــقين بحرقة |
يجري يبلل هاهنـــــا الأنحاءَ |
يروي بـ(قرطبـة) الربوع مطـالعا |
فيها بحزنٍ قلعةً حمــــــراءَ |
حوت القصـــور وقد بنتها دولةٌ |
أمويةٌ قد ضمت الخلفـــــاءَ |
فيها تواصل ما تقـــــادم كلنا |
نرنو بفخر بينها الأمـــــراءَ |
من آل داخلها الأشــــم تمكنوا |
فيها وأرسوا للشـــموخ علاءَ |
عشنـــــا ثمانٍ من عقود هاهنا |
فيها انطلقنـــــا رفعة وبناءَ |
نبني نعمِّر كل شـــــيء إننا |
كنا بحق للورى العلمـــــاءَ |
يأتي إلينا الراغبـــــون لينهلوا |
منا العلوم ويأخذون ضيــــاءَ |
وليشهد التاريخ كيـــف وفودهم |
أمَّت لدينا للهـــــدى نبهاءَ |
منهم بعلم الإجتمــــاعِ معلمٌ |
سبق العقول وأخَّر الحكماءَ |
بالله قل لي يا (ابن خلــدون) متى |
قهر الصليبُ رجــــالها ونساءَ |
حتى استحلنا كلنا بســـــفائنٍ |
تجري تشــــق إلى البعيد الماءَ |
ومحاكم التفتيـــش هاج ببطشها |
حقدٌ دفينٌ ينشر الظلمـــــاءَ |
إن كنت ترقد بالكنـــانة تاركا |
فردوس روضات الجمــال خَوَاءَ |
فانعم بمرقدك الجليل بمصــــرنا |
ضمت بحب عالما قد جـــاءَ |
من أرض فردوس الحضــارة ناشرا |
فكرا تسامى ناصــــعا وضَّاءَ |
أنا لست أبكي في قصيـدي ما مضى |
بل لست أشكو لوعة وشـــقاءَ |
إني بقلبي لا أزال بأرضـــــها |
أغشى بروحي أرضـــها وفضاءَ |
وأطير في جو الســــماء محلقا |
أنساب فيها جائلا أرجــــاءَ |
أمضي بأصــــقاعٍ تَحَدَّتهم هنا |
حتى وإن طمســـوا بها الأسماءَ |
لازال سمت القاطنيـــن بعجمهم |
عربا وســــاءل بالعروق دماءَ |
ينبيك عن أصل الســـلالة هاهنا |
كانت لعرب تسكن الأحيـــاءَ |
عبروا مضيـــقا قد خطته قواربٌ |
فيها الأوائل رَسَّــــخُوا الإنماءَ |
يبنون بالفردوس أندلســــا لها |
حبٌّ يحرك بالقصيــــد غِنَاءَ |
أنا عاشق الفردوس شــاعره الذي |
لازال يعشق هاهنــــا الحسناءَ |
لازال يهفو للجميـــــلة ناظرا |
فيها يشـــــمّ مدائنا وهواءَ |
ويصوغ من هذا الهيام قصـــائدا |
حوت المحبة حاءها والبــــاءَ |
ستٌّ تمر من العقـــــود لموته |
سبحان من قَدَرَ الممــات قضاءَ |
مازال ذكــرك يا (بن خلدونٍ) هنا |
يدعون فيه الناس والرؤســــاءَ |
ولقد حضـرت الإحتفالَ مشاهدا |
مثل الجميـــــع حفاوة ولقاءَ |
ذكراك كانت مثل عنبر روضة |
بالمسك حفت جنة عصماءَ |
أنا لست أبكي فقد عالمنا الذي |
ملأ الوجود نجابة وذكاءَ |
بل دمع عيني مستمرا دائما |
يبكي رحيلا من هنا وفناءَ |
ويسح حزني في فلسطين التي |
أضحت لصهيون الهوى فيحاءَ |
ولشعبنا المقهور في أسر العدا |
سجنا وعيشا قاحلا وعناءَ |
طوبى لذكراك التي بشجونها |
هلَّت فكانت للشعوب نماءَ |
لتثور ثورتها تحطم قيدها |
جهرا وتنذر باللظى الأعداءَ |
وتعود عودة ثائر متشبث |
بالحق يأبى للخصوم ولاءَ |
سنعود للفردوس مهما زيفوا |
حقا وبثوا بالصفوف مراءَ |
فهي الحبيبة لا يزال بريقها |
بالحسن يهدى روحنا إهداءَ |
وهي الجميلة للربوع جمالها |
بالكون شع بصفوه الألاءَ |
بالله قل لي يا (بن خلـــدون) متى |
كنا جميـــــعا هاهنا غرباءَ ؟! |
لكنها الأقدار ! نرحل من هنا |
نُدْعى فنأتي نرقب الميساءَ ! |
سيظل علم الإجتماع معلقا |
بكَ يا بن فردوس مضى وتنائى !! |