أخانا الجليل شاعرنا القدير الدكتور سمير العمري
تحية قلبية لهذا التحليق في آفاق شعر التفعيلة في هذه القصيدة التي جاءت على درجة سامقة من الإفادة من إمكانات شعر التفعيلة،واستثمار طاقاته.
وقد جاء الرمز هنا مصورا موفقا في قلب القصيدة حيث جاء مناسبا للبداية الشبيهة بالطوفان ، وتمهيدا لرجاء الشاعر بالانتصارعلى الظلم وكأنه استحضار ضمني لقوله تعالى : "فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (سورة القمر: 10)
فنهض الرمز (عبارةً وإشارةً أو تصريحا وتلميحا) بوظيفته في تشكيل القصيدة وبنائها بناءً جماليا ودلاليا، ولم يجئ مجرد حلية جمالية !
بل ليجسد المشهد ثريا عن طريق تعدد طبقات الصوت : بين الشدة كما في
"صَفِّقِي يا روحُ
ثُوري
وازأرِي كالليثِ فِي الغاباتِ "
فهو هنا صوت رهيب صارخ كما تدل ظلال الفعل :"صفقي" ودلالة الفعل "ازأري" بما يوحي بالرهبة، والجلال
ثم ينحو منحى الجمال حيث نسمعه
"كالأطيارِ
تشدُو الحبَّ في دوحٍ صدوحْ"
وكما تعددت طبقات الصوت في رسم المشهد حيا متدفقا، يأتي دور الحركة متراوحة كذلك بين التحليق الخارجي في الأفق مع الأفلاك والأطياف
والتحليق في الذات مع مشاعر العز والإيمان
كما أثرى المشهد هذه المفارقة بين ضجيج ليل الواقع وارتقاب إشراق شمس الأمل
ولم يكتف شاعرنا بتصوير المشهد بل جعلنا نطالع من خلاله رموزا فرعية تتصارع بينها صراعا فنيا مثيرا
أعاصير و ريح - طوفان آخر داخل قلب الشاعر - خيل جموح في مهجته .
مما جلى المشهد أمامنا حيا مثيرا
هذا من حيث التصوير
أما من حيث التعبير
فقد وقفت بإعجاب ودهشة عند القلب البلاغي هنا:
قدْ ملَّتِ النفسَ الْجروحْ
حيث جعل الشاعر "الجروح" فاعلا ، و"النفس" مفعولا ، فصارت الجروح هي التي تمل النفس والأصل أن النفس هي التي تمل، ولكن الشاعر رسم لنا صورة جديدة مبتكرة عن طريق تبادل الوظائف النحوية بمهارة للدلالة على المبالغة الشعورية.
على أنني أرجو من شاعرنا الحبيب النظر في استخدام الفعل : في قوله "لا ترضخِي ".
إذا كان أراده بمعنى :لا تذعني
لأنه لم يَردْ بهذا المعنى في المعاجم ولكن جاء بمعان أخر لا أراها مناسبة للسياق الشعري هنا.
كما أرجو أن يسمح لي الشاعر القدير والناقد الكبير الأستاذ أيمن اللبدي بأن أقول إنني لم ألحظ أي خللٍ في البناء الوزني هنا ، كما أني لم أر في الدخول في التدوير أية مشكلة، على القصيدة تلافيها.
ودمت يا شاعرنا القدير بكل الخير والجلال والجمال
أخوك : مصطفى