|
سِيَّانِ مَا تَنْهَبُ الدُّنْيَا وَمَا تَهَبُ |
كِلاهُمَا مِنْ مَعِينِ الضِّدِّ يَنْقَلِبُ |
هَذَا بِبَعْضِ كَفَافِ العَيشِ مُغْتَبِطٌ |
وَذَاكَ يَرْفُلُ فٍي النُّعْمَى وَيَنْتَحِبُ |
فِيمَ التَّعَلُّل بِالأَسْبَابِ فِي أُمَمٍ |
تَعَاقَرُوا الرَّيْبَ فِي الأَلْبَابِ وَاضْطَرَبُوا |
وَمَا يُفِيدُ حَكِيمٌ قَالَ مَوْعِظَةً |
فِي تُرَّهَاتِ زَمَانٍ كُلُّهُ عَجَبُ |
لا النَّاسُ فِيهِ فُلُولَ العَدْلِ رَاعِيَةً |
وَلا القِيَاسُ ضُرُوعَ العَقْلِ يَحْتَلِبُ |
وَلِلحَيَاةِ مَقَالِيدٌ مَتَى انْتُهِكَتْ |
وَلَّتْ عُهُودُ الهُدَى وَاشْتَدَّتِ الرِيَبُ |
وَالمَرْءُ يَغْرسُ مَا يَخْتَارُ مِنْ قَدَرٍ |
فَيَرْفَعُ الرَّأْسَ حِينَ الحَصْدِ أَوْ يَئِبُ |
يَا صَاحِبَ الطَلْعَةِ الغَرَّاءَ تَغْرِفُ مِنْ |
عِطْرِ الخُزَامَى الذِي فِي الرُّوحِ يَنْسَكِبُ |
يَا شَاعِرًا أَسْرَجَ الإِحْسَاسَ فَانْتَظَمَتْ |
قَوَافِلُ الحَمْدِ تُهْدِي بَعْضَ مَا يَجِبُ |
لَكَمْ نَثَرْتَ سَجَايَا حِكْمَةٍ شَهِدَتْ |
بِأَنَّهَا لِلنَّدَى وَالبِرِّ تَنْتَسِبُ |
وَكَمْ صَبَبْتَ حُرُوفَ النُّورِ فِي قُلَلِ |
بِهَا تَجَلَّتْ مَعَانٍ وَانْجَلَتْ حُجُبُ |
مِنْ أَينَ أَجْمَعُ إِكْلِيلَ المُنَى نَسَقًا |
وَأَنْتَ فِي الدَّهْرِ إِكْلِيلٌ لِمَنْ حَسُبُوا |
وَمَا أَقُولُ وَقَدْ أَخْجَلْتَ نَحْلَ فَمِي |
فَلَيسَ ثَمَّةَ إِلا الصَّمْتُ وَالصَّخَبُ |
فَخُذْ مِنَ النَّدِّ مَا يَصْفُو بِهِ كَدَرٌ |
وَخُذْ مِنَ الوُدِّ مَا يَنْأَى وَيَقْتَرِبُ |
وَدَعْ سَفَاهَةَ أَغْرَارٍ بُلِيتُ بِهِمْ |
فَإِنَّهُمْ مِنْ سَرَابِ المَينِ قَدْ شَرِبُوا |
ظَنُّوا التَّطَاوُلَ مَنْجَاةً وَلاحَ لَهُمْ |
فِي قَبْوِ سَهْوِي الذِي خَالُوهُ يُحْتَطَبُ |
مَا انْفَكَّ يَسْعَى بِوَادِي البَهْتِ غَيْظُهُمُ |
كَأَنَّمَا الغَدْرُ أُمٌّ وَالخِدَاعُ أَبُ |
إِنِّي أَنَا النَّجْمُ مَا كَادَوا وَمَا مَكَرُوا |
أَسْمُو إِلَى الفَضْلِ حَتَّى كِدْتُ أَحْتَجِبُ |
لَولا بَقِيَّةُ أَخْلاقٍ أَلُوذُ بِهَا |
لقُمْتُ أَكْشِفُ بِالحَقِّ الذِي ارْتَكَبُوا |
مَهْ يِا لِسَانُ وَجُدْ بِالعَفْوِ وَادْعُ لَهُمْ |
وَدُمْ كَمَا أَنْتَ لا يُسْرِفْ بِكَ الغَضَبُ |
هَلْ تُقْلَعُ العَيْنُ إِنْ شَابَ الجُفُوْنَ قَذَى |
أَو يُقْطَعُ الرَّأْسُ إِنْ مَا عَقَّهُ الذَّنَبُ |
هَيَ النُّفُوسُ فَمِنْهَا النَّحْلُ عَامِلَةً |
مِنْهَا الذُّبَابُ وَمِنْهَا التِّبْرُ وَالتُرَبُ |
وَهْيَ الرُّؤُوسُ فَمِنْهَا فَارِغٌ صَلِفٌ |
بِلا حَيَاءٍ وَمِنْهَا العِلْمُ وَالأَدَبُ |
وَلَيسَ لِلمَرءِ إِلا الحلْمُ نَهْجَ تُقَى |
وَفُسْحَةٌ مِنْ نَقَاءٍ فِيهِ يَغْتَرِبُ |