أريد زوجة
كثير ممن يزورني زيارة ودية أو زيارة عمل في مكتبي أسمعه يقول تلك الجملة أما مازحا أو جادا وفي كل مرة تظهر علامات التعجب علي وجهي لأني أعلم أن جميع من يزورني هم رجال متزوجون وأنا علي معرفة ببعض أسرهم ، لكن حين يكون الشخص جادا وليس مازاحا ويبدأ في سرد شكواه أو رغبته في الزواج بزوجة ثانية يتملكني العجب ، وقد كان مجرد الحديث في هذا الموضوع قبل عدة اعوام يعتبر جرم قد يعاقب عليه من قبل زوجته ربما بعقوبة قد تصل للخلع ، ثم أتت الدراما التلفزيونية بالجديد والمثير بداية من عائلة الحاج متولي ومرورا بكل عمل سوق لظاهرة التعدد وكأن هناك إتفاق ضمني بين صناع الدراما من كتاب ومخرجين للتأسيس لهذا الفكر الذي كان فيما سبق من المحظورات ،
العجيب أن هذا الذي يصرح برغبته في الزواج تتكرر تصريحاتة العنترية وتمر شهورا وربما أعواما ولا أجد صدى لدعواه تلك علي الصعيد العملي بل هو تكرار كتكرار المجيب الآلي في بعض التيلفونات ، وفي كل مرة أمازح أحدهم بأن لدي عروس له أري عجبا فمنهم من يبدأ بوضع شروط تعجزية ليتمكن من الإفلات ومنهم من يشهر سيف عنتيريته ويجيبني بأنه علي غستعداد للتنفيذ فورا وهو يدرك تمام الإدراك أني امرزح وحسب ،والاغلب والأعم هم من يحولون الموضوع إلي مزاح ويثنون علي زوجاتهم ، ويثمنون العشرة والمودة التي كانت قبل لحظات هباء نثر من ذاكرتهم ،
لكن حين ننظر للأمر نظرة متعمقة نجد أن ما كان تابوا ممنوع الأقتراب منه والحديث فيه أصبح عاديا ومقبولا عند الكثيرين والكثيرات ولا أدري أهي الظروف تحكمت في صياغة رؤاي مختلفة أم هي الدراما والثقافة التي سادت فجعلت ما لم يكن مقبولا في السابق مقبولا الأن ، أو ربما هي عودة إلي الشرع وتحكيمه فيما يخص فقه المعاملات بين العباد وأنه ليس للعبد ان يحرم او يجرم شيء شرعة المولي عز وجل ، أو ربما كل ما سبق مجتمعا ساهم في تلك الصياغة الجديدة ووضع مسلمات رائدة في هذا المجال ،
وقد سمعت من نساء بل ومن بنات في مقتبل سن الشباب من تبدي موافقتها علي أن تكون زوجة ثانية شريطة أن يتقي الله فيها من يتزوجها ويكون قادرا علي تحقيق كل متطلباتها في حدود المعقول ، وحين تناقشت مع بعضهن وأثرت موضوع العنوسه وإنه ربما وراء هذا الهاجس تبين خطأ نظرتي فأكثرهن تقدم لهن اكثر من خاطب لكن في حال رجحان كفة المتزوج خلقا وقدرة ماديه فأنها تفضله علي رغم إرتباطه الاول ، عن شخص تخشي الأرتباط به ولا تطمئن نفسها إليه ، ما أريد قوله أن موضوع أن يكون المتقدم متزوجا لم يصبح عائقا طالما استوفت شروط أخري تراها اكثر الننساء جوهريه وهي الطيبة والحنان والأحساس بالأمان في معيته مع توافر التقوي والقدرة الماديه وألا يكون طاعنا في السن ،
وعلي النقيض أري الكثير من الرجال الأن يحجمون عن تنفيذ ما يتلفظ بعضهم به من رغبته في الزواج بأخري ، وقد يأتي مرد هذا من تبعات الحياة وصعوباتها التي باتت لا تقتصر علي الهم المادي بل أصبحت تعقيداتها وهمومها الكثيرة لا تسمح للرجل بفرصة تنفيذ ما يحلم به ، وقد يكون السبب ما يعانية البعض علي أيدي زوجاتهم وما يعيشه من هم ونكد قد يتواصل بسبب أو بدون هو دافع رئيس في عدم رغبته في تكرار تجربة قد تنجح وقد تلحق بسابقتها ، أي أن الأمر أنقلب وتغيرت المواقع ، وأصبحت عبارة أريد زوجة او بمعني أدق أريد زوجة ثانية لا تعدوا أن تكون تنفيسا من الرجل ليعبر بها عن حقوقة التي ربما يراها قد أهدرت علي مدار أعوام خلت ، ولا عزاء للرجال .
أشرف نبوي
صحفي وأديب عربي