قصة قصيرة ...
في لحظة زمنية ...
نفس تتنازع مع ذاتها ... ألام ومضايقات .. فيشهق منها شهقات تصاحب حرارة جسمه من الداخل .. والتي نشأت نتيجة تصادم جسمه بشظايا الحديد الحارق
أدرك ما حوله اقشعر جسده مما فيه كانت حقاً حرارة شديدة .. وما بين هذا الاحتراق وهذه النفس التواقه لمعرفة ما بها .. وهذا التشاجر مع الذات
فاعتقد أنه في داره الثاني بعد دار الدنيا .. فأخذ يفكر ما هو اخر ما عمله فلم يستطع التركيز ... حتى أنه لم ينطق بالشهادة !!
2
صوت صرخات متعاليه .. ودوي صاخب .. وهو ممدد على هذا السرير .. لا يفقه ما ذا حصل له سمع أصوات عديده .. أصوات استغاثه .. ربما!! أو ترانيم حزن ؟؟ لا يعرف أيضاً .. لا يعرف ما هي هذه اللغة التي يتكلمون بها ..
***
فتح عينيه أخيراً .. وهو مابين صحوة و غفوة .. فأول ما وقع عليه نظره هو الطبيب الذي كان مبتسماً .. ثم .. تلاشت هذه الابتسامة .. وتبعتها بضع كلمات كان يفهم مقصدها قبل خروجها من فم الطبيب ..
فنظر الى يديه .. فلقد بدأ الطبيب عمله بفك رباط يده .. وأخذ يسحب طبيب أخر من يده الأخرى مادة لا أعتقد أن دم الانسان يحتويها .. ففزع حين رأى يده اليمنى بعد أن فك الطبيب رباطها !! ما هذا هل الأطباء يعاونون أم يقتلون ؟؟
كتلة من لحم و كأنها احترقت بشيء ما .. ولماذا يحملوني ؟؟
تعالت صرخات أخرى وحملوه على سرير أخر وبدأو بالمسير إلى أين ؟؟
إنهم يخرجون من العيادة وأنا أتألم جداً .. فقد كان الألم يسري ابتداءاً من رقبتي حتى أخر ظهري !! ويدي ما بها .. إنها تؤلمني جداً جداً .. افقد صوابي بين حينة وأخرى .. وهؤلاء الأطباء الحمقاء أين يذهبون بي ؟؟؟ إنهم يتجهون إلى خارج المستشفى ؟!!
انتبهت أن سيارة إسعاف كانت متوقفة ؟؟ ها أنا الان أفهم ما حصل إنها مستشفى لم تستطع معالجتي فقرروا أن يأخذوني الى مستشفى اخرى !!
توقف السرير وأمتدت أيادي وانتشلتني إلى داخل السيارة ..!! والعجب أنهم كانو ينظرون بي حتى عندما أدخلوني إلى مؤخرة السيارة !!
أدخلوا في يدي إبرة .. وهناك ممرضة تسحب من فمي الأكسجين ؟؟ أهذا يعقل !!
وهناك أخرى تضغط على صدري بكل ثقلها .. لا بد أنها جريمة قتل ؟؟
يفكون عني الرباط أولاً ويحاولون قتلي الان ؟؟
3
ألا يستطيع الاسعاف أن يمشي إلا وهذا الصوت المزعج يصاحبه .. ولكن أيعقل أن يكونوا قد غيرو هذا الصوت ؟؟ نعم إنني أسمع أشياء غريبة لم أسمعها قبل ذلك .. أسمع ممرضة تقول لي شيئاً ثم تبتعد عني .. وأسمع صرخات عديدة يليها هدوء عجيب !! توقفت السيارة .. أو أعتقد انها توقفت فسمعت دوي شديد قبل فتح باب السيارة .. وتوقف الصوت المزعج الصادر من الاسعاف !!!
فتح الباب أخيراً .. وبكل سرعة توقف المجرمون اللذين كادوا يقتلونني داخل السيارة .. ونزلوا بي إلى منطقة غريبة يكثر بها الناس .!! ويلتفون بي من كل مكان .. ماذا يفعلون هؤلاء المجرمون أيودون أن يقتلوني في وسط الزحام ؟؟ وشعرت بأيدي تحملني من على السريرويضعوني على الأرض عرفت إلى أي مدى وصلت قسوة القلب عند الانسان .. والأعجب من ذلك أنهم تركوني وهربوا فلماذا لم يقتلوني ؟؟ لا أعرف ماذا يحصل لي في هذا الوقت ؟؟
وأرى رجل المرور واقف بجانبي وبيده جهاز كالذي نراه معهم عادة .. فيتكلم كلمات أحاول ترجمتها فلا أستطيع .. هل أنا أصم ؟؟ أم ماذا حصل للبشرية أصبحوا وكأنهم يتكلمون مثل رجال الفضاء !!
دنا رجل المرور مني و أخذ يتلعثم بكلمات لا أعرفها ثم توقف وأخذ يرجع إلى الوراء وكأنه يطمئنني على أن هناك أحداً بجانبي !! والأعجب من ذلك دخل سيارته بسرعة وذهب !! ما هذا ؟؟ الناس أيضاً بدأو يتلاشون قليلاً قليلاً !!
هل انتهى بي الحال إلى أن أصبحت بمفردي هنا .. ما هذه القسوة لا أكاد أستطيع التحرك .. فجسدي لا أشعر به أصلاً .. جاء إلي شابان لم أراهما من خلفي وحملوني !! ما هذه السخرية !! هل أصبحت ملعباً بين يدي الناس يحملونني كما يريدون .. ويضعونني كما يريدون .. أتجهوا بي سيراً إلى الخلف ..فبررت الموقف على أن وزني ثقيلاً بعض الشيء ..
4
أشكر الله هناك أناس طيبون في مخلوقاته .. إذ جاءوا وحملوني .. ربما أشفقوا عليا .. إذ أنا ممدد هناك وحدي فأرادوا أن يساعدونني .. فليباركهم الرب ..
ما زالوا يتمايلون بي يمينا ويساراً وأنا أتضور ألماً في نفس الموضعين اذ رأيت سيارة مرتطمة في منتصف المفرق الحجري على جسر هذه المدينة .. ويتطاير منها كومة من الدخان .. ماذا يحصل هنا انهم يدنون منها قليلا قليلاً .. أي طيبة هذه .. بل أي خبث هذا !! بل أي جريمة أبشع من هذه ؟؟ هل أرادوا أن يحرقونني أم يرمون بي إلى الوادي .. زعماً منهم أني مت في حادث مع هذه السيارة !! تباً لهم ليت ربي يلهمني القوة هنا لأرد لهؤلاء الناس ما فعلوا بي .. وصلنا الى السيارة وكأنها نزهة يأرجحون فيها جسدي رويداً رويداً .. فوضعوني بداخل تلك السيارة .. والنار من حولي .. ألا يعلمون أن لا يحرق بالنار الا رب النار .. تباً لهم لن أسامحهم .. أكاد أجن جسدي خائر لا حركة وفمي لا يستطيع البوح بأي شيء .. وتناثرت عليا شظايا الزجاج ..وألتحم حديد الباب الخلفي على ظهري .. ولمحت نفس الرجلان .. يحوطون بي الحديد الحارق من كل مكان .. فأيقنت ان نهايتي قد دنت ...
غفوت قليلاً والألم بي كما هو .. استيقظت قليلاً قليلا .. لأجد نفسي في دوامة لا أعرف كيف أصفها .. فكانت السيارة تنقلب تارة إلى اليمين .. وتارة الى اليسار
وأصبحت بداخلها أتشقلب رأساً على عقب وعقب على رأس !! وفجأة .. أنطفأت هذه النيران .. وإذا بشاحنة كبيرة قد دنت إلى سيارتي من الأمام !! ماذا هل هي سيارتي ؟؟ .. شفيت يدي تماماً ولم يعد يذكر أن ظهري يؤلمني .. فلم أعد أفهم شيئاً مما يجري سوى أنني الآن أفكر بأبي !!
لماذا رفع يده إلى السماء وأنا خارج من البيت هل أغضبته بشيء ؟؟ نعم فلقد أوقعت الأذى بأعز ما يملك .. وأنا ما زلت أخفف من سرعتي وغضبي أخذ يقل عن المستوى الذي قبله .. وكنت أمشي .. إلى الخلف رغم أني لا أرى خلفي لأني أعرف ما سوف يقابلني في الخلف دون أن أرى .. أفكاري تعددت .. لم أعد أتذكر إلا أمي التي كانت تصرخ حين خرجت من البيت ..
***
أصبحت أدنوا من البيت قليلاً قليلا والساعة أخذت بالتحرك إلى الخلف .. وصلت إلى البيت !! وقبل أن أقف سمعت دوران عجلات سيارتي .. حتى توقفت عند باب الفلة التي أقطنها .. سمعت صوت صرير باب السيارة قبل فتحه
خرجت دون أن أرى ما خلفي لأني أعرف أني سوف أدخل بيتي .. فسمعت دوي صراخ إخوتي قبل أن أدخل .. ولم أعد أراهم لأني أعرف أن أمي الان تبكي وتكاد تجن لأني سوف أترك البيت وأبي يصرخ علي لأن ابنه الأصغر قد وقع .. ويرفع يده ويدعو علي لأني كنت السبب الرئيسي في رمي أخي .. كما كانوا يقولون لي .. أخي كما أرى صاحب الثلاث سنوات .. ملقى من الدرج .. والدماء تملؤه .. ولم يحرك ساكناً سوى فيه للبكاء فقط ... وتكلم علي أبي كلمات كثيرة !! وشعرت بألم يده قبل أن تصل إلي ..
وكان جو بيتنا مربكاً فلم يهتم أحداً بأخي المرمى من الدرج .. أخذوا بتوبيخي
لأني كنت السبب وكان أبي طاعناً بالسن .. لذلك كان لديه وقت في ضربي ولا وقت لأخي الذي ملأ البيت بكاءاً ... غارقاً في دمائه .. أنا رميته من أعلى الدرج
لأنه الأخ المدلل في البيت الان وأنا لا شيء .. كل اللوم علي .. كل البغض علي
كل شيء على ثقلي !!...كان لي أخ لا أحبه أبداً .. أشترى لي أبي سيارة بعد نجاحي من المتوسطة كنت الابن المدلل عنده ..أبلغ من العمر 15 عاماً ... إسمي أسامه عبد الله ...