*** الـلـيـالــي ***
مهداة إلى صديقتي ، موناليزتي ، كما أحبّ أن أناديها .
كانَتْ ليلةً حزينَةً رَغمَ مُحَاوَلاتِ كُلٍّ مِنَّا مُرَاوَغَةَ سحابة الحُزن التي خَيَّمت عليها.
أحْيانا يَكون للحُزن و الألَم سُلطان يَقْهَرُ كلَّ بادِرَة فرح، و َيكْسِر كل مشروعِ ابْتسام،
و يَصْهَر كلَّ شعاعِ سَعادة ليُحوَّلهُ إلى نارٍ تلسعُ منْ يَقْتَرِبُ .
هكذا كانت ليلتُنا ،
تَـتـُوه فـيها الأبْـصار حائـرَة تَـبْـحَـثُ عـنْ مُـنْـقِـذٍ مـا في مَـكـانٍ مـا يَـلـتَـفِـتُ للـنـداء،
و يسمع الأَنينَ المخْتبئ خلْفَ الأزاهير.
كانتْ ليلتُنا كأَوراق الخَريف ، تَعزفُ لحْنَ الرَّحيل و تَسْقُط قتيلةَ آخر نوتَة،
فيُغَطِّيها غُبَار الفَقْدِ ، و تَدْفنُها أقدامُ الصَّمت بلا شفقة ، و تَكْتُبُ نَعْيَها ظِلالُ الأسى
بمِدَاد القُلوب.
كانت لـيـلـتـنـا ذكْـرى تَـتَـجَـدَّد ، و مُعـايـشـة لـماضٍ لـم تَهْرَم ملامحُه،
و ابْتهالاتُ قلبٍ كَسَرَتْهُ الفَجيعَة،
فناَح على دَمِهِ المَسْفُوح غدْرا ، و بَلَغَ تأوُّهـه عَنان السَّماء:
ربااااااااااااااااااااهُ أغِـثـنـي،
فقد أحْرَقَتْنِي سَنَواتُ الحـبِّ، و قَتَلَني عِشْق ذََبَحني منَ الوَريد إلى الوَريد.
أيُّها الآتُون إلى سهَراتِنا خُذوا حِذْرَكُم ، و لْتَعلموا قَبْل المَجيء أنَّ بها
قلوباً قد اسْتَوى عِنْدَهَا اللَّحْدُ معَ المَهْد ، و اتّحدَ فيهَا الحدُُّ معَ الحَدّ،
و تَطاولَ الشَّجَنُ فيها حتَّى غدَا دَفْقَ نبْضَِهَا ، و وَشْمًا على الخدّ.
و هذه ليلتُنا ، أنظروا فيها مَليّا ، إنَّها شَاحِبَة ، بِلَوْن السُّهَاد
و نَـحْـنُ فِـيها بِلَـوْنِ السَّهَـر.